Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Apr-2020

عالم قذر سياسياً*حسني عايش

 الغد

إذا احتاجت اتفاقية أوسلو إلى نحو ثلاثين عاماً ولم تصل إلى نهاية، فهل تحتاج خطة ترامب إلى قرن لتحقيق أهدافها؟ الجواب: لا. إنه يتم تنفيذها الآن لأنها ليست خطة بل تواطؤ بين شلة القراصنة نفسها على سلب القارب. أما أوسلو فكانت اتفاقية بين القاتل والضحية الذي كان ينازع وبها مات. وقد جاءت خطة ترامب لدفنه.
وبما أن العالم واحد القطبية، وأميركا هي هذا الواحد، وإسرائيل تتحكم بها فإن بقية حكام العالم يتوزعون بين متآمر معها ضد شعب فلسطين أو متواطئ معهما عليه، أو جبان، أو حتى أجير عندهما، فلا يستطيع أي منهم أن يفتح فمه بالملآن ليشجب الخطة، لأن ترامب المتحول بالتدوير (Recycling) عن نتنياهو، سيعلن مقاطعته.
ولما كان لا بلدَ في العالم يستطيع أن يستغني عن أميركا ويبقى آمناً، فإن الجميع يتوزعون حسب ما ذكرت. ألم تر ما فعلت تونس بمندوبها في الأمم المتحدة لأنه شجب الخطة؟ ألم تر القائد العسكري عبد الفتاح هارون السوداني كيف قدم الولاء والطاعة لنتنياهو مدعياً أن الله أمره بذلك؟
خذ أوروبا تجد أنها تنافق لإسرائيل، مرتين: مرة لابتزاز إسرائيل لها بالمحرقة، وأخرى بالمحارق السابقة لليهود قبلها، فلا تصدقوها. لقد اعتبرت ألمانيا – مثلاً – المقاطعة الدولية للصناعات الإسرائيلية في المستوطنات إرهاباً.
بقيت الصين وروسيا: في زعمي أنهما لا تختلفان – إسرائيلياً وأميركياً – عن أوروبا، ربما لإنهما أكثر دولتين تنشدان رضا أميركا عليهما، وطريقهما إلى ذلك هو إسرائيل. وإلاّ هل سمعتم شجباً أو تنديداً صريحاً واحداً منهما بخطة ترامب؟ تضحكان علينا بتأييد حل الدولتين المتبخر تماماً بالخطة.
أما العرب يا عيني عليهم – أنظمة وحكومات وليس الشعوب العربية- فقد بدأوا بالتخلي عن القضية منذ حوّلها عرفات من قضية فلسطين إلى قضية فلسطينية، وباتفاق أوسلو السخيف مع إسرائيل الذي قلب مفاهيم الحرية والتحرير في العالم رأساً على عقب، فقد كانت كل حركة حرية وتحرير تقيم دولتها على أرضها بعد التحرير، وليس قبله كما فعل عرفات وخلفه.
مخزٍ تنازل العرب عن القضية لصالح إسرائيل مع أن العرب رسمياً هم الذين ضيعوا فلسطين بالكامل بحروب أتت عليها جميعها، وعلى بعض أجزاء من بلدانهم أيضاً. ولكنها للأسف ولسوء الخلف صارت في هذه الأيام تقفز من على ظهر الشعب الفلسطيني إلى أحضان إسرائيل وتسمح لأفراد فيها بكتابة شعارات ممجدة لها على جدرانها.
يبقى علينا الإشارة إلى إيران وتركيا: إنهما في رأيي يستغلان القضية أحسن استغلال للحصول على سكوت أو تأييد عربي لأطماعهم في الأراضي العربية. وعليه فإن عداءهما لإسرائيل تكتيكي لا إستراتيجيا، وإلا فإن هذه الأيام هي الأفضل لهما لمقاومتهما ليس دبلوماسياً، فحسب بل وعسكرياً أيضاً، لأنهما تدعيان أنهما في أفضل حالاتهما قوة، ولأن الوقت الذي يمضي يصب في صالح إسرائيل. أما إذا كانتا تتظاهران بالحرب بالوكالة ضدها فإننا لا نشاهد ذلك على الرّغم من الضربات الإسرائيلية للمراكز الإيرانية ومليشياتها في سورية والعراق، ومن الرفض الكلامي التركي لخطة ترامب. وفي رأيي أن من يحتل أرضاً عربية مثلهما أو يسعى إستراتيجياً إلى احتلالها لا يسعى أبداً إلى تحرير أرض عربية أخرى مغتصبة. ومع هذا دعونا نلاحق العيّار إلى باب الدار.
والخلاصة أن الشعب الفلسطيني فريد ووحيد في قضيته ووضعه. إنه محاصر داخلياً إسرائيلياً وخارجياً عربياً، فلا يمكن لثورة مسلحة أن تقوم وأن تدوم، مما يسهل لإسرائيل إبادته جغرافياً وبيولوجياً إبادة لا تختلف عن إبادة الهنود الحمر على يد ترامب وأبويه وأجداده إلى اليوم. ولعله لهذا التاريخ الممتد إلى هذه الساعة لا يستغرب ما تقوم به إسرائيل ضد فلسطين وشعبها أو يشعر بوخز في الضمير، ما دامت تتماثل مع أميركا به.
لكن الشعب الفلسطيني مع ذلك صابر وصامد على غدر العدو وخذلان الصديق والقريب والبعيد، لوقاية نفسه وقضيته من مصير الهنود الحمر. بالقلق الوجودي الذي يسببه بهما لدولة إسرائيل ولكل إسرائيلي. وسينتهي الأمر مهما طال الزمن بتعرض اليهود الصهاينة الغزاة البيض الاباترديين للمصير نفسه الذي تعرض إليه أشقاؤهم الأوروبيون الغزاة البيض في جنوب أفريقيا.