Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Feb-2018

ماذا غير الصراخ أو السطو السياسي - فايز الفايز

 الراي - الحكومة تحذر من المس بمؤسسات الدولة، في المقابل المتظاهرون يهددون الحكومة والنواب، مجلس النواب يهدد الحكومة والحكومة تحاول إبتلاع الموس بكل صمت، رئيس الوزراء يعود الى عمان رغم حاجته الصحية للراحة،فيما ينتظره يوم طويل مع النواب الذين ترك نصابهم جلسة الأسعار وخرجوا كمحتجين من الجلسة،ما أتاح الفرصة لتمرير الموازنة متضمنة رفع الدعم عن الخبز وعشرات السلع، الجميع يصرخ بوجه الجميع، والحكومة فاقدة لأعصابها، بينما غالبية المواطنين يرزحون تحت الإنهاك التام الذي أصاب جيوبهم، ليس لأن السقف سقط على رؤوسهم وحسب، بل لأن تجار السلع وتجار التعليم وتجار الصحة من كافة القطاعات لا ترحم المواطن، بل تريد المزيد من الأرباح الجشعة.

 
الخطر لا يكمن في المظاهرات الإحتجاجية ولا الصراخ والشتائم التي تعودنا عليها منذ عشرين سنة وأكثر،بل بالإنحراف الخطير لمؤشرات الجريمة العشوائية، فاللص سيبقى لصا حتى لو امتلك خزائن الأرض،هو هكذا مهنته لص، في أي إدارة أو شارع أو قبو،هدفه السطو على بيوت الناس منذ بعيد، ولا يتورعون عن تكرار جرائم السرقة حتى لو لإرضاء غرورهم، ولكن المشكلة اليوم حينما يتم تبرير السطو المسلح على البنوك والمحال التجارية بأنه نتاج الفقر والحاجة وغلاء المعيشة ، فهل ستتحول الطبقة الفقيرة والمحتاجون الى طبقة عامة من اللصوص؟ أي فهم عقيم هذا !
 
لا شيء يبرر السطو المسلح ولا حتى السرقات العادية إلا أنها جرائم منافية للشرف والأخلاق،وهي إعتداء على الجميع ، فضلا عن أنها كفر بنعمة االله وتعدّ على حدوده، لأن الإنسان الشريف وإن إفتقر لا يسرق ، ولا يقولن أحد: الجوع كافر، فهذا قول لم نسمعه إلا في المدينة، بعدما كان الناس يشكلون قوة إنتاج منزلي وهم في أضيق عيش، ولهذا يجب أن يتصدى الجميع لكل هذه البذاءات التي تصدر عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي تشجع اللصوصية بدل إدانتها والتبرؤ من مجرميها.
 
لو عدنا الى مقالاتي منذ عشر سنوات وأكثر ، سنتذكر أنني تحدثت عن هذه الساعة التي وصلنا فيها الى المأزق الحقيقي، الكثير من الزملاء كانوا يحذرون من ذلك أيضا، العديد من السياسيين أيضا حاولوا شرح مشكلة الحكومات وسياسات الإنفاق خارج الموازنة وداخلها بشكل عشوائي، ومع هذا كان هناك طيف من الطبقة الإجتماعية الحاضنة لبعض الفاسدين واللصوص المحترفين الذين قامروا بمستقبلنا كي يبقوا في مناصبهم ومكتسباتهم المالية، ودعموا فكرة الخصخصة الكاملة والتخلي عن مقدرات القطاع العام لحساب الإستثمار الخارجي أو ما سمي بالإستراتيجي،لا أستطيع أن أترجم المصطلح.
 
اليوم لم يعد بالإمكان إعادة عقارب الساعة الى الخلف، لقد بلع الثعلب المنجل، ولكن حتى تلك الساعة على الجميع أن يتوقفوا عن الصراخ، وعلى الحكومة أن تفتح بواباتها لأهل الرأي والمشورة وأًصحاب الأفكار من المختصين و التي من الممكن أن تساعد في تخفيف وطأة الوضع الإقتصادي، والوصول الى مشاريع إنتاجية لمحافظات الأطراف والقرى في البادية والألوية الفقيرة ، فالوضع لم يعد يحتمل بعدما تعودنا على كريمات تلطيف البشرة لتجميل وجوهنا، وسيخرج جيل لن يفهم معنى التضحيات بعدما ضحينا بمستقبلهم بكل غباء.
 
الحكومة أو الحكومة المركزية عليها أن تتجه الى الخارج لا الى الداخل، ليس جيوب الناس البسطاء، فيما هناك أكثر مليارات الدنانير في البنوك كأرصدة راكدة، وعلى الحكومة التي ورثت سياسات الحكومات السابقة أيضا أن تبدأ التفاوض مع الجهات المقرضة وعلى رأسها صندوق النقد الدولي ليساعدنا بمنحنا خمس سنوات مهلة تأخير لسداد الأقساط أو إعفاء الحكومة من الفوائد المرهقة التي تتجاوز المليار سنويا.
 
يجب أن نفهم أننا وقعنا في براثن المرابين الدوليين، ولم نستغل أي فرصة لتحقيق بيئة أعمال واستثمار حقيقي، بل إن الأردن اليوم يواجه «الربا السياسي» وهذا أخطر بكثير من التحديات الإقتصادية، وللعلم فإن جميع الدول العربية تشكو شعوبها من الضائقة المالية ولسنا وحدنا، ولكن نحن على الأقل معتادون على التعايش مع فقرنا، وكان الأوجب أن تخفض الحكومة الضرائب بدل رفعها لتحريك السوق ورفع الإيرادات، ألا ترى أن جميع القطاعات أصيبت بالشلل، والتراجع عن الخطأ اليوم هو أكبر فضيلة ، وحتى نحصن الوطن من «السطو السياسي» الخارجي، فعلى الكبار الحقيقيين أن يتكلموا.