Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Oct-2017

«كردستان» أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة ! - محمد كعوش

 الراي - قبل مئة عام، أو اكثر بقليل، عاشت اوروبا ربيعها الذي أنعش المسألة القومية، ولكن اليوم ارى ان هذهالمسألة دخلت في خريفها، لياخذها الحنين الى الثقافة والفكرة واللغة فتاخذ اهتمام الحاضر، أو انها

دخلت في شتائها وهو وقت سبات الحضارة والتردد في نضوج الفكرة، حيث تكون الأيام فيه مفتوحة
على الأفق والمستقبل الغامض الذي يقود الى الأشتباك في حرب هي الأزميل السيء لنحت الغد حسب
قول مارتن لوثر كينغ.
وبعد مائة عام، أو اكثر، يتردد العالم في قبول النهوض الثاني للمسألة القومية التي تحمل عدوى
تفكيك الدول والكيانات القائمة، لذلك يواجه مسعود برزاني وقتا عصيبا وصعبا، حيث وجد ان فكرته
محاصرة دوليا و»دولته الأفتراضية» محاصرة اقليميا، ولا اعتقد ان البرزاني لا يدرك هذا التحدي عندما اقدم
على اجراء الأستفتاء من اجل الانفصال عن الدولة العراقية، التي يتمتع فيها اقليم كردستان بكامل حقوقه، أي أكثر من حكم ذاتي
وأقل من دولة.
وعندما يتابع مسعود برزاني نشرات الأخبار الدولية في الفضائيات سيعرف لماذا رفض العالم تطبيق فكرته وتحقيق حلمه، ففي اسبانيا
على سبيل المثال يرى أن اقليم كاتالونيا اجرى ذات الإستفتاء الإنفصالي سعيا للانفصال واقامة الدولة الكاتالونية المستقلة، بحجة تميز
الثقافة واللغة والهوية القومية، وربما لو نجحت المحاولة في برشلونة سيتبع اقليم الباسك في الشمال خطواتها الإنفصالية لذات
الأسباب، وهذا يعني تفكيك المملكة الأسبانية التي كانت في زمن مضى امبراطورية كبرى.
الحقيقة ان الأمثلة كثيرة، فمعظم الدول تتكون من تعددية عرقية ودينية، لذلك لا يمكن السماح بتفكيك هذه الدول واعادة تشكيلها
على قاعدة عرقية أو طائفية، فهناك مقاطعة الألزاس واللورين في فرنسا ايضا، وهي المنطقة التي ضمها بسمارك الى المانيا في القرن
التاسع عشر، وقال جملته المشهورة : «ستراتسبورغ ستظل مدينة ألمانية الى الأبد» ، ولكن الألزاس واللورين عادت الى فرنسا بعد
الحرب العالمية الأولى، الى ان احتلتها جيوش هتلر مرة ثانية في بداية الحرب العالمية الثانية، لتعود لفرنسا في نهاية الحرب أيضا. وعلى
سيرة فرنسا يجب التذكير بمقاطعة كيبك في كندا والتي يتحدث سكانها اللغة الفرنسية ويعتزون بثقافتهم وهويتهم الفرنسية،
والتي زارها ديغول واطلق صرخته من هناك تحيا كيبك تحيا فرنسا ..
نستحضر التاريخ للأجابة على اسئلة الحاضر، ومن هذا المنطلق اعتقد ان مسعود برزاني يدرك تماما ان فكرة الأنفصال مرفوضة بكاملها،
فالأكراد في العراق أخذوا اكثر من حقوقهم ، فالى جانب الحكم الذاتي الكامل ، والأعتراف باللغة والثقافة والهوية ، لهم نشيدهم
وعلمهم وبرلمانهم وجيشهم وحكومتهم ، اضافة الى حصة في الحكم المركزي ببغداد ، لذلك يعرف العالم ان الأكراد لا يعانون من
الأضطهاد كأقلية في العراق ، أو أنهم بحاجة الى التعاطف والدعم وحل مشكلتهم المتمثلة بالمسألة الكردية ، وهم مكون مهم في
الدولة العراقية .
يبقى الظن ، اوالأعتقاد بان برزاني رمى هذه الصخرة الكبرى من علو شاهق في مياه العراق ، فاحدث هذه الهزة ، وخاطب غرائز الشارع
الكردي ، ليس لاقامة دولته المحاصرة سياسيا واقتصاديا وجغرافيا ، بل بهدف الحصول على المزيد من المكاسب الجغرافية والمالية من
الدولة الضعيفة المتهالكة ، فهو يسعى الى توسيع حدود الأقليم بضم جزء من الأراضي المتنازع حولها ، كما يريد المزيد من «المال
السايب» المنهوب في بغداد حسب شروطه ، واولها دفع رواتب البشمركة من خزينة الحكومة المركزية ، الى مكاسب اخرى يسعى الى
فرضها عبر المفاوضات مع الحكومة المستضعف