Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    31-Jan-2019

العشائر سبب «البناشر» !!*المحامي بشير المومني

 الراي

لم يبق مصيبة أو مظهر سلبي في المجتمع أو عقبة تطور سياسي أو كارثة اقتصادية هذه الأيام إلا وألصقت بالعشائر ليتم تصنيفها تحت بنود قوى الوضع القائم وقوى الشد العكسي وقوى الفساد والإفساد في الأرض في هجمة شرسة منظمة لها أدوات سياسية وإعلامية ومفكرون ومنظرون لتيارات محددة تعمل بنسق جمعي منظم ومتكامل تسعى إلى تحقيق هدف واحد فقط لا غير وهو » إعادة انتاج الأردن على أسس مغايرة لما نشأت عليها الدولة » بحيث يكون الوطن الأردني لقمة سياسية سائغة لأي تحولات إقليمية ليس أقلها ما يسمى بـ «صفقة القرن»..
 
لا أريد الذهاب بعيداً باتجاه التفاصيل التي يكمن بها الشيطان، لكن المراقب للصورة الكلية يستطيع التقاط تلك الإشارات الداخلية أو حتى الخارجية أما الاجتماعات لما يسمى بقوى التيار المدني مثلاً في خارج المملكة باتت معلومات مكشوفة لا بل ومفضوحة والتي تجيء بالتزامن مع محاولات مسعورة لتشويه المفاهيم الوطنية الأساسية والخروج على كل القيم الوطنية والعروبية وحتى الدينية في الاستقواء بـ «الأجنبي» على الوطن لتحقيق منافع ذاتية وشخصية لا يراعي أصحابها أي اعتبارات لطبيعة الصراع التاريخي في المنطقة وعمليات إعادة التوزيع الجغرافي والديمغرافي لهدف نهائي ووحيد مفاده «تصفية القضية الوجودية الفلسطينية على حساب الوجودية العربية وعلى رأسها الأردن» فلا حل لدولتين ولا مكتسبات ولا غيره متى أعيد انتاج الدول سوى لصالح العدو الصهيوني..
 
يدرك المخطط الاستراتيجي الصهيوني تمام الإدراك بأن العشائر الأردنية كانت ولا تزال تمثل هوية الدولة الوطنية وعمودها الفقري كخزان للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية التي تعطي للأردن نكهته وصفته وشيفرات معادلة الأمن الراسخة التي حافظت على وجود وكيان الأردن كحالة بيروقراطية ودولة عميقة لها عقيدة سياسية موحدة مفادها مؤسسة العرش والعداء المطلق لأي محاولات تذويب وتمييع هوية الدولة لتكون محالاً هادئاً للقبول بالغير تحت صفة لاجئ أو نازح أو خلافة، ولقد استطاعت العشائر الأردنية أن تحافظ على هويتها العربية والإسلامية بالقدر الضروري التي تسند فيه الشقيق العربي متى تعرض لمظلومية آنية أو تاريخية مع الحفاظ المؤكد على الكيان الوجودي للذات الأردنية لذا لم يكن غريباً أبداً أن تكون العشائر الأردنية أكبر خزان عدائي منظم تاريخياً بمواجهة أي مشروع تصفوي لفلسطين أو تهديد وحدة الأرض العربية والدولة الوطنية فيها..
 
بالوصف أعلاه فإن العشائر وما تمثله فهي خطر استراتيجي على كل مشروع يستهدف بنية الدولة الأردنية وهي عقبة كأداء لابد من تجاوزها وتفكيكها لتمرير أو ضمان نجاح أي مشروع إقليمي، لا سيما أنها الضامن التقليدي للأمن الوطني وتنبثق منها منظومة شرسة اسمها » الأجهزة الأمنية» ومنظومة قتالية أشد شراسة اسمها » الجيش العربي» مثلاً ولتغيير العقيدة القتالية والعسكرية لهذه الانبثاقات لابد من تفكيك منظومة الدولة ونواتها ووحدتها الأولى التي لا تقبل القسمة إلا على العرش وهي «العشيرة» وما مثلته من حركة تاريخ وإنجاز..
 
ثلاث استراتيجيات كبرى تجري بنسق منظم يتوجب بالمخطط الاستراتيجي الأردني الانتباه لها باعتبارها مدخلا ونقاط ارتكاز لتفكيك الدولة بشكلها الحالى لإعادة انتاجها بمفهوم «دولة» فقط، لا دولة ووطن وهوية وتاريخ. الاستراتيجية الأولى تقوم على بناء رأي عام تراكمي سلبي تجاه فكرة العشيرة في انتهاك فكري وإعلامي يقود لانتهاك سياسي بالنتيجة بحيث يتم إظهار العشائر بأنها سبب كل مصائب الدنيا وحتى الآخرة، أما الاستراتيجية الثانية فتقوم على أساس فصل مؤسسة العشيرة عن مؤسسة العرش ومحاولة الإيحاء لعقل الدولة بأن أبناء العشائر يقفون اليوم بمواجهة «النظام» مما يمهد لايجاد البديل في نظريات المكون لديفد هيرست حول ما يسمى الشريحة الحضرية المنخرطة في مؤسسات المجتمع المدني المتعلمة الدافعة للضرائب وبالطبع فهي مناهضة ومناوئة مدنيا لما تمثله الشريحة النواتية الاساس للمكون العسكري والأمني، وأما الاستراتيجية الثالثة فهي حصر المكون العشائري في البعد الاجتماعي بحيث يتم نزع مكتسباته التاريخية السياسية سواء من خلال قانون انتخاب أو إعادة توزيع الثقل السياسي وفقاً للكثافة السكانية وتقديم الحزبي كبديل للعشائري..
 
المشروع أعلاه خطير لا بل يهدد الكيان الوجودي الكلي للدولة، لا بل هو محو حقيقي لهوية الدولة ولوجودها ورمزيتها ودورها التاريخي في الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وما يحصل إعلاميا مسألة في غاية الخطورة وعلى الإعلام أن ينضبط على إيقاع الهوية والوطنية الأردنية لا إيقاع التمريرات العابرة للحدود فلقد وصل «السفه» ببعض الاتجاهات والجهات أنها لن تتورع عن إطلاق التهم يمنة ويسرة بلا تفكير ولربما سيصل الحال بالبعض لاعتبار العشائر سبب البناشر في الشارع..