Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Mar-2018

لبنان: انتخابات «مُفخّخة» وأجواء إقليمية «مُحتقِنة» - محمد خروب

الراي -  لم تزل اصداء التصريح الذي نقله البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عن رئيس الجمهورية اللبنانية الجنرال ميشال عون, بأن «البلد مفلِّس» تتردد في جنبات المشهد اللبناني, الذي لا تنقصه المخاوف في ظل معركة انتخابية (برلمانية) غير مسبوقة, في تحالفاتها الغريبة والخارجة عن المألوف اللبناني, حيث لم تنطو التحالفات «السابقة» على مفاجآت او انقلابات كالتي تحدث الآن, بعد إقرار قانون انتخابات جديد يجمع بين النسبية والصوت الاكثري, ويهدِّد ضمن امور اخرى, معظم القوى السياسية والحزبية التقليدية, القائمة على البعدين الطائفي والمذهبي, بامتدادتهما الإقليمية وتحالفاتهما الخارجية,حيث سيفقد اغلبها جزءا من قوته البرلمانية, وتراجع في عدد المقاعد التي كانت «يحصدها» باطمئنان في ظل القانون الشهير المسمى «قانون الستين» الذي لم يعد الان قيد التداول, بعد ان تعرّضت الطبقة السياسية والحزبية المهيمنة لضغوط شديدة من قوى المجتمع المدني بمساندة بعض الاحزاب, التي لم تعد «راضية» عن اللعبة «التقليدية» التي ضبطت صراع «النخَب» المحتدم على كعكة السلطة, بعد التغييرات العاصفة التي طرأت على موازين القوى, وبعد ان لاح في الأفق ان جهات وقوى داخلية تحظى بدعم خارجي اقليمي ودولي تسعى لفرض قواعد لعبة جديدة, قائمة على شعار مشبوه راج مؤخرا يدعو لبنان الى «النأي بالنفس» عمّا يحدث في المنطقة.

لا يخفى على احد ان شعارا كهذا, يندرج في اطار مشروع «الشرق الاوسط الجديد» الذي لم يتخلّ عنه اصحابه, وإن تغيّرت اسماء اللاعبين لكن المرجعية تبقى واحدة في واشنطن وتل ابيب وبعض العواصم العربية
والاقليمية, الساعية لتقليل خسائرها و»استنقاذ» مشروعها, بعد الهزائم والانكسارات التي لحقت به
وبخاصة في سوريا. وهؤلاء لم يفقدوا الأمل بعد، ظنّاً منهم ان المزيد من ابتزاز واستنزاف موسكو ودمشق والقوى الحليفة لهما, قد تُسهم في تأجيل اندحار مشروعهم.
ما علينا..
رغم محاولات التخفيف من وطأة عبارة «البلد مفلِّس», إلا أن الاوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان صعبة, وبخاصة مع ارتفاع المديونية الى ما يزيد على 80 مليار دولار, فضلاً عن التعقيدات والمخاطر التي يواجهها لبنان في محاولات لاستغلال ثروته النفطية والغازية في منطقته الاقتصادية الخاصة, وجهوده للحصول على «اموال» وقروض من الجهات المانحة دعما لموازنته, ما يمنح معركة الانتخابات البرلمانية أهمية استثنائية, وإن كانت في النهاية لا تعدو كونها إعادة انتاج للمشهد القديم, حيث التنافس محصور بين القوى السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية ذاتها, ربما مع اختلاف في الاسماء. اذ سيتقدم الصفوف فيها «بعض الورَثة» مثل تيمور جنبلاط الذي سيخلف والده في الزعامة, كذلك طوني فرنجية بديلا من والده سليمان فرنجية، وثمة فيصل كرامي وريثاً سياسياً لوالده الراحل عمر كرامي, وجبران باسيل و الجنرال شامل روكز لوراثة «عمّهما»( والد زوجتيهما) الجنرال عون. واسماء اخرى ستغيب او تُغيّب لاسباب لها علاقة بتركيب اللوائح والتحالفات. واخرى لان خلافات في «الرأي» اندلعت بين قيادات الحزب الواحد, كما هي الحال بين سعد الحريري وفؤاد السنيورة اذ الاخير بات خارج القوائم الانتخابية منصرفاً لأعماله التجارية. فيما يواصِل سمير جعجع وسامي الجميل وسعد الحريري الجلوس في الصفوف الامامية كأمراء حرب او ورَثة.
لا تغيب الازمات الاقليمية عن المعركة الانتخابية التي ستصل خواتيمها في السادس من ايار القريب. إن لجهة المتغيرات المتلاحقة في الازمة السورية, والقلق الذي يستبد ببعض الافرقاء في لبنان, وخصوصا اؤلئك الذين راهنوا على «الثوار» ووفروا لهم الدعم المالي واللوجستي والملاذ الآمن، أم لجهة التهديدات التي يواصل قادة العدو الاسرائيلي اطلاقها باتجاه لبنان, والإجراءات الاميركية الرامية إطباق الحصار والعقوبات المالية على حزب االله, والمحاولات التي لا تنتهي لمنع مشاركته في الحكومة اللبنانية المقبِلة, عبر شن حملة إعلامية ضارية عليه وتشويه سمعته ودعم منافسيه, وبخاصة في دوائر البقاع وبعلبك, حيث يعتبِر «تيار المستقبل» ان مجرد إحداث اختراق في قائمة الحزب هناك, والتي كانت تُنتَخب كاملة ، يعتبرها.. «ام المعارك», وهو (تيار المستقبل) يستهدف شخص/مقعد المرشح على قائمة الحزب اللواء جميل السيد مدير الامن العام(المخابرات) السابق, واحد الجنرالات «الأربعة» الذين اتُّهِموا باغتيال رفيق الحريري، ومكثوا في السجن «اربع سنوات», الى ان أُطلِق سراحهم لعدم توفر الأدلة(..).
يصح وصفها بالانتخابات «المُفخّخة», وإن كانت حتى اللحظة بعيدة عن العنف المادي, ولم يُستخدم فيها السلاح, او تُرافِقها التفجيرات حتى الان. ونأمل أن تبقى بعيدة عن ممارسات مدانة كهذه, الا انها في الوقت نفسه لا تخلو من عنف «كلامي وتراشق إعلامي» آخذان في التصاعد, وبخاصة بعد الوصف المهين والجارِح الذي اطلقه وزير الداخلية القيادي والمرشح البارز في تيار المستقبل نهاد المشنوق, عندما وصف مناصري حزب االله وحركة أمل وحركة الأحباش بـ»الأوباش». ما اثار عاصفة من ردود الفعل والاتهامات المضادة، وكان سبقها الوصف «الأسوأ» الذي اطلقه رئيس التيار الوطني الحر, صِهر رئيس الجمهورية وزير الخارجية جبران باسيل, على رئيس مجلس النواب نبيه بري, عندما نعته بـ»البلطجي». ما سرّع في قطع ما تبقى من علاقة مُتوتِّرة وواهية.. بينهما.
تبقى الإشارة الى ان الطبقة السياسية المهيمِنة, ما تزال غير قادرة على ايجاد حلول لأزمات لبنان واللبنانيين المتدحرِجة والخطيرة. في الوقت ذاته الذي تواصِل فيه «تخدير» اللبنانيين, عبر بذل الوعود التي لا تُنفّذ, ما يُبقي اللبنانيين في دائرة لا تنتهي من الأزمات الاقتصادية والمعيشية وتراجع الخدمات وبؤس البنى التحتية.