Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Jan-2018

«المديونية».. وما يجب أن يقال !! - صالح القلاب

 الراي - لسنوات متلاحقة، تعود لنهايات القرن الماضي وقبل ذلك بكثير، فإن التساؤلات بل والشكوك عن تراكم «المديونية» وتزايدها ووصولها، حسب إمكانيات بلدنا إلى أرقام فلكية تجاوزت الثلاثين مليار دولار، ولكن بدون أجوبة لأجيالنا الصاعدة التي لم تعرف حقائق الأمور والتي لم تجد أسباباً لهذا العبء الثقيل الذي يزداد سنة بعد سنة، سوى «التشكيك» والإتهامات وإعتبار أنه لولا إستشراء «الهبش» و«النتش» وخفَّة الأيدي فلما كان بلدنا ينوء تحت هذا الحمل الثقيل الذي يؤرق ليله ويطيل نهاره أكثر كثيراً من اللزوم .

 
وهكذا وإزاء إغلاق صناديق الحقائق فإن أجيالنا الصاعدة لم تجد تفسيراً لتراكم هذه الأعباء المالية، التي غدت بإنتظار حتى الذين لا زالوا في بطون أمهاتهم، سوى :«القيل والقال» والإتهامات وذلك في حين أن المفترض أن يتم قطع الشك باليقين وإيضاح حقائق الأمور ومواجهة كل هذه الأسئلة والتساؤلات المتوارثة والمتزايدة عاماً بعد عام بأسئلة هي الإجابات القاطعة والصحيحة على هذه التساؤلات وهي : كيف كانت يا ترى كل هذه الإنجازات التي تحققت منذ منتصف سنوات الألفية الثانية وأصبح هذا البلد الصغير جوهرة فعلية وحقيقية في العقد العربي بل وفي العالم الثالث كله ومعه بعض الدول التي تغرف الأموال غرفاً وبلا لا حسيب ولا رقيب؟!.
 
لولا هذه المديونية، التي كانت خفيفة وأصبحت ثقيلة مع تلاحق الأعوام، فلما كانت هذه النهضة الأردنية المبكرة التي شملت كل مناحي الحياة والمجالات كافة ولأصبحت كُلف ما جرى بناؤه عشرة أضعاف الثلاثين مليار دولار وربما أكثر والمفترض أن الأسباب هنا معروفة وغير خافية على من رافق تلك المراحل التي غدت بعيدة وحيث قفزت الأسعار منذ ذلك الحين وحتى الآن إلى أرقام فلكية وهنا فإن الخطأ .. وهذا إذا كان هناك خطأ فهو أننا لم نبادر إلى «التسديد المريح» وبأقساط خفيفة متلاحقة بدل أن نترك الأمور للتقديرات التي ثبت أنها خاطئة وأن لا الأشقاء المقتدرين ولا الأصدقاء الذين عولنا عليهم أكثر من اللزوم قد مدوا أيديهم لنا ولو بأقل مما كنا نتوقعه بكثير وبالحدود الدنيا التي ينتظرها الأخ من أخيه والصديق من صديقه.
 
إنه على أجيالنا الصاعدة أن تعرف وتدرك أنه لولا هذه المديونية، التي غدت ترهق كاهل بلدنا وتؤرق ليلنا وتوجع قلوبنا وتحول أحلامنا إلى كوابيس مرعبة، فلما كانت «الأمية» عندنا قد إقتربت من أن تصبح صفراً ولما كانت عندنا أفضل الجامعات ليس في العالم الثالث وإنما أيضا في الدول المتقدمة ولما وصلت الكهرباء ووصل الماء إلى آخر مكان في بلدنا الحبيب.. وحتى إلى «قيعان خنّا» كما يقال.
 
لا توجد قرية في الأردن وحتى إنْ كانت من ثلاثة بيوت بدون مدرسة وبدون مستوصف ولا طرق معبدة ومياه صالحة للشرب وغير عكرة وأيضاً ولا بدون صندوق بريد وبالطبع بدون حفاة ولا عراة ولا من لا يقرأ مكتوباً جاءه من بعيد أو من قريب.. وكما كانت عليه الأوضاع في ذلك الزمن الذي أصبح غابراً .. زمن من خط الشيب رؤوسهم مثلي ومثل أبناء الجيل الذي أنتمي إليه .. وبالتأكيد مثل آبائنا وأجدادنا.
 
إن هذه المديونية التي نشكو منها والتي نقول عمن حملوها ليس لنا ولأبناءنا فقط وإنما لأحفادنا وربما لأحفاد أحفادنا أكثر مما قاله مالك في الخمر هي التي نقلت بلدنا هذه النقلة النوعية وفي المجالات كافة ويقيناً لو أن الأمور تركت على عواهنها إن لنهايات القرن الماضي وإن إلى الآن فلما إستطاع بلدنا أن يحقق كل هذا الذي حققه من إنجازات خلال سنوات قليلة من حسابات عمر الزمن حتى بمديونية تصل إلى أرقام فلكية فالخراب لا يؤدي إلا لمزيد من الخراب والتخلف لا يؤدي إلا إلى مزيد من التخلف مما يعني أن إدراكنا لحركة التاريخ التي تسير بسرعة البرق سيأكل، لولا هذه المديونية أعمارنا وأعمار أجيالنا اللاحقة وبدون كل هذه الإنجازات التي تحققت بهذه المديونية.