Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Apr-2018

نِزال العَمالِقة أو.. الهوَس الأميركي بـ(إِضعاف) الصين! - محمد خروب

 الراي - نُذُر حرب تجارية اميركية ــ صينية تلوح في الافق, صحيح ان الطرفين يُبديان حذَراً من اندلاع حرب كهذه, كونهما يُدركان على نحو مدعوم بـِ»الارقام» انها ستكون اكثر فداحة من حرب عسكرية، إلاّ ان الجانب الصيني لا يعتزِم – في ما يبدو, وما هو ملموس وجلَّي في ردّ الفعل الفوّري من قِبل بيجين – إبداء اي نوع من التهاون او الضعف إزاء الخطوات الاميركية الإستفزازية, المُتَمثِلة في فرض رسوم جمركية تصل الى 25 %على سلع ومنتجات صينيّة, بدأت بالصلب والالمنيوم, وإن لم تكن الصين وحدها المشمولة بقرار ادارة ترمب, التي طالت دولاً عديدة ما لبِثت (واشنطن) ان تراجعت عن شمولها بعض البلدان, إلاّ ان الصين بقِيت في بؤرة الاستهداف, الى ان تصاعدت سلسلة من الاجراءات طالت سلعاً صينية بقيمة 50 مليار دولار، ما سارَعت بيجين للرد عليه بالمثل وبالقيمة نفسها, وإن كانت (هذه المرّة) أخذَت بُعداً «سياسياً» مقصوداً, عندما صوّبَت «الصين» على سلَع تنتجها ولايات اميركية مؤيدة لسياسة ترمب ونهجه الشعبوي, بتصوّيتها لصالحه في الانتخابات الرئاسية, مثل ولايتَيْ تكساس وإيوا, اللتين تُنتجان القطن وفول الصويا وسِلع اخرى مثل اللحم البقري المجمّد وسيارات مثل فورد وتيسلا وطائرات و»ويسّكي» وغيرها, مما يؤمَّل «صينياً» ان يسارع منتجو هذه المواد للضغط على ادارة ترمب, لوقف عبثِه الخطير بقواعد التجارة العالمية التي – وهنا المفارقة – وقَفَت واشنطن خلفها بشدة ومارسَت ضغوطاً هائلة, من اجل فرض هذه القواعد عبر منظمة التجارة العالمية (WTO (وها هي مع قدوم ترمب, تُريد إطاحتها او تجاوزها والمسّ بها, بعد ان «اكتشف» الاميركيون انهم لا يتصدّرون صفوف المستفيدين والمهيمنين والمتحكِّمين بفوائدها وعائداتها.

وكان لافتاً ان الرئيس الصيني شي جين بينغ, هو الذي وقف مدافِعاً عن «العولَمة» وقوانين منظمة التجارة العالمية, رغم انه يقود نظاماً «شيوعياً» ويسعى لتكريس اقتصاد «اشتراكي» بخصائص صينية, فيما زعيمة «العالم الحر» ومتصدِّرة الترويج لاقتصاد السوق وحرية التجارة وانتقال رؤوس الاموال, تذهب في اتجاه مُغايِر بل مغامِر, وتروم تقويض الأُسس التي قامت عليها منظمة التجارة العالمية, قبل ثلاث .(1/1/1995) سنة وعشرين اللافت في «الحرب» التجارية التي لم تندلع رسمياً، وإن كانت بيجين لفتَت اليها وأبدت استعدادها لمواجهتها في حال اندلاعها, بِإعلانها انها «لا» تريد حرباً تجارية, لكنها «ليست خائفة من مثل هذه الحرب» على ما أعلن نائب وزير التجارة الصينية.
 
فإنها – بيجين – دعَت الاتحاد الاوروبي, الذي وإن كان يُبدي انزعاجاً وانتقاداً لاذِعين لقرارات ادارة ترمب «الحمائية», إلاّ ان بروكسل (بما هي عاصمة الاتحاد الاوروبي) لا تُسارِع لاتّخاذ ردود حازمة تجاه إجراءات واشنطن, ما دفعها – بيجين – الى حثّ الاتحاد الاوروبي لاتّخاذ «موقف واضح مشترك (مع الصين) ضد الحمائية والحفاظ معاً على النظام التجاري المتعدِّد الاطراف والمبني على القواعد, والحفاظ على سير الاقتصاد العالمي في مسار سليم» وهو ما جاء حرفياً في بيان رئيس بعثة الصين لدى الاتحاد الاوروبي، ما يعني ضمن أمور اخرى, ان الصين تُريد إشراك المزيد من القوى المُؤثِّرة ولكن المتضرِّرة من قرارات ادارة ترمب الاستفزازية والخطيرة والخارجة على اي أسس او ضوابط قانونية.
 
اللهمّ إلاّ إذا وضعنا في الاعتبار شِعار «اميركا اولا»، الذي يعني في قراءة أُخرى، اميركا اوّلاً وبعدها الطوفان، فضلاً عن رغبة ترمب «الذي يستعد لتحدّي انتخابات الكونغرس النِصفِية في شهر تشرين الثاني المقبل، ويُبدي رغبة في التجديد لنفسه لولاية ثانية»، تنفيذ تعهداته «الشعبوية جداً».. لناخبيه, عندما «وعدهم» بانه سيُجبِر الصين على تخفيض الفائض التجاري بينها وبين الولايات المتحدة بحوالي 74 ,%وفي هذا «الرقم» يكمن «سِرّ» شرارة الحرب التجارية الباهِظة, التي يحذرها الطرفان وبخاصة الصين.
وإن كانت الاخيرة تواصِل الاعلان بأنها لا تخشاها «مهما كان الثمن» وأنها ستردّ على اي اجراءات اميركية بإجراء مماثِل في القيمة بل والنوعية, وهو ما رأيناه في فرض رسوم جمركية بنسبة 25 %على سلع صينية بقيمة 50 مليار دولار، ويرشَح ان اجراء اميركياً جديداً سيطال سلعاً صينية بقيمة 100 مليار دولار, اعلنت بيجين ان رداً صينياً عليه... سيكون فورياً عليه).
يصعب تجاوز الاعتبارات الجيوسياسية في اجواء المناخات السائدة الان بين الولايات المتحدة والصين, رغم ما طرأ عليها من تحسّن بعد اول قمة اميركية صينية عُقدَت قبل عام من الان (6 نيسان 2017 .
 
(وإن كانت التطورات المتلاحقة في سواء العلاقات الثنائية ام على الساحة العالمية، لم تجّرِ كما أمِلَ الطرفان, وبخاصة ان الجانِب الاميركي لم يتوقّف عن اتّخاذ المواقف المستفِزّة للصين, إن في ما خص محاولة «التلاعب» الاميركي بالالتزام الذي قامت عليه العلاقات الاميركية الصينية قبل اربعة عقود ونيِّف وهو مبدأ «صين واحدة», ام في قرع طبول الحرب على الجبهة الكورية الشمالية ذات الصلة الوثيقة بالأمن القومي الصيني, وتواصُل نشر منظومة صواريخ «ثاد THAAD ,«وكذلك المناورات العسكرية مع كوريا الجنوبية واليابان.
ناهيك عن «قيادة» واشنطن لمعسكر استفزاز الصين وإنكار حقوقها في بحر الصين الجنوبي, الأمر الذي لم تقبله الصين. وبخاصة انه يُخفي – بل هو لا يُخفي في واقع الحال – هوَساً اميركياً بإضعاف الصين وعرقلة صعودها السلمي, وازداد هذا الهوس في عهد الرئيس المهووس والعدائي جداً... ترمب. ما قد يُسخّن من «نِزال» العملاقين ويأخذ العالم الى طرق ومسالك خطيرة, لا نحسب ان احداً سيخرُج مُنتصِراً فيها, وبخاصة الدولة الاكثر غطرسة وعدوانية في العالم, تلك التي عاصمتها.. واشنطن.
kharroub@jpf.com.jo