Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Dec-2019

مسافات

 الدستور-نور أحمد

تعلمنا منذ الصغر بأن الماء يغطي الجزء الأكبر من الأرض مقارنة باليابسة وهو سر الحياة، وأن الأراضي المرتفعة عن مستوى سطح البحر ليست الا جزءاً واحداً، تجزأ بفعل انفعالات الأرض الداخلية نتيجة الأحتباس الحراري والأنفجار الهائل لمكنونات أعماقها وتقلبات غلافها الغازي مولدة بذلك القطبين المختلفين ومدى تفاوت الليل والنهار وتعامد الشمس وميول القمر من بلد لآخر عبر القارات والمحيطات، وهي بذلك متماسكة.
«خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ» فهو أبن الأرض منها خُلق وكما خُلق إليها يعود، أن الأُلفة بين الناس بتجاذب الميول النفسية والفكرية وصداقاتهم ما هي الا تماسك ذلك التراب، وغالباً ما نجد ألفة بين صديقين مختلفين تماماً في الصفات لدرجة التضاد لكن أُلفتهما تفوق الوصف والأُنس بينهما لا تحده حدوه ولا تفصله مسافات رغم دوران الشمس واختلاف الليل والنهار في جانبي الأرض، تبقى النفوس تألف بعضها بتماسك لا تفسير له.
وكثيراً ما كانت البنية النفسية والنزعة الإنسانية منذ أقدم العصور محط أهتمام الدارسين الباحثين والعلماء و جد جهدهم لفهم الذات البشرية وكيفية تكوينها بمحاولات فك شيفراتها المعقدة وفهم نفس الإنسان التي ليس له فيها من سبيل ولا يدري ما النفس.
كلٌ يسعى للكمال النفسي والجمال ولا شيء يرفع الانسان درجات سوى تقواه وحسن عمله.
فنحن كالأرض، متماسكة ومستقرة رغم جريان الشمس لمستقرها ومهما بدت الأعاصير والأنفجارات الهائلة داخل الأرض وخارجها الا أنها لا تفقد كينونتها ولا تفقد تماسك وحدتها رغم مايعتريها وما يضربها من زلازل وبراكين وغليان حتى في أقصى قطبها.
الإنسان يبقى إنساناً مهما أبتعد ومهما عصف به الزمن من قسوة وحرمان وضعف ونجاح وفشل، لا شيء يشوب إنسانية الفرد سوى نزعته الذاتية ودرجة ميله للخير أو الشر ومدى توافقه مع أخيه الإنسان بأختلاف و المسافات وخفايا النبض والكلمات، وحفظ الذات والنفس بما قدر الله وأنزل بالعدل وسعادة الانسان تقاس بمدى تعلق فؤاده بخالقه.
وما ألطف امتزاج التراب والماء رغم الاختلاف!!، دوماً معاً مهما طالت المسافات وبعدت الخطوات.