Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Feb-2018

مواجهة إسرائيلية -إيرانية مباشرة للمرة الأولى - عاموس هارئيل

 

هآرتس
 
الغد- إسرائيل وإيران الآن للمرة الأولى في مواجهة مباشرة على الاراضي السورية. هذا هو المعنى الأساسي ليوم القتال أمس في الشمال. أيضا إذا انتهت الجولة الحالية قريبا بتهدئة، فعلى المدى الأبعد سيتشكل هنا واقع استراتيجي جديد، سيكون على إسرائيل مواجهة مجموعة اشكالية من التطورات: استعداد إيراني للعمل ضدها، ثقة ذاتية متزايدة لدى نظام الأسد، وما يقلق أكثر، دعم روسي للخط المتشدد لباقي اعضاء المحور.
لقد سمحت سبع سنوات من الحرب الأهلية السورية لإسرائيل العمل بحرية كبيرة في سماء الشمال. عندما كان يتم تشخيص تهديد للمصالح الأمنية الإسرائيلية كان سلاح الجو يعمل تقريبا دون اعاقة. حكومات نتنياهو المتعاقبة عملت على الحفاظ على الخطوط الحمراء التي حددتها (على رأسها منع تهريب سلاح متقدم لحزب الله)، ومارست في سورية سياسة مسؤولة وعقلانية، منعت انزلاق إسرائيل بشكل مبالغ فيه إلى داخل الحرب.
الظروف تغيرت في السنة الاخيرة. ازاء الانتصار التدريجي للنظام في القتال، الذي يتركز الآن في العمليات البرية التي يقوم بها الأسد ضد الجيوب المحدودة للمتمردين، جددت سورية محاولاتها لإسقاط طائرات إسرائيلية اثناء الهجمات. في نفس الوقت بدأت إيران في تحقيق مصالحها الخاصة: نشر ميليشيات شيعية في جنوب سورية وممارسة الضغط على النظام لتمكينه من اقامة قاعدة جوية وبحرية. ولكن إسرائيل واصلت العمل في الشمال ضمن النمط الهجومي السابق، إلى حين الوصول إلى الشرك الاستراتيجي الذي وجدت نفسها فيه أمس، والذي من غير المستبعد أن يكون نتيجة لكمين متعمد نصب لها.
ملخص الاحداث: إيران أطلقت طائرة بدون طيار إلى الاراضي الإسرائيلية، والتي اسقطت من قبل مروحية لسلاح الجو. إسرائيل هاجمت ودمرت ردا على ذلك قاعدة القيادة التي وجهت منها الطائرة بدون طيار، في القاعدة السورية قرب مدينة تدمر في جنوب الدولة. يحتمل أنه في هذا الهجوم قتل، للمرة الأولى، مقاتلون ومستشارون إيرانيون. الجيش السوري رد بإطلاق أكثر من عشرين صاروخا مضادا للطائرات، أحدها كما يبدو أصاب طائرة اف 16 آي (عاصفة) إسرائيلية وأجبر طاقمها على القفز منها في سماء الجليل. إسرائيل ردا على ذلك هاجمت 12 هدفا سوريا وإيرانيا في سورية، في الهجوم الذي وصف بأنه الأكثر اتساعا منذ 1982 (لم يتم اسقاط أي طائرة بنيران المضادات منذ تلك الحرب).
موضوعيا، سلاح الجو وجهاز الاستخبارات سجلا عددا من النجاحات العملياتية: الطائرة بدون طيار الإيرانية تم اعتراضها، رغم أنها كانت ذات اجهزة تحكم غير متطورة وتم اسقاطها في مكان مناسب، مكن من السيطرة على اجزائها. وبعد ذلك سيوفر دليلا على مسؤولية إيران. الموقع دمر بهجوم مركب.
ولكن في زمن الحروب الإعلامية الحالية، سيلقي تدمير الطائرة واصابة طاقمها بظلاله عليها، والتي سوقت في الجانب العربي كانتصار كبير وسببت الاحراج لإسرائيل. سلاح الجو سيكون عليه التحقيق معمقا في كيفية اختراق صاروخ قديم نسبيا لغلاف الدفاع الإسرائيلي، وسيتم بالتأكيد فحص اعتبارات الطاقم: هل الطائرة لم تبق في مكان مرتفع جدا ومكشوفة، من اجل متابعة إصابة الصاروخ للهدف في سورية، في الوقت الذي تمكنت فيه الطائرات الاخرى من التشكيلة من التملص؟.
إيران استغلت الحادثة للإعلان بأنه منذ الآن لن تستطيع إسرائيل العمل في سورية. الإعلان المقلق أكثر قدمته روسيا، التي استضافت في نهاية كانون الثاني (يناير) رئيس الحكومة نتنياهو، عندما أعلنت أن على إسرائيل احترام السيادة السورية – وتجاهلت تماما اطلاق الطائرة الإيرانية بدون طيار نحو اراضيها.
إن تبادل اللكمات هذا من شأنه أن يستمر الآن، أيضا لاعتبارات الكرامة الوطنية والحرج الجماهيري. في ظروف مشابهة تماما، في كانون الثاني (يناير) 2015، عرف نتنياهو كيف ينهي الامر. إسرائيل اتهمت في حينه بالتعرض لحياة جنرال إيراني ونشيط في حزب الله، جهاد مغنية، ابن رئيس اركان المنظمة الذي تمت تصفيته، في هضبة الجولان. حزب الله رد بعد عشرة أيام بكمين صاروخي مضاد للدبابات قتل فيه ضابط وجندي من الجيش الإسرائيلي في هار دوف. ولكن إسرائيل قررت أن هذا يكفي وامتنعت عن رد انتقامي آخر، ومر خطر الحرب. الآن أيضا يبدو أن هناك ما يمكن القيام به في القناة السياسية – مثلا من خلال نقل تهديدات بواسطة الولايات المتحدة وروسيا، قبل مواصلة الانزلاق الخطير نحو مواجهة عسكرية.
على خلفية النقاش في إسرائيل يبرز كالعادة سؤال ما هي العلاقة بين التصعيد الأمني والتحقيقات مع رئيس الحكومة. في الاسبوع القادم يتوقع طرح توصيات الشرطة بشأن تقديم نتنياهو للمحاكمة، والشبكات الاجتماعية امتلأت أمس بتوقعات المغردين، المراسلين والنشطاء السياسيين الذين قالوا إن كل هذه التوترات هي مؤامرة من انتاج مقر رئيس الحكومة، هدفت إلى حرف انظار الرأي العام عن الشؤون الهامة. وكل من لا يتفق مع هذه التفسيرات يتم تصنيفه حالا كمتعاون مع نتنياهو وعائلته، رغم أنه لم يفهم حقا من تلك التحليلات اذا كانت إيران مشاركة في المؤامرة بقرار اطلاق الطائرة بدون طيار.
ليس بالإمكان تجاهل دور الاعتبارات السياسية والشخصية في القرارات السياسية والامنية. هذه الاعتبارات تدخلت في قرارات بيغين الحاسمة بشأن قصف المفاعل العراقي، وقرارات شارون بشأن الانفصال عن غزة، وقرارات اولمرت بشأن شن العملية البرية الفاشلة في بداية حرب لبنان الثانية، وقرارات نتنياهو نفسه عندما انجر إلى العمليات الاخيرة في غزة، عمود السحاب والجرف الصامد، في ظل انتقادات داخلية.
ولكن مثلما سبق وطرح هنا الاتهام بأن نتنياهو، الذي في الغالب كان حذرا من الحروب مثلما يحذر النار، يقوم بتسخين الحدود بصورة متعمدة، فإن هذا الاتهام يحتاج إلى اثبات أكثر من الحدس. التقدير أن رئيس الاركان غادي أيزينكوت الذي هو من العقلانيين والحذرين من بين موظفي الدولة في إسرائيل، سيكون شريكا في مناورة سياسية فاسدة كهذه، يبدو مرفوضا لكل من يعرفه. بالمناسبة، في النقاشات في صباح يوم السبت اتخذ الجيش خطا صقوريا.
الجيش الإسرائيلي لا يوضح في هذه المرحلة ماذا كانت الطائرة الإيرانية بدون طيار تنوي أن تعمل في سماء إسرائيل. يبدو أن النية كانت انهاء مهمة والعودة، دون أن يتم كشفها. العملية الإيرانية تبين أن طهران لا تكتفي بتقديم المساعدة للأسد أو ضمان ميناء على شاطئ البحر المتوسط. هي ترى في انتصار النظام فرصة لإيجاد مواجهة فعلية على طول الحدود مع إسرائيل. الجيش الإسرائيلي لم يظهر في هجماته أمس حتى ولو شيء بسيط من قدراته الاستخبارية والجوية، وحتى الآن من الأفضل أن لا يكون مضطرا لذلك.
ما يقلق بشكل خاص هو حقيقة أنه في هذه الاثناء لا تلوح في الافق شخصية "البالغ المسؤول" في المجتمع الدولي بحيث يتدخل من اجل كبح الاطراف. روسيا التي تستقبل نتنياهو في سوتشي وموسكو مرة كل بضعة اشهر، يبدو أنها تتوافق تماما مع إيران وسورية، أيضا في عملياتهما ضد إسرائيل. في حين أن الادارة الأميركية برئاسة ترامب من شأنها أن ترى في التصعيد في الشمال فرصة كي تجبي ثمنا من إيران، وبالتحديد حث إسرائيل على مواصلة تشددها. ربما أننا الآن في بداية ازمة عميقة، حتى لو لم تترجم بالضرورة إلى مواجهة عسكرية في الوقت القريب.