بانه اكتشف ان العاطفة تستطيع تحريك العقل وان ولادة ابنته بعد عدة اشهر – وانه بدأ فجأة بكتابة الرسائل الخمسين لها. وان العاطفة وضعته امام حقيقتين (1 (انه من محبي الرسائل – (2 (انه على موعد مع اليوم الذي تكبر فيه ابنته فتقرأ تلك الرسائل. ويقول ان رسائله تضمنت اشياء كثيرة تهم ابنته وكل البنات والأولاد والاباء والامهات. وهدف الرسائل الرئيسي هو «التربية» وفي رسائله لم يغفل دور امها (زوجته).

ويقول ان روايته نادرة من حيث لم يحدث ان كتب احد لابنته كتاباً كاملاً بشكل رسائل. لكن يمكن ان يكون

الكاتب امين معلوف في روايته (القرن الاول بعد بياتريس) وكذلك الاديب احمد امين في كتابه «الى والدي».

لقد كتب خمسين عنواناً للرسائل – لن اقرأها حسب الترتيب – لكنني سأقلب الصفحات واخوض فيها

كيفما وجدت الطريق الاكثر قرباً لعقل وقلب القارئ. يقول الكاتب في رسالته الاولى وسماها رسالة شوق: انه

قبل ان يراها شعر نحوها بحب جارف وشوق عارم، وكانه كان ينتظرها كل عمره وشعر بالأبوة منذ الان ورأى

ملامحها الواضحة وشعر بالفرح وبالسعادة عندما رآها في حلمه. واكد لها بانها لن تكون مجرد زيادة على

حياتنا او البكر والاساس، بل مركز اهتمامنا، ستبقين بيننا وتعطين للحياة معنى طالما انتظرناه، ويتحدث

عن امها التي اختارها بعد قصة حب عاشاها، وتأكد من الجينات التي ورثتها امها وسلامة اخوالها، وان امها

ستساندها ويخاطبها ليقول انه اختار لها اسماً يونانياً قديماً «صوفي» ويعني الحكمة ووعدها بانها ستحب

الاسم رغم انه يحب الاسماء العربية. ويقول اريدك حكيمة كما اتصورك كذلك – وهنا اقتبس من (الكتاب

المقدس سفر الحكمة) الحكمة ساطعة لا تذبل ويهتدي اليها الذين يلتمسونها ومن القرآن الكريم سورة

البقرة (269) (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًاً).يقول انه علم بان المولود سيكون انثى ففرح كثيراً

عكس الاخرين الذين يمجدون الذكور في مجتمعاتنا. واشار الى كتاب «امين معلوف» (القرن الاول بعد

بياتريس) وذكر ابنته بالصينين – بانهم يشبهون الذكر بالجبل العاري. اما الانثى بالوادي الريان الممتلئ ماء

واسراراً وظلالاً. وطلب من ابنته بعد ولادتها ان تتبنى قضايا الدفاع عن المرأة لرفع الظلم التاريخي الذي لحق

ببنات جنسها. وتوقع لابنته ان تكون بهية رائعة الجمال قلباً وقالباً وصاحبة خلق كريم وفذة ووعد بدعمها.

ويخاطبها: «انه اختار لها الاردن وطناً لانه وطن ابائه واجداده، وعزيز وغال عليه وسيمنحك هويتك واصالتك»

«ستكونين من شعب طيب شهم كريم، وستكون هديتي لك قوشان ارض اردنية ورثتها بقوشان عن ابائي

واجدادي فحافظي عليها، ولا تنسي ان الاردنيين جزء من امة عريقة ستفخرين بها، وجدت قبل الاسلام، لكن

الاسلام ارتبط بها لان القرآن الكريم جاء بلغتها، فأعلى شأنها وحافظ عليها على مر العصور» «افخري بانك

عربية دون تعصب واحبي الاردن وكل العروبة. واخترت لك مدينة عمان لتولدي فيها فهي عروس المدن لأنها

تحتضن حضارات عريقة، واريدك ان تفخري بها، وان تحبي تراب وحجارة وجبال ووديان الاردن وان تتعلمي

وتمارسي الرياضة، وسنجد لك المدرسة الجيدة مهما كلفنا الامر. ونريدك ان تشاركي في التثقيف ومعرفة

المجتمع لتجابهي العالم وتتأقلمي معه. لن اختار لك رفاقك، واعلمي ان للصداقة اهمية كبيرة في كل

مراحل عمرك. ولا تختاريهم حسب تصنيفهم الاجتماعي والمالي والعرقي واختاري ثقافتك لتكون مصدر

تهذيب ذاتك وتعرفي الخير والحقيقة في حياتك واحلامك. ولا تنسي ان تؤسسي عقلك على الوضوح

وتسلمي بالعقلانية العلمية واستعملي النقد والتحليل والاستنتاج والاختبار واسلكي طريق تغير واقعنا

العربي البائس لتضمني عدم الضياع ويحثها على البحث عن الثقافة والتربية الصالحة. ويتحدث في رسائل

اخرى عن اختيار تاريخ لها له علاقة بجينات امها واختيار عالماً امناً وجميلاً وانسانياً لتعيش فيه. ويطلب منها

ان تناضل ليكون العالم مكاناً لائقاً بالإنسان ليعيش فيه لا غابة تتنازع فيها الوحوش البشرية. اما الباب

الثاني فيتحدث الكاتب عن مراحل العمر من الطفولة الى الشيخوخة، يوعد ابنته بان تكون طفولتها رائعة

وبريئة ويشبهها بالملاك الصغير القادم الى هذا العالم. ويعدها ان يرافقها هو وامها في مرحلة الطفولة

وان يربياها تربية صالحة وان يدعا عقلها يتفتح ويعملا على اسعادها وعندما تمر بمرحلة المراهقة يؤكدان

لها ان العقل يكبح تطور الجسد الانثوي ويقول والداها لها الا تخاف مرحلة المراهقة وستتعداها وسوف

تكون انثى بهية في كل اطوار حياتها او لن يكبح تطور عقلها اي شخص وعندما تبلغ مرحلة الشباب تبدأ

بتكوين شخصيتها المستقلة بالاعتماد على نشأتها في تدبير شؤون حياتها واتخاذ قراراتها والوصول

لمرحلة الشباب تعني ثلاثة قرارات (1 (اختيار نوع الدراسة. (2 (اختيار شريك الحياة. (3 (اختيار نوع الشخصية

والتوجه في الحياة. وينصح الكاتب ابنته بما يقع به الشباب من الغرور وما ينتج عنه من آفات ويدعوها الى

الكرم والعطاء. ويصل بابنته الى مرحلة النضج والوعي المرتبطة ليس بالعمر بل كما يقول بالثقافة

والتعليم والوعي. وهذا يعني ان كل ذلك مرتبط بالتجربة والخبرة والنضج وكل ذلك يعتمد على الوعي.

ويدعوها لتبني رسالة في الحياة او اكثر من رسالة واهمها الامومة ويدعوها الى الوقوف في خندق واحد الى

جانب المجتمع والناس والوطن ويقول لها لأنك اذا فعلت ذلك فلن تضلي الطريق ولا تضيعي هدف حياتك

وينصح ابنته عندما تقرر ان تتزوج ان تهتم بمن يكون وليس بمن يأتي لطلب الزواج منها. وينصحها بعدم

الارتباط برجل مدمن ويتبع غرائزه لا عقله ويكون راجح العقل ونظيف القلب واليدين. ولا بد ان يكون الزواج

متكافئاً وتكاملياً. كما ان العائلة شيء مهم في حياتنا، فاحبي عائلتك واهتمي بان تبادليها الوفاء. فاذا كانت عائلتك قد احبتك ورعتك وربتك، فردي لها الجميل بان تبني لك عائلة محبة ترعين فيها اطفالك وتربيهم تربية صالحة. واخيراً اشكر الكاتب الصديق سمير سمعان ابن الناصرة الذي اوصل لي الكتاب الذي اهداه لي الكاتب الكبير الاخ جورج الفار.