Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jan-2018

الفلسطينيون وإسرائيل.. الهرب إلى المجهول - ايال زيسر

 

إسرائيل هيوم
 
الغد- المطر الجارف الذي هطل في إسرائيل في نهاية الاسبوع الماضي أوقف لبضعة ايام التنقيط من غزة. وكأن بمطلقي الصواريخ في القطاع يخافون رذاذ المطر أكثر من رد فعل إسرائيل على تنقيط الصواريخ.
في يهودا والسامرة أيضا سجل انخفاض في حجم المظاهرات التي نشبت – ولعلها نظمتها السلطة الفلسطينية – احتجاجا على إعلان ترامب عن القدس كعاصمة إسرائيل. ومن السابق لأوانه التقدير اذا كان الحديث هنا أيضا يدور عن خوف من المطر أم لعل الشارع الفلسطيني افتقد الاهتمام والرغبة في الاستجابة لدعوات السلطة الفلسطينية لمواصلة المواجهات مع جنود الجيش الإسرائيلي.
ولكن بضعة أيام من "الهدوء المضلل"، على حد تعبير رئيس المخابرات في لجنة الخارجية والامن، لا تغير حقيقة أن عصر التهدئة في المناطق ولا سيما على طول حدود القطاع، يوشك على الانتهاء، وربما انتهى منذ الآن.
التصعيد الميداني، حتى وإن كان بطيئا ومتدرجا، يكمن في الواقع السياسي الفلسطيني الداخلي، وللدقة في المأزق سواء الذي وصلت اليه حركة حماس في القطاع أم السلطة الفلسطينية في مناطق الضفة. فقد اهتمتا في الاشهر الاخيرة اساسا في المناورات السياسية الداخلية، مثل تغيير قيادة حماس أو المحاولة العقيمة لتحقيق الوحدة بين غزة ورام الله.
ولكن يخيل أن الامكانيات التي فتحت بالذات امام حماس وامام السلطة للتحرك إلى الامام، هي التي ادت إلى معمعان نهايته اندلاع العنف والخوف من الاشتعال. ففي واشنطن يعنى فريق الرئيس ترامب في بلورة مبادرة أميركية لحل النزاع. فلو تعلم الفلسطينيون تجربة الماضي، لكانوا رأوا في مبادرة ترامب، مهما كانت اشكالية بالنسبة لهم، فرصة ذهبية للتقدم نحو تحقيق قسم من اهدافهم على الاقل.
ولكن بدلا من قبول الخطوة الأميركية بأذرع مفتوحة "أعلنوا الحرب" على ترامب والولايات المتحدة، وكأنه سيكون احد ما يوافق على استثمار المال والجهد لهم أكثر من واشنطن. وهكذا، بالضبط مثلما في صيف 2000، تضغطهم امكانية التقدم نحو مسيرة سياسية، يعرفون انهم سيكونون مطالبين فيها بتقديم المقابل والتنازلات، وتجلبهم إلى موقف رافض بل وحتى "هرب إلى الامام"، نحو تسليم منضبط من شأنه، مثلما في الماضي، ان يخرج عن السيطرة.
حماس هي الأخرى تخاف مما سيأتي. فاتفاق المصالحة مع السلطة كفيل بان يقلل ضغط الشارع الغزي ويدفع إلى الامام بالحل لمشاكل القطاع الاقتصادية. ولكن مثل هذا الاتفاق من شأنه ان يسحب البساط من تحت الحكم المنفرد لحماس. كما ان استمرار الهدوء على الحدود مع إسرائيل من شأنه، كما يخشون في حماس، أن يضعف الحركة في مواجهة خصومها من الداخل، وهكذا، رغم انه تنطلق من غزة اصوات تؤيد الحركة إلى الامام نحو المصالحة الفلسطينية الداخلية ومع استمرار الحفاظ على الهدوء على طول الحدود، تتحرك حماس عمليا إلى الوراء. وهي تترك لفروعها في الضفة العمل على العمليات ضد إسرائيل؛ والاخطر من هذا، لا تقف ضد تلك الفصائل، بما فيها الجهاد الاسلامي، ممن ينقطون تحت عينيها شبه المغمضتين الصواريخ نحو إسرائيل.
ان الرأي السائد في إسرائيل هو أن المصلحة الإسرائيلية تستدعي ترك حماس مواصلة السيطرة في القطاع، لكونها مصدر القوة الوحيد القادر على الحفاظ على التهدئة على طول الحدود. ثمة ظاهرا منطق في فرضية عمل كهذه، غير أنه ينبغي الاخذ بالحسبان بان فرضيات مشابهة انهارت غير مرة في الماضي، مثلما في لبنان حيث فضلت إسرائيل الهدوء على استمرار الاحتكاك على طول الحدود. وكان ثمن هذا الهدوء، هو أن التهديد على المواقع العسكرية والبلدات في شمالي البلاد ازداد وتطور ليصبح تهديدا استراتيجيا على عموم اراضي إسرائيل.
في ضوء المأزق العالق به الفلسطينيون، ولكن أيضا في ضوء الامكانيات التي تنفتح امامهم ظاهرا، والتي اختاروا أن يردوها ردا باتا – فإن الهرب نحو التصعيد المنضبط هو الحل الاسهل الذي اختاروه. في مثل هذا الوضع من الصعب الحفاظ على الوضع الراهن. وسيتعين على إسرائيل التفكير "من خارج العلبة"، كيفية الحفاظ على الهدوء في اراضيها وعلى طول حدودها، ولا سيما أن تسأل نفسها هل حكم حماس في غزة (وسيكون من يقول أيضا حكم السلطة في الضفة) هو الحل أم ربما المصدر للمشكلة.