Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Oct-2017

عنف لمناهضة العنف - د. صفوت حدادين
 
الراي - أفراد البحث الجنائي الذين اعتدوا على الأستاذ الجامعي هم نتاج نفس الثقافة التي أحرقت وكسّرت في متصرفية الرمثا بهدف استنكار الفعلة بحق الرجل.
 
سقطة أفراد البحث الجنائي انتهت إلى خلق قضية رأي عام غيّبت الفعل الجنائي الذي استدعى حضور رجال الأمن إلى ساحة الحدث إذ لم يعد ذا أهمية في حضرة مشاهد العنف المصورّة.
 
المشكلة أن حرق المتصرفية وتكسيرها لم ينجح في صنع رأي عام مقابل بل تمحور الحدث حول الاسلوب الهمجي لرجال أمن في التعامل مع أستاذ جامعي وبات جهاز الأمن العام كله وقوات الدرك في مرمى الاتهام والتعميم الذي فضح ذاكرة قصيرة المدى تُحرّك الشارع والأحداث في بلدنا.
 
«طفاشة» رجال البحث الجنائي الذين ظهروا في الفيديو ليست مستوردة فقد رأينا منها في الجامعات التي دخلت «الكلاشينات» و «السكاكين» إلى حرمها ما يجعل الأمر لا يتعلق بسلوك الدولة بقدر ما يتعلق بسلوك المجتمع والأفراد.
 
جهاز الأمن مثله مثل كل مؤسسات الدولة ليس محصناً من النقد لكن أن يتم الاستثمار في النقد إلى حد الهجوم والاستهداف وكأنها «فرصة ولاحت» أمر لا يقبله منتمٍ مهما تعاظمت خصومته مع الحكومة أو الدولة.
 
الذاكرة القصيرة تطحن الايجابيات وتتبنى السلبيات وهو ما حدث تماماً في القصة الأخيرة اذ اعتمدت تلك الذاكرة خطيئة أفراد الأمن الذين تولاهم غضبهم على حساب تضحيات رجال الأمن والدرك والمخابرات العامة خلال السنوات القليلة الماضية من أجل حماية البلد وأهله.
 
لا أحد ينكر، بما فيه الدولة نفسها، أن الفعل المرتكب يكشف عن خلل في منظومة التدريب والتأهيل في الأجهزة الأمنية لا بد من استدراكه والاشتغال على مهارات الاتصال لمواكبة طموح الناس في أجهزة أمنية فعّالة وسلسة وهو طموح مشروع لكن يجب أن لا يتم تجاهل حقيقة أن رجال الأمن في كل بلاد العالم يعوزهم العنف للتعامل مع بعض مفاصل عملهم.
 
قضية الأستاذ الجامعي كان يجب أن تترك للتحقيقات لا للعنف بغض النظر عن ماهية الفعل الجنائي لكن أفراد المداهمة الذين انتهوا إلى التوقيف قد يكون لهم رأي آخر خصوصاً وأن وجهة نظرهم أُحتجزت لصالح قضية الرأي العام التي انطلقت بالتزامن مع موجة اتهامية للأجهزة الأمنية.
 
الخطأ لا يؤخذ بالخطأ ومثلما أن فعل العنف الشخصي مدان فكذلك هو فعل استهداف المنشآت العامة بغرض الاحتجاج الذي لا نظلمه أن وصفناه بالارهاب. لا أعرف لماذا بات حرق وتكسير مؤسسات الدولة أول غايات الاحتجاجات التي لم تعد تتوقف، هل أن الدولة تصم آذانها عن الاحتجاج السلمي وتفتحهما للعنف؟ أو أن الغضب الأردني لا يصبح غضباً إلا إذا صاحبه العنف؟ القانون موجود وأدوات التحقيق موجودة والعنف لا يلد إلا عنفاً.
 
الاحتجاج مشروع لكن ربما أن الناس تحتاج أن تصبر أكثر ولا تتسرع في الاحتجاج فيما الدولة تحتاج أن تصبح أكثر سرعة في التعامل مع مواطن الخلل وقفل ملفاتها.
 
sufwat.haddadin@gmail.com