Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Apr-2020

القناعة والوقت.. والأمن وكورونا*محمد علي مرزوق الزيود

 الراي

أعتقد أن الحياة ما بعد رحيل كورونا ستؤدي بنا إلى مجموعة من الحتميات لا يمكن تفصيلها، ولكن لا بد من عرض لبعضها، ومن هنا أسوق للقارئ العزيز ثلاث حتميات وازنة يزنها بالذهب كل ذي لب ودين وانتماء.
 
أولها القناعة: ومن هنا علينا ودون سابق تثقيف أو توعية أن نذهب مقدرين مخلصين لعظمة كل النصوص النقلية والبراهين العقلية التي دأبت على تربية البشرية لتتخلق باخلاق القناعة، وأعتقد أن النفس السوية عليها العودة فطرياً إلى قواعد الفهم العظيم والعميق للقناعة.. القناعة أن تحمد الله أنك ما زلت على قيد الحياة، القناعة أن تحمد الله أنك في بيتك لا هائماً على الحدود، القناعة أن تحمد الله على ما أتاك من رزق، القناعة أن تحمد الله على نعمة الهواء الذي تتنفسه دون كمامة، القناعة أن نحمد الله على كل شجرة موجودة في وطننا، ونمني النفس هذه الأيام لو أننا نفترش الأرض تحتها، بل ونعض الأصابع ندماً على كسر ولو جذع صغيرٍ من قدسية صنوبرة في غاباتنا، القناعة أن نحمد الله على وجود ملاعب تحتضن الجميع، وكم نمني النفس لو نعود اليها سريعاً، ونعد بأننا سنحترم كل مكوناتها وتفاصيلها، وأجزم أننا نحدث انفسنا ما هذا الذي كنا نقترفه من عقوق وإسفاف بحق منشآتنا..
 
علينا أن نحمد الله على كل هذه المستشفيات والمراكز الصحية، وكل هذا الكم والنوع من كوادرنا الطبية، وأعلم أن كل واحد منا سيراجع حساباته، بل وسيزجر نفسه على كل فعل كان من شأنه المساس بمؤسساتنا الطبية، أكان ذلك بكسر زجاج، او كتابة على جدار، أو تمزيق سرير.. وأجزم أن كل من اقترف ذنباً لفظياً أو جسدياً بحق أي طبيب أو ممرض يشعر بالإثم ويطلب الصفح ممن يرتدون مريولاً أبيض كبياض قلوبهم.. وثانيها نعمة الوقت: سيدرك العقلاء أننا كنا نعيش في غفلة عن أمور الدنيا وأمور الآخرة، فلا نحن عمار دنيا ولا عمار آخرة، رغم أنهما لا يتعارضان، وسندرك أننا أضعنا أعمارنا في ملهاة وقتية قصيرة، وأعلم أن أمانة العقل سَتُفعل، وسيصبع الوقت ذا قيمة، ولا بد من وضع برامج لإدارته، واستغلال كل جزئياته فيما ينفع النفس وينفع الناس، ومن هنا أعتقد أن انطلاقة أي دولة بعد كورونا وتعافيها يجب أن يكون بإدراك شعوبها لأهمية الوقت وبشكل عملي ومدروس.
 
وثالثها وقائمها نعمة الأمن: وسأذهب الى بساطة في الطرح ودون تعقيد نحوي او تصويري، من منا جميعاً لم يدرك أن هذه المؤسسة التعليمية، واخص المدارس، كانت تحمل عنا كتفاً لا تشيله إلا الدولة، من منا لم يشعر بضيق وقهر وراح يضرب أخماساً بأسداس لأن أبناءه لا يستطيعون أن يضبطوا ولو برنامجاً واحداً لتعليمهم داخل البيت.. هذا العمل بحاجة الى مؤسسات دولة، ومنظومة أمنية تحافظ على إنسيابية العملية من البيت إلى المدرسة والعودة، ولك أن تسأل السؤال الكبير: لا قدر الله لو كنا في حالة فوضى كيف سيكون حال فلذات اكبادنا وحالنا ؟
 
وستسأل نفسك مطولاً: كنت أذهب إلى المسجد والأقارب، وأجلس في المقهى، وأحضر المباريات، وأسهر في الحدائق، ويذهب ابنائي إلى الجامعة وبكل طمأنينة، ومصلحتي تعمل، ومزرعتي تثمر أمامي، اليس كل هذا بفضل الله أولاً..! وبنعمة الجيش والأجهزة التي حبانا الله بها لننعم بالأمن والأمان.. وستسأل نفسك كثيراً وستجد أن حب هذا الوطن عليك هو المكتوب..