Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Dec-2017

تشغلنا وتشعلنا.. سبحان من وهبها هذا البهاء - محمد كعوش

 الراي - اطل على مقر الجامعة العربية من نافذة الفندق الواقع في محيط ميدان التحرير بالقاهرة، ارى الراية الخضراء فوق مبنى جامعة الدول العربية لا ترفرف رغم الرياح التي تهب من كل جانب، هي ساكنة ساكتة عاجزة متهالكة مثل النظام العربي الذي لا احسده على واقعه، وهو النظام الذي لا يستحق المديح أو الثناء، فقد النخوة وصرخة الدم، قبل أن يفقد القدرة على الحركة والمبادرة في مواجهة التحديات.

اراقب المشهد باهتمام، كل شيء من حولي صامت، سوى ضجيج حركة الوفود العربية التي وصلت
لعقد اجتماعها الطارئ في مقر الجامعة، وهو الضجيج الذي تشابك مع صراخ المحللين السياسيين الكثر في البرامج الحوارية في الفضائيات العربية، وخرجنا في الحالتين بلا فائدة تذكر، لأننا نسمع ضجيجا ولا نرى طحنا، ولأن الموقف لم يعد واحدا ولا اللغة واحدة، وفقدنا الثقة وبقي لنا الأمل، خصوصا بعد اعلان البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب الذي سقفه الأدانة ورفض القرار الأميركي بشأن القدس فحسب.
 
القضية الساخنة التي تجمعنا وتشغلنا وتشعلنا اليوم هي مدينة القدس الفلسطينية العربية بمسلمي الأمة ومسيحييها، وهي المقدسة عند مسلمي العالم ومسيحييه. المدينة بكاملها تواجه عملية التهويد الصهيوني، كما تواجه عملية السطو على هويتها وتاريخها ومقدساتها، سبحان من وهبها هذا البهاء وهذا التاريخ المقدس، ووضعها في هذا المكان التاريخي والجغرافي والمكانة الروحية، وسبحان من منحنا هذا العجز المهين وهذا الصمت الطويل الذي عبث بمسار القدس ومصيرها واوصلها الى دفتر قرارات ترمب!
 
الذين شاهدوا الرئيس ترمب عندما وقع قراره المشؤوم، والذي احتل نصف صفحة، بطريقة استعراضية طافحة بالحقد والكراهية والعنصرية، لابد انهم لاحظوا من خلال لغة الجسد، وطريقة الحديث، والحركات اللاارادية، أن الرئيس الأميركي غير متوازن انسانيا «غريب الأطوار» لا يمكن التنبؤ بردود افعاله، كما أنه قادر على اتخاذ قرارات ارتجالية غير مدروسة، حتى لو اضرت بالمصالح الأميركية.
 
الرئيس ترمب يمثل حالة غير مسبوقة في البيت الابيض، لذلك أطلق قراره الذي فجر الغضب واشعل النار في كل الجهات، وهو القرار المرفوض الذي خرق كل قوانين الشرعية الدولية، وتجاوز القيم الأخلاقية والأنسانية، وأكد الشكوك بأن الولايات المتحدة غير مقبولة كوسيط في حل الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي بسبب الانحياز الأميركي الكامل لجانب المصالح الأسرائيلية.
 
عندما وقع ترمب قراره بضم القدس واعلانها عاصمة لاسرائيل، اراد تسجيل موقف متقدم يبز فيه اسلافه من الرؤساء، كما اراد أن يسجل موقفا تاريخيا في تأييد الحركة الصهيونية العالمية بتتويج مئوية وعد بلفور بوعد ترمب، وقد لاحظت أنه وقع القرار المشؤوم في كتبه، وهومحاط باشجار الميلاد، رغم ادراكه بأن مثل هذا القرار هو خيانة لدم وتعاليم السيد المسيح في عيده.
 
الحقيقة أن المسألة ليست جديدة، ولكن في الماضي لم يكن أي تحرك وقائي عربي واسلامي لحماية القدس تجاه عملية التهويد، أو لصد مثل هذا القرار. اذكر أن مباحثات «كامب ديفيد « بين الرئيس عرفات وباراك، توقفت عند قضية القدس، ورفض عرفات التوقيع، لأن القدس هي لكل العرب والمسلمين، وعندها قال الرئيس كلينتون لعرفات: اذا لم توقع لن تجد يدك من يصافحها بعد اليوم، وتدخل جورج تينيت ووجه كلامه للرئيس كلينتون قائلا ما معناه :» يبدو أن» تشيرمان عرفات» لا يعرف أنه يعيش في منطقة حدودها تتغير وشعوبها تتغير»!
 
الثابت أن ترمب وادارته غير مدركين لأهمية القدس المحتلة عند العرب والمسلمين، ولا يعرفون مكانتها الروحية المقدسة عند كل الديانات، لذلك يحاولون العبث بهويتها وتاريخها، لذلك يجب أن يسمعوا الصرخة التي تتجاوز الأدانة والأستنكار، فهذا القرار نسف عملية السلام برمتها، ومعاهدة اوسلو التي ولدت في البيت الأبيض ودفنت فيه «البيت الأبيض أعطى والبيت الأبيض أخذ»!
 
وهذا القرار الخطر، لا يمثل ضربة لمستقبل القضية الفلسطينية بعاصمتها القدس فحسب، بل يصيب المصالح الأردنية، لأن رعاية وضمان المقدسات الأسلامية والمسيحية هي شأن اردني، لذلك يجب أن يتواصل الدفاع عن القدس وقضية الشعب الفلسطيني والمصالح الأردنية العليا.