Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-May-2019

نتانياهو: أزمة شخص ونظام في إسرائيل*ماجد الشيخ

 الحياة-يعاني بنيامين نتانياهو بكل الأحوال؛ رئيساً لحكومة الائتلاف، ومرشحاً لتشكيل حكومة جديدة في أعقاب الانتخابات الأخيرة، ومتهماً بالعديد من قضايا الفساد والرشوة، من مزيج من الاضطرابات الشخصية ومتلازمات الاستبداد السلطوية، ناتجة من اختلال النظام السياسي الإسرائيلي، واعتلال سلطة رئيس الحكومة، وعدم قدرته على تكتيل قاعدة سياسية وحزبية ثابتة داعمة له، واستقطاب تأييد متوازن قادر على انتشاله من ورطاته المتعددة، لتشكيل ائتلاف مستقر، إذ يواجه تحديات شتى لدوره، حتى بين صفوف ائتلاف قوى اليمين الحريدي (المتدين) المتطرف، وقيادة أفيغدور ليبرمان لحركة اعتراضية، تزيد من وزن المشاكل والمعوقات التي تعترض التشكيلة الحكومية، في ظل مراوغات بلا حدود، تقود نتانياهو اليوم نحو محاولة إنقاذ نفسه من محاكمات اتهاماته بالفساد، وذلك بلجوئه إلى محاولة إجراء تعديلات دستورية وقضائية، قد تكفل له النجاح في تأجيل المحاكمات والمماطلة بالنظر فيها.

 
 
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "هآرتس" أخيراً النقاب عن سعي نتانياهو لبلورة وصياغة قانون لتعديل قانون الحصانة البرلمانية، لإعادته إلى صيغته التي سادت حتى العام 2005، من جهة، وتعديل دستوري في صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا، يمنع المحكمة من مراقبة قرارات الحكومة والوزراء، لاسيما في حال رفضت لجنة الكنيست، التي يملك فيها (نتانياهو) غالبية، طلباً برفع الحصانة عنه لتقديمه للمحاكمة.
 
في موازاة ذلك، اتضح من الأنباء التي تم تسريبها عن جلسات المفاوضات المختلفة مع الأحزاب المرشحة لتشكيل الائتلاف الحكومي القادم، أن نتانياهو يعتزم، إلى جانب تسريع تشريع تعديل الحصانة البرلمانية، إدخال تعديلات قضائية تقلل من صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا في نقض قوانين سنها الكنيست، مثل "قانون طرد عائلات منفذي العمليات الفدائية"، وقوانين أخرى أعرب المستشار القضائي للحكومة سابقاً أنها غير دستورية، وتتناقض مع القانون الدولي، وحتى مع القانون الداخلي في إسرائيل مثل "قانون تشريع المستوطنات"، و"قانون ترحيل اللاجئين الأفارقة" الذين يصفهم القانون الإسرائيلي بـ "المتسللين ومهاجري العمل".
 
كثف نتانياهو من مساعيه هذه، في وقت واصل محاموه رفض تسلم ملفات التحقيقات من ديوان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، بحجة عدم تلقيهم أيا من أتعابهم لغاية الآن، وذلك بهدف الضغط على المستشار القضائي للحكومة، لتأجيل موعد جلسة الاستماع الرسمية لـ "بيبي" (بنيامين نتانياهو)، قبل تقديم لائحة الاتهام ضده رسمياً. يأتي ذلك فيما كان المستشار القضائي لحكومة الاحتلال، حدد قبل الانتخابات موعد العاشر من تموز موعداً لجلسة الاستماع. لكن نتانياهو يراوغ حالياً أملاً في تأجيل هذا الموعد لأشهر عدة، بدعوى أن المدة التي حددها المستشار القضائي غير كافية للاستعداد لجلسة الاستماع الرسمية، في وقت يتوقع مراقبون أن يحصل الأخير في نهاية المطاف على تمديد لموعد جلسة الاستماع الرسمية إلى شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
 
ومع أن نتانياهو حاول أخيراً نفي أن يكون هدف الحكومة القادمة تشريع قانون "الحصانة البرلمانية"، إلا أنه أقر أن حكومته القادمة ستسعى وفق خطوطها العريضة إلى ما أسماه "تعزيز سلطة الحكومة في الحكم وإعادة السيادة للشعب"، بما يشكل استمراراً لخطه الدعائي خلال الانتخابات، الذي يقول أن من يجب أن يقرر هو الناخب الإسرائيلي وليس أجهزة القضاء والشرطة والإعلام (المنحاز أصلا لليسار ويسعى من دون كلل لإسقاط حكومة اليمين، وليس شخص نتانياهو فقط).
 
وصل الأمر بنتانياهو الإعلان عن اعتزامه تمديد دورة الكنيست الصيفية، لإكمال تشريعات قانونية وصفها بالـ "مهمة"، وادعى أن سياسته "كانت دائماً الحفاظ على قضاء قوي ومستقل، ولكن هذا لا يعني أن المحكمة قادرة على كل شيء". وفي توجهات لإعلان بطلان العديد من التشريعات التي لا تخدمه شخصياً ولا تخدم قوى اليمين المناصر له، يأتي اليوم ليزعم أن هناك حاجة للموازنة بين مختلف سلطات الحكم الثلاث، "التشريعية والتنفيذية والقضائية"، ووقف ما يسمى في إسرائيل "بالقضاء الفعال" في إشارة إلى نزوع المحكمة الإسرائيلية العليا في العقدين الأخيرين، ومنذ أواخر التسعينات، إلى التدخل في قرارات الحكومة وقوانين الكنيست التي تتناقض مع قانون أساس "كرامة الإنسان وحريته".
 
وتشير تصريحات نتانياهو غير المتسقة مع تركيبته الشخصية والسياسية، إلى حدوث تغيير في موقفه المحافظ، في السنوات الأخيرة، الذي ظل على رغم التحريض المتواصل ضد جهاز القضاء، يعارض خطوات تشريعية حثيثة، لتقييد صلاحيات المحكمة العليا. لكن هذا الموقف تغير الآن بفعل خشية نتانياهو من أن يؤدي تدخل المحكمة في حال لم يتم إدخال تعديل دستوري، إلى إلزام الكنيست برفع الحصانة البرلمانية عنه وتقديمه للمحاكمة.
 
في هذه الأثناء، اتهم رئيس حزب "أزرق أبيض" (كاحول لافان) بيني غانتس قبل أيام، نتانياهو بتلقي ما أسماه: "رشوة سياسية"، بعدما وافقت الحكومة الإسرائيلية أخيراً على مشروع القانون الذي سيتيح تعيين عدد غير محدود من الوزراء ونواب الوزراء، استعدادا لطرحه على الكنيست للقراءة الأولى. وقال غانتس إن "من شأن التحرك لتوسيع مجلس الوزراء من 21 عضواً إلى ما بين 26-28 عضواً، أن يلغي قانوناً يعود إلى العام 2013، حدد عدد الوزراء بـ 18"، وأشار إلى أن "زيادة عدد الوزراء في الحكومة، أداة أخرى من أدوات الرشوة السياسية، ولن يتم استخدام هذه الأداة لفائدة مواطني الدولة، ولكن من أجل الإنقاذ السياسي والقانوني للأطراف المعنية". وأكد أن "من يشارك في هذا الأداة هو شريك كامل بالرشوة السياسية". وأضاف: "لا توجد مسألة تتطلب زيادة عدد الوزراء، في الواقع هناك موضوع، حماية بيبي، ولا أرى أي سبب آخر لذلك، وفي غضون أسابيع قليلة، سنتحدث عن قانون الحصانة، وهو إجراء آخر من أعمال نتانياهو لبناء حصن قانوني يحول الحكومة والنظام البرلماني إلى ملاذ للجناة".
 
ويشكل إعلان نتانياهو عزمه تسريع عملية التشريع وإجراء تعديلات قانونية ودستورية، بما في ذلك إقرار فقرة في قانون أساس القضاء، تتيح للكنيست "التغلب على عائق المحكمة العليا"، وإعادة تشريع قوانين سبق للمحكمة أن ألغتها، ستاراً من أجل تمرير التعديل الذي يتيح للكنيست، بفعل الأغلبية التي يملكها في لجنة الكنيست، رفض رفع الحصانة عنه.
 
ويستند نتانياهو في مساعيه هذه إلى الدعم الذي يلقاه أساسا من اتحاد أحزاب اليمين الديني الصهيوني ومن حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراة" الحريديين، مقابل منحه تنازلات كبيرة لهذه الأحزاب وتلبية مطالبها الائتلافية، لاسيما ما يتعلق بقضايا الدين والدولة ووقف تشريع قانون التجنيد وفقاً لمطالب الحريديم، وبدء خطوات تشريعية فعلية لضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وبسط السيادة الإسرائيلية عليها، بما فيها المستوطنات المعزولة، وفقاً لمطلب تحالف أحزاب اليمين الديني الصهيوني الذي يقوده زعيم "البيت اليهودي" الحاخام رافي بيرتس.
 
أخيراً، لا بد من الإشارة إلى اتهام وزير الجيش الإسرائيلي الأسبق، وعضو الكنيست الحالي موشيه يعلون، لنتانياهو بمحاولة التفرد بالسلطة وإلغاء الديموقراطية من الحكم، من خلال تهربه من وجه العدالة. ووفقاً لموقع "مكان" العبري، قال يعلون إن "رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يسعى بهدوء إلى تغيير نظام الحكم، بغية تحويله إلى سلطنة تركية يكون هو حاكمها". ورأى أن "كل الوسائل باتت صالحة لتهرب نتانياهو من وجه العدالة والقضاء".
 
* كاتب فلسطيني.