Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Dec-2019

عن تلوث المياه.. حتى في أميركا!*د. زيد حمزة

 الراي

قبل أقل من شهر كتبت عن حوار جرى على الإذاعة الأميركية المستقلة (ريل نيوز) مع رالف نادر وهو الأشهر في أميركا في الدفاع عن حقوق المستهلكين، وقبل أيام كنت استمع له من نفس الإذاعة يحاور خبيرا مائيا كبيراً كان يعمل في وزارة الصحة الأميركية واستقال في العام الماضي بسبب خلافه مع رؤسائه ليؤلف كتاباً جريئاً عن تهاونهم مع بعض البلديات في تطبيق الشروط الصارمة الملزمة بخلو المياه من أي تلوث بضغط اعضاء من الكونغرس أو تساهلهم مع بعض مصانع تعبئة مياه الشرب في عبوات بلاستيكية بعد ((تدخل)) رجال أعمال! وقد استفدت من الحوار بمعرفة مدى التقدم التكنولوجي في اكتشاف أنواع جديدة من الملوثات البيولوجية والكيماوية والبكترولوجية التي يمكن أن تتسرب إلى مياه الشرب لولا الرقابة الدورية المستمرة التي تقوم بها وزارة الصحة هناك كما عندنا وفي كل بلاد العالم، وضرورة اعادة النظر في معاييرها بهدف تحديثها والتشدد في تطبيقها حتى لا تؤدي لمرض أو تسمم مئات الآلوف من المواطنين دفعةً واحدة، وهو ما ذكّرني بما كاد يحدث عندنا ذات يوم من عام 1986 كما رويت في مذكراتي ((بين الطب والسياسية)): حين كنت وزيراً للصحة وانتقل التلوث من سد الملك طلال الذي تصب فيه المياه العادمة من خربة السمرا الى خزان يقع في ((زي)) إلى آخر يقع في تلاع العلي بعمان، ونشرتْ إحدى الصحف الأسبوعية خبراً يفيد بأن الناس أحسوا بطعم غريب ورائحة كريهة تصدر عن مياه الحنفيات، طلبت من الأمين العام للوزارة استقصاء الأمر، وتقديم تقرير عاجل حول المشكلة فوصلني في أقل من 24 ساعة يؤكد التلوث، ويوصي بوقف ضخ المياه فوراً، وحملته إلى رئيس الوزراء الذي دعا إلى جلسة لمجلس الوزراء حضرها مدير سلطة المياه ورئيس سلطة قناة الغور (وكانتا بالمناسبة مؤسستين مستقلتين!) فتبين أن بينهما خلافات ادارية وكل منهما يلقي اللوم على الآخر، وفي نهاية الاجتماع طلب الرئيس منهما تقديم استقالتيهما وقرر المجلس الموافقة على توصية وزارة الصحة بوقف ضخ المياه فوراً وعدم التكتم على ما حدث، رغم ان بعض الوزراء حاولوا تمييع القرار وعدم نشره خوفا على سمعتنا وعلى موسمنا السياحي!!
 
وبعد.. فليست المقارنة مع أميركا في هذا المجال سوى للتدليل على أهمية وزارة الصحة التي يسيء لها البعض وهي تقوم بوظيفتها العظيمة في درء الكوارث الصحية عن ملايين المواطنين بصمت ودون توقف على مدار الساعات الأربع والعشرين، وذلك بتطبيق مبادئ الرعاية الصحية الأولية، فتوفير المياه الصالحة للشرب واحد من هذه المبادئ التي يجهلونها المسيؤون حتى لو كان بعضهم من أصحاب المهن الطبية!