Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Oct-2019

“أم الحسين” أم “رانيا العبد الله”؟.. “رأي اليوم” تقرأ مخاطرة ملكة الأردن برسالة غادرت تقاليد العائلة الحاكمة: زوجة الحجايا تسأل القصر عن اجراءاته بعد إهانة المعلمين.. وانكشاف ضعف أداء طاقم وفريق ومؤسس

  “رأي اليوم” – فرح مرقه:

بتحليل الخطاب الإعلامي، فحين تتوجه ملكة الأردن للشارع برسالة شخصية ومكتوبة فإنها بذلك وبالضرورة تكسر عمليا احد تقاليد المؤسسات الحاكمة من جهة، وتفتح الباب مجددا للاخذ والرد عنها وعن حياتها ودورها وذلك بعد انحسار موجة الجدل حولها أصلا، والتي اشتدت في إضراب المعلمين المنصرم.
التحليل اليوم، أو قراءة المشهد بعد نحو خمسة أيام على الرسالة، يمكن ان يشرح اكثر ما حصل وما استدعته الرسالة من صور وانطباعات من جهة، كما يبتعد بالضرورة عن دعم او معارضة ما قامت به ملكة الأردن التي تلعب بخلفية وجدان الأردنيين دورين بغاية الأهمية- على الأقل- دستوريا.
رسالة “أم الحسين” كما أحبت أن تكني نفسها في المستهل، و”رانيا العبد الله” في الختام شكلت وبصورة واضحة صورة مغايرة للمرأة التي أرادت زوجة الملك أن تظهرها عن نفسها باعتبارها “غير متنفذة” في الدولة، فالسيدة الأولى تذكّر بدورها الطبيعي وبكل اللغات أنها الأقرب لشخصيتين دستوريتين في أعلى هرم البلاد (زوجة الملك وتحمل اسمه، وأم ولي عهده)، وذلك واقع وان كان البعض اعتبر ان مجرد استخدامها لهاتين الصفتين معناه انها تتحدث وتعاتب- حسب تعبيرها- من موقع يبدو من الرسالة انه اعلى درجة من المواطنين.
في المقابل، يمكن تلقّف ان الملكة اختارت شخصيا الدفاع عن نفسها، رغم انها الأقرب للمظلتين الدستوريتين اللتين يفترض ان تكونا المرجع لحمايتها، ان رغبا بالاشتباك مع ملف “سلطات الملكة في الأردن دستوريا” مقابل “مستوى نفوذها”، وتسوية الملف بين المؤسسات المرجعية والشارع مرة واحدة وللابد.
بهذا المعنى تكون المؤسسات المرجعية بالإضافة للملكة، عبر الرسالة المذكورة قد اختارت ادامة الوضع القائم ودون الكثير من الشرح أو حتى التفصيل سلبا او إيجابا في المعلومات والبيانات وهذا ما يمكن فهمه عمليا برسالة عاتبة تحمل العواطف والمشاعر أكثر من حملها للردود العلمية في التفاصيل؛ وهنا دورٌ بالأساس أخفقت مؤسسات الملكة من اكاديمية تدريب المعلمين ومؤسسة نهر الأردن وشقيقاتهما في عرضه وشرحه.
في المقابل، فإنه من الضروري الإقرار ايضا ان الشارع والمعارضين لم يتسلحوا جميعا بالأرقام والوقائع ولكن ايضا هناك أسئلة دعّمت نفسها بالوقائع والمعلومات ضمن وصلة من تسريب الوثائق غير المنتهية، في السياق فإن الاعتراف بوجود انطباعات واتهامات من النوع العدمي والذي لن يسوّى بكل الأحوال مهم في سياق التحليل، وفي فهم اتجاهات لها علاقة بالغضب الشعبي المتراكم، والذي لا يمكن نفي انه أحيانا يُستخدم دون ضوابط- وكما شخصت الرسالة الجدلية- للمساس في الملك ودوره دون التعرض لمساءلة دستورية وقانونية، إذ لا يحمي الدستور عمليا زوجة الملك ولم يُتعارف على ان تتوجه شخصيا للتقاضي مثلا بصفتها مواطنة.
وهنا ازمة حقيقية تحياها الملكة بشخصيتها ودورها في المجتمع، حيث من الصعب عليها الاشتباك مع التفاصيل قانونيا ودستوريا، وهو ما قد يكون مبرر توجهها للرسالة المذكورة بعد فشل ادواتها والشخصيات الاعتبارية التي تمثلها في إدارة المشهد بصورة كبيرة.
ببساطة وبهذا المعنى وبالاقرار ان الرسالة تحمل بُعدا او حتى ابعادا غير مألوفة، وبالتالي تحمل مخاطرة من الوزن الصعب توقع ربحها او خسارتها قبل حدوثها، تكون الملكة خاضت مُخاطرة، انعكس اثرها لاحقا بردود أفعال بدا انها منقسمة بين المتعاطف مع رسالتها وهنا الحديث عاطفي ويحمل بعد احترام المؤسسة الحاكمة ومحبة الملكة، والجزء الثاني وبمعدل فاق الـ 50 % وفق استطلاع رأي اطلعت على مضمونه “رأي اليوم” كانت بين نقدية ومتشككة أو حتى معارضة للمضمون أو الشكل.
هنا يبرز البعد الاخر في تحليل المضمون، وهو ان توجيه رسالة كفِعل، يستدعي بالضرورة ردودا للأفعال وعليه يمكن رصد ردود الأفعال الكثيرة والتي تصدّرتها رسالة “عتاب معلمة” من المعلمة سهام الحجايا زوجة نقيب المعلمين الراحل والذي كان قد بدأ الدعوة للاعتصام، وهي تسأل الملكة بعد إقرار الأخيرة بدورها المناصر للمعلمين، عما حصل في الخامس من أيلول حين تعرض المعلمون لاعتداءات رجال الامن، وتساءلت عن صمت الملكة طوال فترة الاضراب وغيابها عن مناصرة المعلمين.
في الجملة الأخيرة تذكّر زوجة الراحل “أم حسين” بدورٍ يرى مراقبون انها فيه فوتت فرصة ذهبية أصلا في تعزيز مكانتها بين المعلمين والدولة رغم اختيارها ومنذ أعوام الاشتباك مع ملف التعليم والمعلمين وبصورة لا تعوزها الحكمة والجرأة.
بكل الأحوال، غامرت الملكة برسالتها وتوالت عليها الردود التي من الممكن استخدامها لتعديل بوصلة مؤسسات باتت اليوم امر واقع ومشتبكة مع ملفات كالتعليم والمعلمين، وتأهيل المجتمعات وتمكين المرأة. فبكل الأحوال المطلوب من السيدات الأُول بالمجتمعات جميعا ليس فقط الاشتباك مع الملفات الشائكة عبر تأسيس المؤسسات ولكن أيضا مناصرة أصحاب الرسالة في هذه الملفات حين يقعون ضمن ازمة غير مسبوقة كالتي حصلت لما يقارب شهر من اضراب المعلمين.
بعيدا قليلا عن الملكة وبتوسيع عدسة الرؤية قليلا فلا يمكن تجاهل أن رسالة الملكة هي تعبير جديد، عن فشل ذريع متحقق لدى كل المؤسسات التي تديرها في إدارة الازمة، وتعكس أيضا حجم الفشل في التواصل عبر كل الحلقات الوسيطة بما في ذلك موظفو القصر والمؤسسات والسلطة التنفيذية وصولا للمستفيدين من مشاريعها الكثيرة الذين اختفوا بمجرد الهجمة عليها وعلى مؤسساتها.
وهنا عمليا “حطنا الجمّال”- على طريقة العرب- وملف لا بد من تدقيقه وتفصيله، حيث مؤسسات تبدو غير قادرة على إدارة علاقاتها في الشارع رغم المبالغ التي تصرف على الاستراتيجيات والتدريب، وتسقط ببساطة كل نظرياتها امام تحرك مطلبي وذو اهداف واضحة ومحددة كتحرك المعلمين. وهنا لا تسقط فقط بالتواصل، وانما حتى في تقييمات ما قبل الازمة واثنائها وما بعدها.