Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Jun-2017

موت بانتظار الإعفاء: سدين تدفع حياتها ثمنا للبيروقراطيةبعد شهر من وفاتها.. معاملة إعفاء جراحة بالدماغ للطفلة ما تزال قيد الدراسة! فيديو
الغد - نادين النمري - على الرغم من مرور شهر على وفاة الطفلة سدين الفسفوس، ما يزال الاعفاء الصحي الحكومي بإجراء عملية جراحية في الدماغ بمستشفى الملك عبدالله المؤسس، والذي كانت العائلة تأمل بالحصول عليه لإنقاذ حياة ابنتهم؛ قيد الدراسة.
واليوم؛ تسعى العائلة، التي ترى ان "التأخر في الحصول على الإعفاء للتحويل الى مستشفى متخصص وإهمال مستشفى الأميرة رحمة للأطفال"، تسبب بوفاة ابنتهم، الى تحريك شكوى جزائية ضد وزارة الصحة والمستشفى، فيما توكلت منظمة أرض العون القانوني، بتحريك الشكوى جزائيا باعتبار ان ما تم مع الطفلة، يشكل خرقا لأهم حقوق الإنسان.
في المقابل؛ أعلنت الوزارة عن تشكيل لجنة للتحقيق في وفاة الطفلة، بحسب ناطقها الرسمي حاتم الازرعي، والذي بين ان "اللجنة باشرت عملها بالتحقيق لمعرفة إن كان هناك أي خطأ بالإجراءات الطبية".
من جانبها؛ تقول مديرة "أرض العون" المحامية سمر محارب لـ"الغد" إن "ما تم مع سدين، يعد خرقا لأهم حقوق لإنسان، وهو الحق بالحياة والرعاية الصحية، الى جانب أن قضيتها تكشف الخلل بأهم ضمانات العدالة الاجتماعية والقانونية، كون الطفلة توفيت نتيجة للعجز المادي لدى عائلتها، وأيضا نتيجة للآليات القانونية المعقدة للحصول على الاعفاءات في مثل هذه الحالات الطارئة، فضلا عن غياب التأمين الصحي الشامل".
وكان مجلس الوزراء الغى نهاية العام الماضي، الاعفاءات الطبية لغير المؤمنين في المستشفيات الجامعية والعسكرية، بما فيها المدينة الطبية ومركز الحسين للسرطان والقطاع الخاص. ووفقا لتلك التعليمات، فان الاعفاءات الطبية تنحصر في المستشفيات الحكومية، وفي حال عدم توافر العلاج بالقطاع الحكومي، يتم التقدم بطلب للنقل الى مستشفى خاص.
عائلة سدين، التي التقتها "الغد" بمنزلها بقرية كفر يوبا بمحافظة إربد، حملت الوزارة وإدارة مستشفى الأميرة رحمة وكادرها، مسؤولية وفاة ابنتهم، معتبرين أن الوفاة ليست سوى نتيجة للإجراءات العقيمة المقرة من الحكومة بمنح الاعفاءات الطبية، والتي أدى تأخرها إلى تفاقم الحالة، إلى جانب "الإهمال وسوء المعاملة" التي تلقتها الطفلة من كوادر التمريض خلال الايام الخمسة التي أقامتها بالمستشفى.  
دخلت سدين لمستشفى الأميرة رحمة في 24 نيسان (ابريل) الماضي، تشكو من صداع شديد في الرأس، محولة من مركز صحي كفر يوبا، وفي المستشفى، أجريت لها عدة فحوصات، وبعد ذلك حولت الى مستشفى الاميرة بسمة، لعمل صورة طبقية، بينت وجود "تضخم في حجرات الدماغ".
يقول سامي الفسفوس، والد الطفلة: "أخبرنا الطبيب المشرف على حالة ابنتي بمستشفى رحمة، بان حالتها تستلزم اجراء عملية جراحية طارئة بالدماغ، لكن لا تتوافر أي امكانيات لإجراء هذه العملية بالمستشفى، كما لا يوجد جراح اعصاب متخصص، ويجب نقلها لمستشفى الملك عبدالله المؤسس".
حصل الأب على ورقة من الطبيب تشخص حالة الطفلة، واتجه مباشرة الى دائرة خدمة الجمهور التابعة للديوان الملكي لنيل الإعفاء، كون الطفلة غير مؤمنة صحيا، كما أن علاجها غير متوافر بالمستشفيات الحكومية، ولا قدرة مالية لعائلتها لمعالجتها بمستشفى خاص، هناك حصل على اجابة، بان الحصول على اعفاء يتطلب ثلاثة أيام فأكثر.
وأضاف الأب "عدت للمستشفى، وطلبت من الطبيب المشرف نقل طفلتي كحالة طارئة لمستشفى الملك عبدالله، لحين صدور الاعفاء، لكنه رفض رفضا مطلقا، وقال ما دام ما معك مصاري وما معك اعفاء، ما بتقدر تروح على مستشفى الملك عبدالله".
حاول الأب مرارا لقاء مدير المستشفى، لكسب تعاطفه وموافقته على نقل الطفلة، لكن الاجابة الوحيدة التي كان يتلقاها من عاملي المستشفى "الدكتور مش موجود".
والدة سدين تحدثت عن حالة ابنتها، واشارت الى ان "صراخها لم يكن طبيعيا من شدة الالم، وكانت تضرب رأسها بالسرير، ما كانت تقدر تشوف الضو، تعذبت كتير، كان عذاب وموت بطيء، كانت تصرخ وتقول اذ بتحبو الله ساعدوني".
وروت الام تفاصيل سوء معاملة عاملي المستشفى لهم ولابنتهم "في البداية ما كان في المستشفى سرير لسدين، نيّموها على فرشة على الارض، بعدين انتقلت على سرير للأطفال دون سن الاربع سنوات (قفص) كان السرير صغير عليها كانت تضطر تثني رجليها عشان يسعها".
"في أحد الليالي حضرت ممرضة وقالت خلّي بنتك تسكت، صراخها مزعج للمرضى، قلتلها بنتي موجوعة وهي بمستشفى مش بفندق، عالجوها" تضيف الام.
لم تتلق الطفلة، بحسب والديها أي علاج، بل أدوية مسكنة، كما انه ومنذ دخولها للمستشفى، لم يتم قياس ضغطها، في آخر يوم لها بمستشفى الأميرة رحمة، "اعطاها الطبيب مسكنا في الوريد، وبعد لحظات من العلاج اصيبت سدين بالتشنج".
وأضافت الام "ركضت إلى غرفة الاجراءات، طلبت الممرضة اجيب البنت لعندها، بعدها قالولي نزليها على العناية المركزة، حملتها ونزلت مثل ما طلبوا مني، هناك وضعوها على جهاز التنفس الاصطناعي".
وقال الاب "كان يوم خميس وما طلع الاعفاء. كان لازم أتصرف، رحت على مستشفى الملك عبدالله.. طلبت جراح الاعصاب، بس شاف الجراح الصورة، قال فورا جيب البنت هون هاي حالة طارئة وبدها عملية فورا".
وأضاف "طلعنا البنت من مستشفى الأميرة رحمة. بس وصلنا مستشفى الملك عبدالله وفحصها الجراح، قال تأخرتوا كثيرا، البنت متوفية دماغيا".
بقيت الطفلة سدين في حالة موت دماغي ستة أيام في مستشفى الملك عبدالله، حاول الاطباء هناك اجراء تدخل جراحي لها، لكن بعد العملية أكد الطبيب شكوكه للعائلة، بأن الطفلة متوفاة دماغيا منذ كانت في مستشفى الأميرة رحمة.
وقال الأب "الوضع المادي وسياسة الاعفاءات والإهمال هي اللي قتلت بنتي. الاعفاء كانت رح تاخذه بكل الاحوال، بس ليش التأخير، يمكن لو كان عندي علاقة بنائب أو مسؤول، كان أخذت بنتي الاعفاء من أول يوم وما ماتت".
وتابع "ليش تأمين الأطفال بس الست سنوات، يعني تحت الستة طفل وفوق الستة مسؤول عن نفسه!".
لم تكن قضية سدين الوحيدة التي عانت منها الأسرة فيما يخص الرعاية الصحية، فقبل عام اضطرت العائلة لبيع منزلها في عمان لزراعة كبد لابنها، يقول الاب "اصيب ولدي وهو في السابعة من العمر بمرض في الكبد، ما يعني زرع كبد جديد له، لكن العلاج غير متوفر في الأردن، فاضطررنا لمعالجته في الخارج، وبلغت تكلفة علاجه 76 ألف دينار، بعت منزل العائلة في عمان، واتينا الى هنا للاقامة في منزل الوالد، كمان تكاليف الحياة هون أقل".
من جانبه؛ بين الناطق الاعلامي باسم وزارة الصحة الازرعي ان "الوزارة وفور نشر القضية في الاعلام، شكلت لجنة للتحقيق في الإجراءات الطبية التي اتخذت في حالة الطفلة سدين"، مبينا ان "اللجنة باشرت عملها وستصدر تقريرها قريبا".
ورغم عدم صدور نتائج التقرير النهائي بعد، لكن مصادر أكدت لــ"الغد" ان النتائج الاولية اعتبرت أنه لم يكن هناك اي خطأ في الاجراءات الطبية المتخذة في حالة الطفلة، وأن ما تم تقديمه لها يتناسب مع الامكانيات المتاحة في المستشفى".
استشاري الطب الشرعي، الخبير الحقوقي د. هاني جهشان، قال "حتى في حالة عدم وجود خطأ في الاجراء الطبي؛ فإن ما حدث للطفلة سدين لا يعفي من المسؤولية"، معتبرا ان "تقصيرا وقع بعدم التحويل الفوري للطفلة إلى مستشفى الملك عبدالله لتلقي العلاج المناسب، فالتحويل لمستشفى رعاية متخصصة واجب، إذا كانت الإمكانيات المتاحة لا تلبي ضروريات علاج الطفلة".
وتابع: "لماذا وجدت المستشفيات الجامعية؟ هل هي مجرد رفاهية لنتباهى ان لدينا مستشفيات متخصصة"، وقال "التحقيق كان من المفروض ان يشمل عوائق تحويلها والحصول على الاعفاء، وايضا إجراءات الوزارة الاخيرة بضبط النفقات وتأثيرها سلبيا على المرض، فالوزارة طرف ولا يجوز اجراء تحقيق منفرد لتضارب المصالح".
من جانبها؛ بينت العين والأمينة العامة السابقة للمجلس الأعلى للسكان د. سوسن المجالي أن "ما حصل مع الطفلة سدين، يؤكد الحاجة لوجود تأمين صحي لائق لجميع المواطنين".
وأضافت "ان التأمين حاليا متوفر لمن هم فوق سن الـ70 والأطفال دون سن السادسة، إلى جانب منتفعي صندوق المعونة الوطنية، لكن بين هذه الفئات الكثيرون ممن يستحقون الحصول على التأمين. هناك كثير من الاسر غير المستفيدة من خدمات الصندوق، لكنهم غير قادرين على تحمل تكاليف علاج، وجب ايجاد آلية عادلة ومنصفة لهذه الفئة".
وأضافت في "العام الماضي؛ أصدرت الحكومة قرارا تم بموجبه اقتصار الاعفاءات على المستشفيات الحكومية، كان الهدف الحد من الهدر والحالات التي يتنفع بها اشخاص غير مستحقين للاعفاءات، لكن عند التطبيق تبين ان القرار أثر سلبا على الفئات الاكثر ضعفا كما في حالة سدين".
وأوضحت "في الحالات الطارئة والمستعجلة كان يتوجب أن يصدر القرار بشكل أسرع، تبقى البيروقراطية التحدي الأكبر".
وفي تبريره لقرار مجلس الوزراء المتعلق بالاعفاءات، قال وزير الصحة د. محمود الشياب في تصريحات صحفية سابقة ان "الاعفاءات قائمة وتعطى بالشروط نفسها، لكن على المريض التوجه للوزارة أولا ومن لا يجد العلاج اللازم في الصحة، يحول إلى المستشفيات الأخرى كحال المنتفعين".
وبين الشياب أن شروط الحصول على الاعفاءات الطبية، الا يكون هنالك تأمين صحي آخر لدى المريض، ومن غير الجائز الاستمرار في النهج السابق ذاته.
وكشف ان المرضى يتقصدون الغاء تأمينهم الصحي ليحصلوا على اعفاءات طبية، لان ذلك يخولهم الذهاب للمستشفيات الجامعية أو المدينة الطبية أو مركز الحسين للسرطان، واحيانا الخاصة.
من جانبها، بينت محارب أن "المنظمة ستتوكل برفع قضية سدين، باعتبارها قضية حقوق انسان"، مبينة أن "الطفلة حرمت من حياتها وحقها في الرعاية الصحية، لعدم القدرة المالية وغياب التأمين الصحي"".
واضافت ان "موقفنا رافض للطريقة المتبعة في الاعفاءات، فهي مهنية تتطلب وقتا طويلا، الى جانب كونها غير ناظمة"
وقالت انه "بحسب الوقائع المذكورة، تشكل هذه الحالة خرقا واضحا وصريحا لأهم حقوق الإنسان بالحياة، والتمتع بالعناية الصحية، ويعني ذلك إمكانية الحصول على الخدمات الصحية، بغض النظر عن وضعنا الاجتماعي والحالة المادية وأين نعيش، وبناء عليه، سنتابع الموضوع مع الجهات المعنية بحقوق الإنسان ومساعدة المؤسسات المختصة".
وفيما يخص الجانب المتعلق بالاهمال في مستشفى الأميرة رحمة قالت محارب "بعد ان حصلنا على تكليف من العائلة، سنتقدم بشكوى لدى المدعي العام ليباشر التحقيق فيها".
فيما يرى جهشان ان ثمة "فوضى" في التأمين الصحي في الأردن، وهي "تشكل انتهاكا صارخا للحق في الصحة، فالتغير مستمر في أنظمة التأمين، والذي يستهدف خفض النفقات لصالح ميزانية الحكومة على حساب المريض وصحته وحياته، بما في ذلك عدم مباشرة مؤسسة الضمان الاجتماعي بتنفيذ المادة الواردة في قانونها، والمتعلقة بالتأمين الصحي للمنتفعين من الضمان وأسرهم".
واشار جهشان، الى تعدد الجهات التي تمنح الاعفاء لغير المؤمنين صحيا والتي تحتاج لإجراءات معقدة وتقارير طبيبة، لا يتم الحصول عليها بسهولة، ويرافق الحصول على هذه التقارير فوضى الواسطة والمحسوبية وعدم مصداقيتها، كما ان استجداء العلاج على أبواب الوزراء ورئيس والوزراء، امتهان لكرامة الإنسان وحقه في الصحة والعلاج.
ولفت الى ما يرافق إجراءات الإعفاءات للحصول على تأمين صحي مؤقت، "من بيروقراطية غير مبررة وتأخير دون أسباب منطقية، وهذه مرتبطة بثقافة راسخة بالقطاع العام، تهدف للاستثمار الوظيفي بالعلاقات الاجتماعية، ولإرضاء من اعتادوا على طلب الواسطة بادعاء انهم وجهاء او شيوخ او إرضاء لنواب المناطق التي يسكنها المريض، وهذه جميعها تشكل نوعا من الفساد في استخدام الوظيفة العامة للمنفعة الشخصية".
وتشير ارقام دائرة الاحصاءات العامة الى ان 66 % من الأردنيين مؤمنين، فيما تقول الحكومة أن كلف "الاعفاءات الطبية" للعلاج خارج مستشفيات الوزارة للاردنيين وغير الحاصلين على الرقم الوطني خلال خمسة اعوام مضت وصلت الى أكثر من مليار دينار تسددها الوزارة الى المستشفيات الجامعية والخدمات الطبية ومركز الحسين للسرطان ومستشفيات القطاع الخاص.