Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Jun-2018

المطلوب اعادة العراق للعراق - محمد كعوش

 الراي - المشهد العراقي معقّد مربك ومرتبك منذ الغزو الأميركي واحتلال بغداد حتى اليوم. هناك مشكلة عميقة لم يستطع النظام الجديد حلها ، ولا اعتقد انه سيكون قادرا على حلها في المستقبل القريب ، لأن ممثل ادارة الاحتلال بريمرتلاعب بنسيج ومكونات المجتمع العراقي وعمل على « لبننة « العراق وقاده الى فخ الفوضى المستدامة عبر المحاصصة الطائفية والعرقية ، التي تحولت الى مصيبة مزمنة ، ساعدت على انتشار الفساد وعرقلة كل خطط التنمية والتقدم في بلاد الرافدين.

لذلك لا أعتقد أن تغيير الحكومة ، ولا انتخاب مجلس نواب جديد ، او تعيين رئيس جمهورية اكثر حيوية ، يحمل الحل لأزمة العراقيين الذين يشكون من الحرمان ، لأن العراق من شماله الى جنوبه ما زال يعاني من انقطاع الكهرباء والماء الصالح للشرب وتطوير البنية التحتية التي ما زالت على حالها منذ اليوم الأول لاحتلال بغداد ، لذلك يردد العراقيون دائما عبارة :» ماكو كهرباء ، ماكو ماء ، آكو فساد !! »
المدهش ان اركان النظام الجديد يعرفون الحل ولكنهم يرفضونه بعدما أخذتهم العزة بالاثم ، رفضوا ، وما زالوا ، المصالحة الوطنية ، كما رفضوا مشاركة معظم أطياف ومكونات الشعب العراقي الواحد في السلطة ، فانفردوا بالحكم ، بدعم اميركي مقصود ، فطاب لهم الوضع الراهن الذي منحهم وحدهم امتلاك قوة السلطة وخزائن المال ، اضافة الى انهم سمحوا بتغوّل المليشيات الطائفية المسلحة ، حتى اصبحت أقوى من الدولة ، وصارت مشكلة صعبة شكلت اول التحديات واهمها التي تواجهها حكومة بغداد اليوم. هذا بالنسبة للواقع العراقي الداخلي بتعقيداته وتحدياته ، ولكن هناك عناصر وعوامل خارجية مؤثرة يحسب العراقيون لها الف حساب ، وفي مقدمتها الهيمنة الأميركية والتدخل المباشر في الشأن العراقي ، اضافة الى تنامي النفوذ الأيراني داخل العراق ، الذي تعتبره طهران مجالها الحيوي ، خصوصا بعد تبلور مشروع أيران التي اصبحت رقما صعبا على الصعيد الأقليمي تؤثّر وتتأثر بالأحداث الجارية.
وعند الحديث عن الدور الأميركي في العراق من الواجب أن نشير الى تصريحات وأقوال الرئيس ترمب خلال
حملته الانتخابية ، وهو الحريص على تنفيذ كل فكرة قالها أو شعار رفعه في تلك الحملة. ترمب قال: «العراق
غني بالنفط وهو يملك ثاني أكبر مخزون احتياطي من النفط في العالم ، وهذا النفط لنا « !!
لذلك ما زال الوجود العسكري الأميركي متوفرا داخل العراق بحجة محاربة الأرهاب ،أو التدريب ، ولكن الهدف
الحقيقي هو استمرار التواجد على مقربة من آبار النفط ، والتحكم بالقرارات السياسية والاقتصادية العراقية ،
ولا اعتقد ان الادارة الأميركية تنوي الانسحاب ، فهي قوة انتداب هدفها مواصلة نهب ثروة العراق النفطية ، خصوصا أن سيد البيت الأبيض يدير الشؤون الأميركية بعقلية تاجر أو رجل اعمال جشع ، يسعى الى امتلاك
كل مصادر الثروة العربية.
وعندما ندقق بالتطورات التي تلت احتلال العراق نجد ، دون ادنى شك ، أن الولايات المتحدة اعتبرت احتلال العراق خطوة اولية على طرق تنفيذ المشروع الأميركي الأكبر الساعي الى تفكيك الدول العربية المحيطة
باسرائيل ( دول الطوق ) واقامة الشرق الأوسط الجديد ، على قاعدة عرقية وطائفية ، وأعني اقامة دويلات عرقية وطائفية تحافظ على ديمومة وجود الكيان الصهيوني.
واذا كانت الولايات المتحدة قد غزت العراق واحتلته بجيوشها ، فهي اغرقت مصر والأردن ولبنان بازمات اقتصادية ، وقامت بتدمير سوريا التي كانت دولة مكتفية ذاتيا على الصعيد الاقتصادي وستحولها بعدما فشل مشروع تفكيك الدولة وتقسيم الأرض والشعب ، الى دولة مقترضة مديونة.
مواجهة كل هذه التحديات التي تواجه الأمة العربية يجب ان تبدأ من العراق ، وباستقرار العراق ، ففيه كانت
البداية وعليه ان يفرض النهاية ، لذلك ننصح العراقيين الخروج من عقدة الماضي والتحرر من شهوة الانتقام واعادة النظر بصياغة مستقبل العراق بشكل أفضل يعيد العراق الى العراق.