حين تدخل مسجدا , تخفف من خطواتك , حتى تترك المصلي في لحظة خشوع ..وتخاف أن تمر من أمامه , وهو راكع الله ..لأن المرور من أمامه لايستوي ولا يصح حتى حين تدخل كنيسة , وتكون متأخرا ..تجلس في الصفوف الخلفية , حتى لا تقطع على المصلي لحظة وجدانية , يكون قلبه فيها متوحدا مع الإله ..تخيلوا أنك حين تجلس في الزوايا يوم الجمعة ويكون المسجد مكتظا ,وتلمح نملة تسير على سجاد المسجد تخاف من أن تدوسها قدمك عن دون قصد وتتركها تمضي في سبيلها ..لأن طهر هذا المكان يجعلك تسامح حتى الهواء إن مرت نسمة صاخبة منه وعبرت عن وجهك دون أن تدري ..يا ترى هل هؤلاء بشر مثلنا ؟..هل يراعون حرمة الدم ..هل لديهم قلب ونبض وعاطفة ؟..هل ولدوا من أرحام بشرية ؟..وكانوا يصلون تلك الارحام ...هل لديهم أطفال مثلنا يطبعون قبلات على رؤوسهم , هل ينامون مثلنا وهم يسبحون ويحمدون االله ....؟

القصة ليست قصة إرهاب , هي قصة الإنسان حين يتحول إلى حيوان مفترس ..وحتى الحيوانات ...اقسم أنها لا تهاجم عابدا في مسجد .

وإن فتك بها الجوع ...والقصة أيضا قصة ..مجموعات لا تعرف شيئا عن الدين , ولكنها تعرف كيف تصادر الحياة وتغتال الفرح ..وتسفك دم الناس في لحظة يكون فيها القلب الله وحده .

هؤلاء لا أظنهم من جنسنا , لا أظن أنهم يعرفون مصر , أو يدركون مكانها في التاريخ أو قرأوا ولو حرفا واحدا عن دورها ومكانتها في إثراء المعرفة والحضارة ..

وفي النهاية تسأل نفسك بكل ما فيها من قلق , لماذا نحن في العالم العربي وحدنا نطور الإجرام والدم , بالمقابل العالم يتفنن في التكنلوجيا ويطور الحياة ..لماذا نحن وحدنا في العالم العربي ,ننتج أبشع مشاهد الذبح وننتهك حرمة الدين وحرمة الدم ..ونقتل من دون سبب ..والعالم يؤسس قوانين تحمي الشعور وتصون كرامة الأفراد ...لماذا نحن عن دون غيرنا ...نتحول إلى ذئاب وأفاع ونقتل بسبب ومن دون سبب ..والعالم يؤسس اعيادا للحب وأخرى للصداقة ..

مشهد المسجد في سيناء لم يكن عملية إرهابية , بقدر ما كان اغتيالا للحياة وللعروبة واغتيالا لمصر ...لكن هؤلاء الجبناء لايعرفون أن مصر حية وحرة ولا تموت .