Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Nov-2019

وزير الدفاع يلعب بالنار

 الغد-يديعوت أحرونوت

 
بقلم: اليكس فيشمان
 
جولة الضربات في الجبهة الشمالية لم تنته بعد. هذه مواجهة حساسة، كل كلمة زائدة تقال في اسرائيل من شأنها ان تغير الوضع. وهنا، في اختباره الاول كوزير دفاع، تصرف نفتالي بينيت كولد تناول بيديه رزمة العاب نارية فركض ليري الرفاق كيف يكون اللعب. تبجحاته رسخت واقع “لم تعودوا محصنين” والتي كان يقصد بها زعماء ايران، وتؤخذ بجدية في طهران. وبشكل عام، منذ متى تمس اسرائيل بزعماء دول اجنبية، حتى لو كانت معادية بل وتعلن عن ذلك مسبقا؟ هذه شعارات للميادين. على بينيت أن يفهم بأنها انتهت الايام التي كان يتحدى فيها وزراء الدفاع. الآن هو مطالب بأن يكون الراشد المسؤول.
بزعم الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الروسية، كان هجوم أول من أمس هو الرابع في سلسلة هجمات جوية نفذتها اسرائيل منذ محاولة تصفية رجل الجهاد الاسلامي اكرم العجوري، في حي الدبلوماسيين في دمشق في 12 الشهر الحالي. منذئذ، حسب الروس، الذين بشكل عام لا يزيفون في البيانات الرسمية – هاجمت اسرائيل ايضا في 18 من الشهر اهدافا على حدود سورية – العراق. الطائرات، وفي 19 الشهر الحالي، هكذا حسب الروس، هاجمت اسرائيل المطار في دمشق واطلقت صواريخ ايضا ضد اهدافا على بعد 18 كيلو مترا جنوب العاصمة السورية – ما يشرح، ربما، اطلاق الصواريخ الايرانية الاربعة نحو جبل الشيخ. وأول من أمس، وفي حدث اخذت اسرائيل المسؤولية عنه، اطلق سلاح الجو بزعم الروس 40 صاروخا جوالا نحو ضواحي دمشق وتسبب ضمن امور اخرى بموت عشرة سوريين. هذه الهجمات المتتالية، بعد “صوم” طويل جدا، لم يأت رد على نار صواريخ لمرة واحدة. هناك انطباع بأنه توجد هنا خطة سياسية عسكرية– وان الامر الاخير الذي تحتاجه هو ثرثرة وزير دفاع غر.
لقد تلقى الروس بلاغا بالهجوم الاسرائيلي قبل بضع دقائق فقط من ضربة الصواريخ، وصباح أول من أمس امس اصدروا “بطاقة صفراء” في بيان شجب فاتر جدا على لسان نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. وبعد الظهر اصدرت وزارة الخارجية لدولة اسرائيل “بطاقة حمراء”. الروس هم الاخرون فهموا، اغلب الظن، بانه يوجد هنا ميل جديد من شأنه ان يعرض طائراتهم للخطر. ولهذا فقد قرروا ان يصدروا أول من أمس منشورا مفصلا للاعمال العسكرية الاسرائيلية في سورية، تماما مثلما فعلوا بعد اسقاط طائرتهم الاستطلاعية في ايلول (سبتمر) 2018، بعد هجوم جوي اسرائيلي. لقد حدد الروس لاسرائيل، حتى قبل بضعة اشهر، بأن دمشق – واساسا المطار – هي منطقة مصالح روسية واضحة حيوية للحفاظ على مكانتهم في سورية وللحفاظ على نظام الاسد. وهم الآن يلمحون بان الحساب على الطريق. في هذا السياق يشار الى انه بخلاف بعض المنشورات، فإن رئيس هيئة الامن القومي، مئير بن شباط، وان كان في زيارة الى روسيا قبل الهجوم الا انه لم يطلع مضيفيه على ما هو مرتقب.
أول من أمس أثناء الهجوم، دمر سلاح الجو بطاريات صواريخ سورية مضادة للطائرات سورية فتحت النار نحو الطائرات. وضمن امور اخرى دمرت بطارية من طراز روسي متطور نسبيا، أس آي 22. لاسرائيل مصلحة في الايضاح للرئيس الاسد من خلال ضرب اهداف في دمشق والجيش السوري بان استقرار حكمه منوط باسرائيل ايضا. اذا كان لا يستطيع مطالبة الايرانيين بالانصراف – فليمارس الضغط على الروس.
والآن نحن نرى ثلاثة سيناريوهات محتملة في الشمال. الاول: ان يتجاهل الايرانيون الضربة لقياداتهم ومنشآتهم في دمشق، حتى الحادثة التالية. احتمال ان يتحقق هذا السيناريو ليس عاليا، وذلك لأن ايران تكبدت خسائر واضرارا في لباب منظومة القيادة، التحكم والبنى التحتية لها في سورية. هذه المرة اسرائيل حتى لا تختبئ خلف ذريعة مهاجمة اسلحة متطورة هربت الى سورية. فالاهداف التي تقررت في سلاح الجو أول من امس كانت اساسا قيادات رئيسة في منطقة دمشق: واحدة لقوة القدس نفسها والثانية للميليشيات الشيعية المؤيدة لايران. وايران، التي ترى نفسها كقوة عظمى اقليمية وعيون حلفائها تتطلع اليها، لا يمكنها أن تمر على ذلك مرور الكرام.
السيناريو الثاني معقول اكثر: ايران سترد بنار صاروخية، مقنونة، نحو اهداف عسكرية في الشمال. والسيناريو الثالث هو الآخر ممكن، ولكنه اغلب الظن ليس قابلا للتنفيذ في المدى القريب: هنا بات الحديث يدور عن صواريخ دقيقة نحو مواقع لبنى تحتية في عمق اسرائيل. مثل هذا التنفيذ يستدعي من الايرانيين سلسلة من الاعمال ليست موجودة بقدر ما هو معروف في المدى القصير. في كل الاحوال يتعين على الجيش الاسرائيلي أن يحافظ على التأهب – ولا سيما الدفاعي – لفترة زمنية غير قصيرة.
تستغل اسرائيل هذه اللحظة كنافذة فرص استراتيجية – تغرق فيها طهران في ازمة اقتصادية وتحديات الاضطرابات في الداخل، في العراق وفي لبنان. وهجمات اسرائيلية ناجحة ضد اهداف ايرانية كفيلة ايضا بأن تمنح ريح اسناد لمحافل في العراق وفي لبنان تعارض تواجد الايرانيين في دولتيهما.
موعدان سياسيان سيؤثران على السلوك الايراني في الاشهر القادمة: الاول، شباط (فبراير) 2020، موعد الانتخابات للبرلمان في طهران، حيث قد تعود الى الحكم القوى المحافظة المدعومة من الحرس الثوري. والموعد الثاني هو الانتخابات في الولايات المتحدة في نهاية 2020. ولو كان هذا منوطا بالرئيس الايراني الحالي، لكانت بلاده ضبطت نفسها ولم تخلق ازمات دراماتيكية في المنطقة الى ان يتبين من سيكون في البيت الابيض.
في هذه الاثناء، اللهيب في الساحة الشمالية قد يتفجر في كل لحظة – وهو يستوجب يدا مستقرة، متوازنة وهادئة على الدفة الامنية.