Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Nov-2018

مشروع النهضة الحكومي... من قزّم الفكرة - رومان حداد

الراي - أطلقت الحكومة مشروع النهضة والذي قسمته إلى ثلاثة محاور هي دولة القانون ودولة الإنتاج ودولة التكافل، وجاء الإطلاق من خلال فيديو قصير بأقل من سبع دقائق يتحدث فيه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز عن مشروع النهضة.

كما اعتدنا فكل مشروع له محاوره العامة وأهدافه ومؤشرات القياس، هذه التركيبة التي توحي وكأن كل التفاصيل قد درست بعناية فائقة، وأن النتائج مضمونة، وما علينا إلا أن نبدأ، وفي النهاية كما اعتدنا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
حين ورد مشروع النهضة في خطاب العرش، جاء على أساس أنه مشروع قوامه تمكين الأردنيين من تحفيز طاقاتهم، وهو ما يعني أن مركزية مشروع النهضة بالرؤية الملكية هي المواطن الأردني المتمكن. ولكن حين نقرأ مشروع الحكومة للنهضة نراه لا يولي تمكين المواطن إلا بجزيئات بسيطة ونظرية، ولا توجد أدوات حقيقية لتنفيذها.
من يقرأ مشروع النهضة الحكومي يتبادر إلى ذهنه العديد من الأسئلة سأوجز بعضها في هذا المقال.
السؤال الأول الذي يتبادر إلى الذهن هو ما المبلغ الذي تم رصده لتنفيذ هذا المشروع، فمن يقرأ المشروع يمكن أن يقدر المبلغ الواجب رصده بما يقارب المليار ونصف المليار دينار، أي بواقع 750 مليون دينار سنوياً، والسؤال التالي الذي يتبادر إلى الذهن كيف يمكن للحكومة أن توفر مثل هذا المبلغ الإضافي لموازنة الدولة، والحكومة كما تدعي تتبنى موازنة متقشفة، وتدعي أنها تريد أن تخفض العجز؟
أما السؤال الثاني فهو كيف يمكن لاقتصاد نسبة نموه الاقتصادي تلامس نسبة نموه السكاني أن يوفر ضعف فرص العمل خلال عام واحد، وما الكلف التي تترب على النفقات الجارية؟
أما السؤال الثالث فهو عن نسبة النمو المتوقعة من قبل الحكومة خلال العامين القادمين، حيث لا يوجد أي مؤشر أو دلالة حول نسبة النمو الاقتصادي المتوقعة خلال العامين القادمين، وهو مؤشر مهم كي نفهم كيف تقرأ الحكومة الوضع الاقتصادي الأردني في مرحلة تنفيذ مشروع النهضة.
السؤال الرابع حول محور دولة القانون، وفيه قامت الحكومة بوعد تخفيض مدد التقاضي أمام محاكم الدرجة الأولى، ولم تتطرق إلى مدد التقاضي أمام المحاكم الاستئنافية أو محكمة التمييز، فهل ما تم هو من باب (سقط سهواً) أم أن الحكومة لا ترى أن مدد التقاضي أمام الحاكم الاستئنافية ومحكمة التمييز طويلة، أم أنها لا ترى التقاضي إلا بدرجته الأولى، أم أنها تلك تفسيراً لا نستطيع سبر كنهه.
السؤال الخامس هو حول محور المواطنة الفاعلة، حيث جاء الكلام في هذا المحور فضفاضاً، فهل الحكومة جاهزة فعلاً لتأهيل ما يقارب 100 ألف معلم خلال عام، كي يصبح طلبة المدارس مؤهلين كي يمارسوا مواطنتهم الفعالة، أم أنها ستكتفي باختصار الموضوع من خلال وضع منهاج ممل، كما جرت العادة، وتدريس المواطنة الفاعلة بصورة مملة ليكره الطلبة هذه المادة كما حدث مع ادة الثقافة الوطنية، التي تحولت إلى مجرد تعداد وتواريخ وحفظ بلا معنى.
السؤال السادس هو هل تستطيع الحكومة ضمان تهيئة البيئة الجامعية لممارسة الحياة السياسية كي يصبح الطلبة الجامعين يمارسون حياة سياسية تراكم لديهم الخبرات، أم أنها ستكتفي بمجموعة من المحاضرات يحضرها الطلبة جبراً، ويخرجون منها غير مصدقين لما سمعوا، ومع نهاية كل عام تظهر الإحصائية التقليدية بعدد المحاضرات التي أعطيت وعدد الطلبة الذين حضروها، دون أي قياس نوعي.
من يقرأ المشروع الذي قدمته الحكومة للنهضة، ورغم الجهد المبذول به، فإنه يمكن أن يلحظ أنه تم على عجل، دون عمق حقيقي في الرؤية أو في التقديم، وأود أن أهمس بأذن دولة الرئيس أن طريقة تقديمه للمشروع عبر فيديو قصير غير موفقة، فكيفية تقديم المشروع تعكس كيف ترى الحكومة المشروع، وهوس السوشال ميديا يجب ألا يطغى على طريقة تقديم مشروع من الوزن الثقيل، وقد أخطأ من نصحك بذلك.
وأخيراً ملحوظة ألحت علي ورفضت مغادرتي من قراءتي للأحرف الأولى من مشروع النهضة الحكومي، ففي مقدمة المشروع يقول رئيس الوزراء «وللبناء على ما تحقّق من إنجازات وتجاوز التحدّيات التي تواجهنا مجدّدا تطلق الحكومة مشروع نهضة وطنيّا شاملاً مبنيا على ثوابت العروبة...»، ألم يكن من الأفضل أن نقول أن مشروعنا الوطني مبني على ثوابت الثورة العربية الكبرى، خصوصاً وأننا ورثتها، ومبادئها هي (وحدة، حرية، حياة فضلى) بحيث نستعيض عن مسميات مشروع النهضة الحكومي (دولة القانون، دولة الإنتاج، دولة التكافل) بمبادئ الثورة نفسها، والتي تشير إلى ذات المضامين ولكنها تتعامل مع المفاهيم بصورة أعمق؟
آمل أن أرى تنفيذاً لمشروع النهضة يجعلني أعتذر عما كتبت، وكم أتمنى أن أكون مخطئاً، ولكني ما زلت أعتقد أن مشروع الحكومة للنهضة مجرد حبر على ورق، وهو لم يرق ليكون في مصاف مشروعات دولة.
roumanhaddad@gmail.com