Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Oct-2019

“أنا من قتل زوجك” جانب من التعذيب النفسي لمحققين مع فلسطينيات

 الغد-هآرتس

 
بقلم: عميره هاس 7/10/2019
في احد ايام تحقيقات الشباك التي مرت في تموز 2018، دينا كرمي من الخليل شعرت مرتين أنها تفقد الوعي. “في المرة الاولى نقلت للفحص لدى الطبيب، الذي بحسبها قال للمحققين بأنها أقوى منه، لذلك تمت إعادتها الى التحقيق”. هذا ما كتب في الشكوى التي قدمتها باسمها اللجنة العامة ضد التعذيب في اسرائيل للمستشار القانوني للحكومة افيحاي مندلبليت. في المرة الثانية استيقظت المشتكية بعد أن سكبوا عليها المياه الباردة. وقد اخذت الى العيادة وهي مبللة، ومتعبة جدا وترتجف. وحسب قولها الطبيب اعطاها حبة مهدئة واعادها مرة اخرى الى التحقيق الذي استمر ساعتين.
هذا الوصف يظهر في بند من الـ 31 بندا التي تفصل طريقة واساليب التحقيق التي مرت بها كرمي، كما تمت الاشارة في الشكوى التي ارسلت نسخة منها ايضا الى هينو ربيع من وحدة فحص الشكاوى مع المحقق معهم في وزارة العدل. الشكوى ارسلت ايضا الى النيابة العسكرية والوحدة القطرية للتحقيق مع السجانين بسبب طبيعة الاعتقال من قبل الجنود وتعامل السجانين معها. حسب الشكوى، ايضا في التحقيق الذي أجري معها من قبل المحقق دوف شعرت عدة مرات بأنها تفقد الوعي، لكن دوف كان يصرخ عليها بصوت مرتفع حتى تستيقط. وهي لم ترسل للفحص في العيادة، كُتب.
كرمي (40 سنة) اعتقلت في 2 تموز (يونيو) 2018. وقبل ذلك تم اعتقال امرأتين تم ربطهما بها. في 5 حزيران (يوليو) اعتقلت سوزان العويوي (41 سنة)، عضو مجلس في بلدية الخليل. وفي 18 من ذات الشهر اعتقلت صفاء أبو سنينة (38 سنة). أما لما خاطر والتي قالت “هآرتس” الجمعة الماضي أنها المرأة الرابعة التي اعتقلت.
لقد نسبت للنساء الاربع العضوية في لجنة نسوية تابعة لحماس، أسستها كرمي في 2010، ونقلهن فورا الى تحقيق الشباك في سجن شكما في عسقلان. بعد ذلك، اثناء الاعتقال قدمت النساء الاربعة شهادات عن تعذيبهن للمحامية علا شتيوي في اللجنة ضد التعذيب، من اجل أن يتم صياغتها في الشكاوى (بسبب سوء فهم، شهادة خاطر لم يتم صياغتها في شكوى ولم ترسل بعد الى السلطات).
من الشهادات يتبين أن هؤلاء النساء نقلن الى التحقيق بعد اعتقال مهين ومؤلم. فورا عند الاعتقال تم تكبيل العويوي بالقيود البلاستيكية لمدة 24 ساعة ونقلت من مكان اعتقال الى آخر وهي جالسة على ارضية الجيب العسكري ومعصوبة العيون. ايضا كرمي وأبو اسنينة تم تقييدهما عند الاعتقال، وتم منع كرمي من ابقاء الحجاب على وجهها. مرتين في الصباح نفذت المجندات عملية تفتيش جسدي للنساء الثلاث وهن عاريات. كلاب رافقت المجندة التي قامت بعملية التفتيش الجسدي لكرمي الذي جرى في بيتها. فقط خاطر، كما يتبين من شهادتها للصحيفة لم يتم تقييدها فور اعتقالها ولم يطلب منها خلع ملابسها اثناء التفتيش. وقد قالت إن الساعات التي قضتها في غرفة الانتظار في سيارة النقل كانت قاسية بشكل خاص.
في نهاية المطاف تم اعتقال سبعة نساء في اطار هذه التهمة. ربيع، ممثل لجنة فحص شكاوى المحقق معهم التقى في السجن مع المشتكيات الثلاث. في نهاية شهر آب (أغسطس) 2018 نشر الشباك بيانا دراماتيكيا ادعى فيه أنه تم كشف بنية تحتية واسعة لحماس تضم نساء. وتلقي توجيهات من قيادة حماس وتمويل لنشاطات ارهابية.
صراخ وإهانة
النساء السبع اللواتي تم اطلاق سراحهن بعد قضاء 10 – 12 شهر في السجن في اطار صفقات ادعاء، اقل من فترة السجن التي طلبتها النيابة في البداية (20 – 24 شهرا). وقد قال محامون من المحكمة العسكرية بأن فترة اعتقال كهذه هي قصيرة وتدلل على مخالفات غير خطيرة حتى حسب معايير الجهاز العسكري الاسرائيلي: نشاطات اجتماعية ودينية في اطار حماس، تنظيم مظاهرات ومشاركة فيها، فتح صفحة في الفيس بوك، توزيع كتب صلاة وزيارة عائلات السجناء.
القضاة العسكريون الذين صادقوا على الصفقات بين النيابة والدفاع كتبوا بأنه تم الاخذ في الحسبان “وجود صعوبة في البينات تتعلق بموضوع التمويل الذي تم استلامه ومصدره”. اثناء اعتقال العويوي لم يكن شك بوجود نشاطات عسكرية بذاتها، التي تعرض حياة احد للخطر على المستوى الآني، ايضا النساء اللواتي اعتقلن في اعقاب التحقيق معها تم التحقيق معهن عن نشاطات اجتماعية ومدنية في اطار حماس.
شهادات النساء مثلما صيغت في الشكاوى تفصل قساوة الظروف في كل يوم. “التحقيق ازداد قسوة مع مرور كل يوم”، كتب في الشكوى التي قدمتها كرمي. “في البداية تم التحقيق مع المشتكية من قبل المحقق آندي، لكن محققين آخرين دخلوا الى الغرفة وخرجوا منها بذريعة أنهم يريدون التعرف على زوجة الشهيد نشأت الكرمي (حسب الشباك، زوج الكرمي نفذ عملية اطلاق نار في بيت حغاي في 2010 وقتل اربعة اشخاص واصاب شخصين آخرين في عملية اخرى. وبعد حصار اطلقت النار عليه من قبل قوات الجيش الاسرائيلي). ساعات التحقيق زادت مع مرور الوقت، وهكذا ايضا شدة التحقيق. المحققون هددوا بتهديدات مختلفة منها أنها ستبقى هناك الى الأبد، ولن تعود الى البيت وستحصل على عقوبة قاسية. بعد ثلاثة ايام من التحقيق، المحقق آندي استبدل بالمحقق هارون الذي اصبح المسؤول عن التحقيق. المحقق هارون استخدم الصراخ والاهانة ضد المشتكية وزوجها”.
من شكاوى النساء الثلاث، من شهادة خاطر يتبين نمط تحقيق مشابه. لقد منعن من النوم بطرق مختلفة، تحقيق مطول (17 ساعة في حالة كرمي، و20 ساعة في حالة خاطر)، أو اصوات ضجة مختلفة قرب الزنزانة التي احتجزت فيها بين فترات التحقيق، منها الضرب على الجدار، محادثات بصوت مرتفع بين السجانين والدخول الى الغرفة كل نصف ساعة – “من اجل السؤال اذا كان الوضع على ما يرام”، حسب شهادة كرمي التي قالت إنها “لم تنجح في اكمال ساعة نوم دون أن تستيقظ”. جميعهن تم احتجازهن وهن يجلسن لساعات طويلة وايديهن مكبلة للخلف. التحقيقات تضمنت ضراخ وتهديدات لهن ولابناء عائلاتهن، واحيانا ايضا اقوال واشارات ذات طابع جنسي واضح.
جميعهن تم احتجازهن بشكل انفرادي في زنزانة قذرة ونتنة خلال بضعة اسابيع. بعضهن تم نقلهن لعدة ايام الى زنزانة الظروف فيها اكثر فظاعة. في الشكوى التي قدمت باسم العويوي وصفت هكذا: “الزنزانة كانت معزولة، مضاءة وباردة جدا. وكان فيها فرشة رقيقة جدا وقذرة. من البطانية التي كانت مليئة بالغبار انطلقت روائح كريهة. مياه الشرب كانت صدئة وساخنة والحمام كانت حفرة في الغرفة انطلقت منها ايضا رائحة نتنة. التكييف البارد في الغرفة كان موجه مباشرة الى رأس المشتكية وهو الامر الذي جعلها تحول رأسها باتجاه ثقب المرحاض”.
العويوي اضطرت لزيارة الطبيب عندما كانت في الزنزانة. الطبيب تحدث معها من خلال الفتحة الموجودة في باب الغرفة، كتب في الشكوى، بعد ذلك تلقت مصادقة من المحقق (آندي) لنقلها الى العيادة، وهناك شخص بأنها “تعاني صعوبة في التكيف وخوف مع آلام في جميع الجسم وتنميل بالايدي والوجه. وبعد التشاور مع العاملة الاجتماعية وطبيب كبير، تلقت المشتكية نقط فالريان، ومع ذلك تمت التوصية باعادتها الى نفس الغرفة مع رقابة كل 20 – 30 دقيقة.
ايضا أبو اسنينة احتاجت الى رؤية الطبيب عدة مرات اثناء التحقيق. حسب قولها، ذات مرة سأل المحقق “لماذا تحضرونها كل يوم؟” ايضا هي تلقت مسكنات آلام واعيدت الى التحقيق. لقد شهدت بأن اقدامها قيدت بين حين وآخر اثناء التحقيق.
العويوي حقق معها خلال 27 يوما في جولتين. بعد 21 يوما نقلت الى سجن هشارون بسبب وضعها الصحي، واعيدت بعد سبعة ايام الى التحقيق. أبو اسنينة حقق معها 45 يوما، منها 35 يوما قضتها في العزل. في بداية التحقيق معها نقلت الى سجن مجدو لمدة اسبوع، وبعد ذلك اعيدت الى سجن شكما. كرمي قدرت بأنها قضت شهر في التحقيق تقريبا. وخاطر حقق معها 35 يوما.
في شهاداتهن ذكرت النساء دائما تقريبا نفس اسماء المحققين: آندي وبنيامين (بنجي) وجوني وهارون، دوف ورينو ومرزيل وياسمين وغاي ويحيى وهرتسل. حسب تقديرهن كان هناك 13 محققا بالاجمال. المحقق آندي، كتب في شكوى العويوي، “كان عنيفا بشكل خاص اثناء التحقيق. لقد كان يصرخ ويشتم، واحيانا كان يقرب وجهه من وجه المشتكية وهو يصرخ ويخرج البصاق من فمه، حيث كانت رائحة كريهة تنبعث منه”. من بين المحققين، دوف، تتذكر أبو سنينة، انه كان عنيفا بشكل خاص. “لقد كان يستخدم الصراخ والشتائم ذات الطابع الجنسي والتهديدات. المحقق هارون كان يستخدم التهديد بأنها ستتعفن في الزنزانة”.
في شكوى كرمي كتب أن المحقق مرزيل الذي جاء بعد هارون هو طويل القامة وعيونه زرقاء ويوجد جرح أو نتوء ما في وجهه”. في البداية هو “تحدث مع المشتكية بلطف وهدوء. وحتى أنه احترمها بالضيافة التي احضرها معه الى غرفة التحقيق”.
حسب الشكوى، عندما تجدد التحقيق في اليوم التالي، تغيرت معاملة المحقق: “مرزيل جاء واتهم المشتكية بخيانته”. قال إنه اعتقد أنه يوجد بينهما علاقة حميمة. احد المحققين قال للمشتكية بأنه الرجل الذي قتل زوجها، وبكلماته “لقد حولت زوجك الى مصفاة”. المحقق مرزيل مثلا، قال للمشتكية “لقد قتلنا زوجك مثل الصرصور”.
الطعام الذي حصلن عليه كان شيئا لا يؤكل، حسب الشهادات والشكاوى. العويوي وكرمي وأبو سنينة تم التحقيق معهن في شهر رمضان، وحصلن على وجبة واحدة يمكنهن أكل اللبن فقط منها. “تهديد، منع النوم، تكبيل مؤلم واحتجاز في ظروف مؤلمة. للاسف طرق تعذيب معروفة في البلاد والعالم”، قالت للصحيفة المحامية افرات بيرغمان سفير، مديرة القسم القانوني في اللجنة ضد التعذيب. وقالت إن “القانون الدولي يعتبر التعذيبات عمل يؤدي الى الألم والمعاناة النفسية أو الجسدية الشديدة”. هذه الاساليب، لا سيما الدمج فيما بينها، بالتأكيد تتناسب مع هذا التعريف، ويسبب للضحية ألما جسديا ونفسيا طويل المدى.
1200 شكوى
منذ بداية العام 2018 حدثت زيادة في عدد الشهادات للمعتقلات الفلسطينيات عن تحقيقات قاسية، تقول رحيل سترومزا، مديرة اللجنة. في عدد من الحالات أبلغ عن ذلك ابناء عائلات المحقق معهن وهن ما زلن في المعتقل. حتى لو كانت الشهادات غير ناضجة لتصل الى حد شكاوى رسمية لاسباب مختلفة، قالت سترومزا، فانها تشير الى استخدام وسائل استخدمت في السابق فقط في حالات كانت فيها التهمة شديدة جدا. ولكن هذه الاساليب – منع النوم وتكبيل في اوضاع مؤلمة خلال ساعات كثيرة – منتشرة اصلا في التحقيق مع الشباب الفلسطينيين، حتى عندما يدور الحديث عن اتهامات لا تعتبر “قنابل موقوتة”.
هذا ايضا استنتاج المحامي لبيب حبيب الذي مثل كرمي في نهاية محاكمتها. لقد قال إن معظم الشباب المحقق معهم لا يريدون تقديم شكوى لأنهم لا يؤمنون بأنها ستفحص بجدية وأن الجهاز القضائي الاسرائيلي مستعد لمواجهتها. منذ 2001 قدمت اللجنة لوحدة فحص الشكاوى 1200 شكوى حول التعذيب، منها فتح تحقيق جنائي واحد فقط، ولم تقدم لوائح اتهام.
معالجة الشكوى عن التعذيب والتنكيل تستمر 39 شهرا في المتوسط. اللجنة تنتظر الآن قرار الوحدة بشأن 37 ملفا – في 15 منها تنتظر منذ اكثر من خمس سنوات.
علا اشتيوي تأخذ بصورة منتظمة شهادات من المعتقلين والمعتقلات. اذا وجد أن هناك علامات على التعذيب تتم صياغة الشهادات على شكل شكاوى حسب طلب المعتقلات. اشتيوي قالت إن الشباب على الاغلب لا يتحدثون عن العزل اثناء التحقيق كمشكلة. في حين أن النساء أكدن بأنه جزء من المعاناة. هناك اطباء يعتقدون أن العزل 15 يوما وأكثر هو نوع من التعذيب. وعندما يكون وضع المعتقل صعب بشكل خاص، حتى يوم واحد في العزل يعتبر تعذيب.
في قرارهم في اطار التماس للمحكمة العليا حول التعذيب من العام 1999، منع القضاة استخدام منع النوم كوسيلة للتحقيق. ولكن مثلما تشير مديرة التوثيق في اللجنة، افرات شير، تقرر أنه يمكن منع النوم أو اجراء تحقيق طويل اذا كانت حاجة لذلك. من اقوالها يمكن الفهم بأنهم في الشباك يستخدمون هذه المنطقة الرمادية من اجل منع النوم.