Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Oct-2017

حال الأمة العربية - غازي خالد الزعبي
 
الراي - تتعرض الامم والشعوب على مدى تاريخها المنظور لغزو خارجي متعمد عندما يختل توازن القوى مع الدول المعادية التي تسعى للهيمنة الاستعمارية لدوافع مبررة وغير مبررة على شكل حروب مفتوحة لا اخلاقية هدفها توجيه ضربة قاصمه للشعوب، تؤازرها قوى متربصة وخلايا نائمه بالتزامن مع فرض حصار خانق لابقاء الوضع القائم الذي يحقق التبعية الدائمة، ويمنع اي حركة نهوض تسعى للحياة الافضل من الانطلاق لاكمال مشروعها الحضاري، وهو النمط السائد للعقلية التسلطية العدوانية كما في عالم اليوم الذي يشهد رده حضارية عبثية، ويملك من اسلحة الدمار الشامل ما لم يسبق له مثيل، ويخضع لقرارات متطرفة تؤدي بالنتيجة الى حروب مدمرة من طرف اشخاص مهووسين بوهم الانتصار، والتفرد المريض، والحقد الاعمى تدفع ثمنه الشعوب الامنه المسالمة، والمدنيين العزل وهو ما يمثل وصمة عار في جبين الانسانية، ونقطة سوداء في صفحة الحضارة الحديثة.
 
والفرقة والانقسام الذي ابتلي به الوطن العربي على شكل تقسيمات ادارية فرضها الاستعمار ابان الحرب العالمية الاولى، كرس حالة من التشرذم والتشتت لينفرد كل قطر عربي بقراره الذاتي، ويتابع طريقة بعد ذلك خارج السرب، ويدخل في صراع بيني مع الجوار بلا مبرر او سبب مفهوم، وتنغلق النخب السياسية على نفسها ضمن توجهات ارتجالية، وتدخل في حلقة مفرغة من الانعزالية المفرطة تمثل ردة الى الخلف لا تجد من يوقفها، الامر الذي مهد للتدخل الاجنبي وسهل للخصوم تنفيذ مطامعهم وترسيخ نفودهم دون قيد او شرط، ومهد لحالة من الفوضى والقرارات المبتسرة الاحادية الجانب التي لا تصب في مصلحة احد.
 
ورغم ذلك فإن ارادة الامة لم تنكسر وهو الشيء الاهم الذي عبرت عنه حالة الصمود والمواجهة في كل ارجاء الوطن الكبير، والرفض المطلق للامر الواقع الذي افرزته نتائج الحروب العديدة خلال عشرات السنين لتستمد العزم من قوتها الذاتية الكامنه وطاقاتها المدخرة للشدائد والمحن وتقف على قدميها مجدداً، وتدحر الغزاة والمعتدين والمحتلين وكما فعلت ايام المغول والصليبيين وغيرهم بعد طول عناء، معمدة مسيرتها بالدماء والارواح التي هي المداد الحي الذي يضيء عتمة الطريق، ويدفع ضريبة القدر اللازم الذي لم تعرف فيه هذه الامة استراحة المحارب، او ثقافة الاسترخاء، بل بقيت في حالة كفاح مستمر، واستنفار دائم جيلاً وراء جيل، ومددا اثر مدد الى ان تقوم الساعة.
 
والامل معقود على الشباب الصاعد الواعد الذي اوتي سعة في العلم واليمان، وارادة حرة وعزيمة ماضية ما لبث يلبي النداء في كل ساعة وحين، ويقدم التضحيات من كل حدب وصوب، ويطوع الظروف نحو نهضة اتية، ويدير دفة السفينة نحو شاطئ الامان، وكأنه على موعد مع القدر لاستجلاب رياح النصر المقبلة التي ينتظرها الناس بفارغ الصبر، وما ذلك على الله بعزيز.