Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Oct-2018

عقل يسبق زمنه ؟ - ناديا هاشم العالول

الراي -  كلنا نتفق على أن اعظم عطايا االله سبحانه للإنسان هو العقل الذي يدبّر الإنسان ويقوده إلى اعالي الأمور أثناء إدارته البلاد والعباد تاركا بصمات إيجابية على الإنسانية جمعاء..

نتفق على ذلك بالرغم من قول سقراط قبل تنفيذ حكم الإعدام فيه :»الويل لمن امتلك عقلا يسبق زمنه»!
هل نقول صدق سقراط؟ وهل يعني انه بلغ بنا التشاؤم الى هذا الحد الذي يجعلنا نثنّي على قول حكيم أُعدم لأنه امنلك عقلاوحكمة لم يستوعبها أهل ذلك الزمن؟ فكم من حكماء ظُلموا وحوكموا وسُجنوا وأُعدموا وأحرقوا لكونهم يعلمون مالا يعلمه الآخرون وبخاصة النساء المستنيرات اللواتي أُحرقن متهمات بالسِّحر إبان العصور الوسطى بأوروبا.. فذنبهن مضاعف:إمرأة وتفكّر؟
اما في زمننا فالحكماء والمستنيرون يتعرضون لطغيان من نوع آخر نتيجة تجاهل الآخرين لتحذيراتهم فيعاني العقلاء اضعافا مضاعفة لوقوعهم رغما عن غرادتهم بنفس المطبّ الذي يقع به أهل الغفلة..على غفلة منهم..وبساعة غفلة! هذا من جهة..
وأما الجهة الأخرى المرهقة لنفوس الحكماء هوشعورهم بخيبة امل ابدية لعدم استطاعتهم درء الخطر عنهم وعن غيرهم في ظل وجود الأغلبية الرافضة.. ف»يد واحدة لا تصفّق» وهذا يجعل اي مستنير يشعر بما شعر به سقراط قبل إعدامه..ولا عجب ان يثنّي المستنيرون على الحكمة القائلة:»لا تكنْ كاملا حتى يأمنك عدوُّك»..
فكيف باالله هليكم نلوم الدول على تراجع أدائها بظل معادلة معكوسة وميزان مقلوب ومعايير مبعثرة ؟
فالمستنير مطلوب منه التظاهر بالعكس تماما ليأمن شر الآخرين، واما الغافل فله كل الحق بإشهار غفلته.. وبعدها نلوم الدول على تراجع أدائها فكيف نلوم الدول التي تشبه أبناءها،؟
وهنا مربط لفرس: إذ لا يجوز أن نطمع بترقية الدولة إلا بترقية أبنائها عبر إصلاح إيجابي يبدأ بالنفس اولا..تربية وخلقا وسلوكا وعلما وعملا وثقافة..كلها من شأنها ان تتراكم لتخرج بالرقي الجمعي المأمول..
ومع أننا نقدّر العقل قولا وتنظيرا إلا ان التنيجة الواقعية المتداولة تشيرالى أن»العقلاء في جحيم»، على غرار المثل» المجانين في نعيم»لأن الجهل بقدر ماله من اضرار تصيب صاحبه والمحيطين به، إلا ان هنالك مزية فريدة تقترن به تكاد تكون مفيدة بل مثالية وهي ان الجهل ينفع صاحبه بحيث يبقيه بحالة من نعيم ابدي.. ومن سعادة استثنائية يتمناها الكثيرون دون ان يدركوها..ودون ان يدركوا الحقيقة المضحكة المبكية: إجهلوا لتسعدوا!
فالجهلاء في نعيم لأنهم «لا هم دنيا ولا عذاب آخرة «فهم المتمركزون دوما على الطرف الأقصى من مقياس العقلانية..عند الصفر.. من حيث البصيرة لا قوة الإبصار..
وللأسف فقصر النظر - غياب البصيرة- هو الذي قاد الإنسانية الى قتل حكمائها»ماديا»او»معنويا» أو كليْهما معا !
ف (قصر النظر هو الذي قاد الإنسانية إلى قتل حكمائها.)
متفقين مع القول :لا تشفق على المجانين.. اشفق على نفسك فانت لا تدرك روعة ان لا يبالي المرء بشيء!
مما يجعلنا نتساءل بهذه العجالة: هل ننضوي تحت مظلة»المجانين في نعيم»حتى لا نكون»عاقلين في جحيم»؟