Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Nov-2018

ضعف تطبيق قانون الصحة العامة قتل بطيء لغير المدخنين - جمال اشتيوي

 الراي - هل يمكن محاكمة امرأة في بلادنا لأنها أنجبت طفلا مشوها ،أو تسببت بموت مفاجئ لوليدها ،إثر شراهتها في التدخين؟.وهل سيتم تصنيف موت الوليد على أنه جريمة قتل مع سبق الاصرار أم أنه قتل خطأ؟.

بالتأكيد سيغدو ذلك ضربا من الخيال، لأنه سؤال افتراضي يقود إلى قضية قد لا تقبل المحاكم النظر فيها على الرغم من وجودها في واقع حياتنا.
أمهات كثيرات يمارسن الإضرار بالأجنة بدرجات متفاوتة بسبب استمرارهن بالتدخين ،وهذا ليس زعما بل إنه يستند على حقائق علمية أثبتتها عشرات الدراسات المتخصصة التي تفيد أن للتدخين في شهور الحمل آثارا سلبية كبيرة ،وعلى الأم المدخنة توقع حدوث تشوه للجنين وعيوب خلقية أو أمراض سرطانية،أوضعف في حجمه أوموته بشكل مفاجئ ، أو تعرضه بعد الولادة لمشاكل في الجهاز التنفسي والربو والتهاب الشعب الهوائية(...).
إضرار الأم بطفلها أو الأب بأطفاله في مرحلة من مراحلهم العمرية وحرمانهم فلذات أكبادهم من بيئة عيش آمنة بعيدة عن أثر التدخين السلبي ،تأكيد واضح على أن إدمان التدخين قد ينتصر على مشاعر الأمومة والأبوة عند عدد غير قليل من الناس.
ولعل أخطر شيء في قضية إيذاء الأمهات والآباء لأطفالهم سواء أكانوا أجنة أو رضعا أو طلاب مدارس بالتدخين داخل المنازل أنه لا يوجد قانون يحمي هؤلاء الأبرياء من أثر التدخين السلبي ،وقد يستحيل أن يوجد قانون مستقبلا يستطيع منفذوه اقتحام جدران المنازل ومنع الآباء والأمهات من التدخين ،كما أن تلك الفئة لا تملك قدرة الاحتجاج ،كما لا يملك الرضيع أن يقول لوالديه :»أنتم تؤذونني بتدخينكما».
وعلى الرغم من أن غالبية المدخنين لا يتوانون عن التدخين داخل البيوت وخارجها ، إلا أن هناك طموحا لدى بعض المؤسسات الصحية كمؤسسة الحسين للسرطان بالحد من الظاهرة التي تستنزف صحة الأردنيين وأموالهم ،وهو ما تقره أرقام الإحصاءات العامة التي تشير إلى أن معدل إنفاق الأسرة الأردنية على التبغ والسجائر جاء في المرتبة الثانية بمبلغ 558 دينارا، بنسبة 6.7 بالمئة من مجمل الانفاق السنوي العام بينما ينخفض إنفاق الأسرة الأردنية على الصحة إلى 6.3 بالمئة.
طموح محاربة التدخين السلبي على غير المدخنين يستند على مبررات حقيقية ودوافع مهمة فالتدخين يستنزف أرواح المئات سنويا ،فهو يتسبب بوفاة 61 أردنيا كل أسبوع،وقد بلغت نسبة المتوفين في الأردن من مجمل الوفيات 12 بالمئة بسبب التدخين وفق مسح عام لدائرة الاحصاءات العامة نشرته مؤخرا.
انتشار التدخين في داخل الاماكن الخاصة كالبيوت والدواوين العشائرية قد يصعب ضبطه في ظل ضعف شعور كثير من المدخنين بالمسؤولية الاجتماعية ،لكن انتشاره في الأماكن العامة لا يعكس سوى ضعف الرقابة الحكومية وتغافلها عن تطبيق قانون الصحة العامة ،وعدم اكتراث بما يلحقه التدخين من ضرر بالغ بغير المدخنين يزيد بأضعاف عن الضرر الذي يلحقه بالمدخنين.
المدخنون سيستمرون في غيهم طالما تجاهلت الجهات الرسمية وخصوصا وزارة الصحة تطبيق القانون، ومارست سياسة غض النظر عن التدخين في المسشتفيات والمحاكم والجامعات والمدارس والمحاكم والمراكز الأمنية وغيرها من الأماكن العامة.
واقع الحال يؤكد أن هناك تراخيا رسميا في انفاذ قانون الصحة العامة رغم تفشي الظاهرة ،وتطبيق هزيل لا يرتقي للطموح بدليل أن الوزارة لم تنفذ سوى 755 جولة تفتيشية ،نتج عنها 188 مخالفة و475 إنذارا «فقط «منذ بداية العام ،بل ولم يجر تطبيق أي عقوبة حازمة «كالسجن «مثلا مع ان القانون نص على إمكانية تطبيقها كعقوبة وفقا لتعديلاته في عام 2017.
مخطىء من يعتقد أن المجتمعات تستقيم بسن القوانين وحدها ،فالقوانين الصارمة ستبقى عاجزة عن تحقيق الردع الكامل ما لم تبنَ على روافع ثقافية مجتمعية،تلتزم بها الشعوب ،ولذا هناك ضرورة كبرى في الاستمرار بحملات التوعية بأضرار التدخين والتدخين السلبي.
خلاصة الأمر انها معركة تنويرية وقانونية ،تنويرية تقودها المؤسسات المعنية بصحة الفرد حيث ترفع شعار الوعي في مواجهة الأضرار بصحة الآخرين،وقانونية تنفذها الجهات الرسمية باتخاذ جميع الإجراءات القانونية بحق منتهكي قانون الصحة العامة دون تراخ او غض للبصر عن الظاهرة .
ishttawi68@hotmail.com