Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Oct-2018

النواب بين قانونين - نبيل الغيشان

الراي -  احالت الحكومة مشروع قانون ضريبة الدخل ومشروع قانون الجرائم الالكترونية الى مجلس النواب دون أن تدقق في الحالة السياسية في البلاد والتي هي الأكثر سوءا ، فماذا يمكن ان تنجز الحكومة من المشروعين؟ طبعا لن تجد سوى الرفض او إعادة إنتاج التشدد الذي خبره الوزراء في جولاتهم في المحافظات والعاصمة.

تعرف الحكومة ومعها مجلس النواب حجم الرفض الشعبي لمشروع قانون ضريبة الدخل، وتعرف بان الشكل الذي سيخرج به القانون سيحدد مصير الحكومة ومصير مجلس النواب، لان أي نسخة منه ستخرج بدون تلبية مطالب الناس الذين اسقطوا الحكومة السابقة لا شك سيعيدهم للاحتجاج.
والناس في هذه الحالة لا يهمها رضا او غضب صندوق النقد الدولي، المهم ألا تسوء أحوالهم المعيشية تسوء أكثر مما هي عليه اليوم .
مجلس النواب لم يكن أمامه من خيار سوى استقبال مشروع القانون بثلاث ساعات من الخطابات الرافضة والمهددة، وتم تحويله الى لجنة الاقتصاد والاستثمار والتي بدأت فعلا بالاستماع الى شهادات القطاعات المختلفة حتى تصل الى قانون يحمل معادلة متوازنة تفيد الخزينة ولا تضر بالفئات الشعبية محدودة الدخل والطبقة الوسطى ويذهب باتجاه محاربة التهرب الضريبي.
الهدف اليوم واضح ويتمحور حول إيقاف الخراب الكبير الذي وقع على الاقتصاد الوطني والبحث عن موطئ قدم للانطلاق وبالتالي وقف الضرر على الطبقة الوسطى، وهذا لا يتأتى الا من خلال فلسفة جديدة تقوم على إنقاذ القطاع العام كهدف سياسي أولا قبل ان يكون هدفا اقتصاديا، لان الطبقة الوسطى هي احد أعمدة الاستقرار السياسي.
الحكومة اعتمدت خيار إصدار مشروع قانون للعفو العام من اجل ترطيب الأجواء مع الشارع ومن اجل حث الناس الى دفع ما عليهم من رسوم وضرائب متأخرة بعد إسقاط غرامات التأخير عنها.
ويبقى مشروع قانون الجرائم الالكترونية أيضا في مسار صعب نتيجة التعبئة الشعبية ضد التجاوزات الكثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي والذي انعكس تأييدا للعقوبات السالبة للحرية، ورأينا ان رئيس مجلس النواب قد اضطر للشكوى على 70 شخصا تم توقيف 27 شخصا منهم.
وطبعا لا اعتراض على ضرورة احترام مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي او الصحفيين للحياة الشخصية لعامة الناس وعدم الإساءة لهم، ولا ضير من وضع عقوبات على المتجاوزين لكن يجب عدم المساس بالحريات العامة ويجب احترام حرية الرأي والتعبير وفي المقابل الحفاظ على السلم الاجتماعي.
ليس كل ما جاء في مشروع قانون الجرائم الالكترونية سيئا بل ان هناك تعديلات مهمة وخاصة ما يتعلق بالنساء والأطفال وأصحاب الحاجات الخاصة وكذلك عمليات التخريب والتزوير والشطب والإضافة المتعمد على الشبكة العنكبوتية.
لكن الخلاف الأكبر في القانون يأتي على وجود عقوبة السجن في وقائع الذم والقدح والتحقير، والحل هنا بسيط، فالصحفيون الأردنيون لا يعانون أصلا من السجن بقرار قطعي والمعروف ان القضاء المدني الأردني لم يسبق وان اصدر قرارا بحبس صحفي بل ان المعاناة الحقيقية هي من قرارات التوقيف على ذمة القضية والذي يصبح بحد ذاته عقوبة.
المطلوب هنا النص بكل وضوح على عدم جواز التوقيف في الجرائم المرتكبة بواسطة وسائل الإعلام بما فيها التواصل الاجتماعي، والاكتفاء بعقوبة السجن في حالة صدر قرار قطعي بذلك، وإذا أردنا خطوة متقدمة، يجب ان نشطب العقوبات السالبة للحريات في مشروع القانون وان نكتفي بالتعويض المدني للمتضرر فمن يتعرض للأذى فليحصل على 50 الف دينار تعويضا، وهذه عقوبة مؤلمة ورادعة وكافية.
nabeelghishan@gmail.com