Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jul-2018

حول خبرين أثارا الاهتمام ! - د. زيد حمزة

 الراي - خبران أثارا اهتمامي في الايام القليلة الماضية كما أثارا على ما أظن اهتمام قسم كبير من الرأي العام الاردني وإن بدرجات متفاوتة، ولكليهما صلة بالطب والصحة ماليا وإداريا وسياسيا واخلاقياً، الأول يتعلق ب ((المعلولية)) التي تفاجأ الكثيرون بسهولة حصول بعض كبار المسؤولين عليها دون وجه حق كتعويض مالي من

خزينة الدولة مدى الحياة عن اصابة عمل بسبب جلوسهم الطويل على الكرسي!
وهو موضوع اشبعتْه مواقع التواصل الاجتماعي فضحاً وتمحيصاً، أما الثاني وسأتحدث عنه اليوم فيتعلق بقرار الحكومة القاضي باحالة ((جميع)) مرضى السرطان للعلاج على نفقتها، مع أني لم أعرف ما الذي جد على اجراء اداري معمول به منذ عشرين عاماً حتى تضطر الحكومة في اوائل عهدها المنشغل بألف همٍّ وهمّ لاصدار مثل هذا القرار الذي قد نحمد نواياه ومراميه الا اننا نستغربه، ربما لاننا لم نطلع على حيثياته وهل جاء بناء على زيادة شكاوى المواطنين أم على تقرير من وزير الصحة مستنداً مثلا الى دراسة حول مشكلة عدم تمكن مرضى السرطان من دخول هذا المستشفى أو ذاك علماً بأننا متأكدون من ان علاجهم مجانا مقرر بقانون الصحة العامة منذ صدوره اول مرة منتصف القرن الماضي، ليس هذا فحسب بل يعلم القاصي والداني ان علاجهم المكلف جداً هذه الايام تسدد الدولة فواتيره لمركز الحسين للسرطان الذي يقدمه لكل من يحصل على ((اعفاء)) سهل المنال لدرجة ان كثيراً من المرضى الاثرياء يغتنمون فرصة العلاج المجاني فيه وقد طبقت شهرته آفاق المنطقة العربية لا باطبائه فحسب بل في خدماته التمريضية والفندقية التي تتفوق على مستشفيات القطاع الخاص وبعض هؤلاء المرضى لا يقيمون في الاردن بل يفدون من الخارج حتى لا يدفعوا مبالغ طائلة لعلاجهم في المستشفيات الاوروبية والاميركية وهم قادرون على ذلك! كما أني لم أفهم من القرار الحكومي لماذا تم تمييز مرضى السرطان بهذه الحظوة دون باقي المواطنين المصابين بأمراض خطيرة ومزمنة (كمرضى غسيل الكلى والسكري الطفولي والأمراض النفسية والتهاب الكبد والاعاقات الخَلْقية والوراثية كالصم والبكم والقائمة تطول)،
وعددهم اكثر بكثير وبينهم من هم أشد حاجة وفقراً.
وفي نفس السياق ساتحدث عن الخطوات الارتجالية التي تبعتْ هذا القرار إذ جاء في الانباء ان اللجنة الصحية
في مجلس النواب طلبت من وزير الصحة ان يبادر لتنفيذه وعندما اشتكى من ضعف المخصصات المالية
اللازمة سرعان ما اتفق الطرفان على توفير مبالغ اضافية عن طريق رفع اسعار السجاير وسلع أخرى أي فرض
ضريبة جديدة وهما يعلمان ألا ضريبة إلا بقانون حسب المادة 111 من الدستور الاردني، ويعلمان بالضرورة ان اي
ضرائب جديدة سوف تثقل كاهل المواطنين وليس المدخنين فقط وكأنهما نسيا تماماً ما حدث أخيراً بعد محاولة الحكومة السابقة فرض تعديلات على ضريبة الدخل! ولعل من المفيد في هذا المجال أن أذكر بان الجدل محسوم لدى منظمة الصحة العالمية منذ زمن طويل بان الفلسفة وراء زيادة اسعار السجائر أنها ليست لمعاقبة المدخنين بالسطو على جيوبهم لحساب تجارها وصناعها بل هي عامل من العوامل المشجعة على اقلاعهم عن التدخين ومن المعروف أنها قد لا تفيد ميزانية الدولة فهذه يمكن أن تخسر من هبوط مبيعات السجائر وتزايُد تهريبها!! وينبغي التذكير كذلك بان المادة 115 من الدستور تقول ((إن جميع ما يقبض من الضرائب وغيرها من واردات الدولة يجب ان يؤدى الى الخزانة المالية وان يدخل ضمن موازنة الدولة)) حتى لا تدخل الحكومة في هذا المسلسل غير المنطقي فتضطر كل مرة لفرض ضرائب اضافية لعلاج كل مرض خطير آخر اشفاقاً على المرضى وبضغط من ذويهم او كسباً للشعبوية؟!
قد يكون من المفيد التذكير ايضاً بأن الميزانية الكبيرة التي تحظى بها وزارة الصحة عندنا تشكل نسبة من
الميزانية العامة للدولة تفوق مثيلاتها في العديد من الدول الاوروبية مع فارق الخدمات الراقية وحُسن إدارة المال العام وتطبيق مبادئ المساءلة لتقليص الهدر في الانفاق، وتشديد الرقابة لضبط الفاسدين ومحاكمتهم، ولا اريد هذه المرة أن اتعرض للوضع المالي لمركز الحسين للسرطان فميزانيته لا تُنشر وهو في حدود علمي لم يشكُ من ضائقة وهو يتلقى ما يتلقى من المعونات والتبرعات والمنح الخارجية والداخلية ويتقاضى اجوره كاملة عن مرضى السرطان المحالين من وزارة الصحة ولم يتوقف يوماً عن التوسع في الابنية والانشاءات الجديدة وشراء الاجهزة الحديثة.. كما ينبغي التنويه الى انه ليس وحيداً في الميدان فهناك جهات حكومية عديدة أخرى تعالج السرطان كمدينة الحسين الطبية ومستشفى البشير والمستشفيات الجامعية..
وبعد.. هناك العديد من المعاني التي أتمنى على القراء استخلاصها من هذه العجالة دون الشعور بالحرج
من ادعاء قدسيتها فليس فيها محرمات تمتنع على البحث والتقصي مادام هذان يهدفان في النهاية لخدمة الوطن والمواطنين.. حقاً.