Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jan-2018

نستميحكم عذراً.. لاًننا نفكّر! - ناديا هاشم العالول

 الراي - محاضرة لعلاّمة وقور أوحت لي بكتابة هذه المقالة بينما كان يعرض أفكاره الصالحة لكل زمان ومكان بتواضع وأدب جمّ، بعيديْن عن التفذلك شاكرا رب العالمين الذي أنعم عليه بالقدرة على التفكير والتمحيص ساعيا نحو الإصلاح قولا وفعلا وسلوكا، فكـأنه يعتذر من الرافضين لأية لغة إصلاحية موضوعية تسعى لتحقيق المصلحة العامة للجميع.. فعلا نكاد نتّفق على أن هناك فئة لا تُقدّر نعمة رب العالمين لوجود المفكرين المستنيرين الساعين للصلاح والإصلاح للجميع بدون أي هدف شخصي مستَتِر يضمرونه او مرئي يعلنونه.. محذرين من الوقوع بمطب التقهقر فينطبق عليهم القول:

ويل لأمّة تلبس مما لا تنسج وتأكل مما لا تزرع وتشرب مما لا تعصر!
بالمناسبة يقول الفيلسوف ديكارت: انا أفكر إذنْ انا موجود!
ويقول الشاعر الإنجليزي بايرون: انا أُحبّ إذن انا موجود ويقول الألماني كارل ماركس: انا آكل اذن انا موجود ويقول كافكا الأديب التشيكي اليهودي: أنا خائف.. إذن انا موجود!
ويقول البعض ممن لا يحبّون رؤية ايَّ مركب سائر بشكل صحيح: انا أُعاكِس إذن أنا موجو..
الغالبية ستُجمع على أن التفكير هو الذي يضيف المعنى الحقيقي لوجودنا، وليس أي وجود.. إنما الوجود المنجِز.. سواء أكّنا خائفين آكلين محبّين قائمين قاعدين معاكسين.. فالخوف والحب والأكل والمعاكسة هي غرائز وسلوكيات جانبية وليست أساسية فهي تحصيل حاصل لا تضيف اية بصمات إِيجابية كالذي يضيفها التفكير وإِعْمال العقل! يقول محمد صادق الرافعي: إذا انت لم تزِدْ على الحياة شيئا فانت زائد عليها! قد يعلّق البعض: ما ذنبنا اذا كنا لا ننتمي لفئة المستنيرين فلا نبصر ما يبصرون! فنتساءل: الا تسمعون؟ الا تتعلمون؟ فما فائدة العلم ان كنتمْ له لا تُطبّقون!
الحق يقال، إن ثمة مؤشرات مهما صغرت تؤكد ان التفكير عند بعض الفئات «متجمد».. إذ لا يحتاج الواحد منا رجلا او امرأة لأن يكون مستنيرا عالما أو عبقريا ليسير بالشارع بطريقة سليمة ممسكا بيد فلذة كبده، تاركا إياه يسير بمحاذاة الجهة الفالتة من الشارع على بعد سنتمرات بسيطة من وسائل النقل الطائرة المتطايرة!
فكأنّ لسان حال الأب يقول: انا أُمسك بيد طفلي فهو آمن!
ويرمقنا شذرا عند تحذيره فنبتعد ولسان حالنا يقول:
- نستميحكم عذرا لأننا نفكر! متسائلين: هل التفكير نعمة ام نقمة؟
فكم نشاهد الأطفال يرتعون ويلعبون بالمولات يتراكضون على السلالم الكهربائية صعودا نزولا وقد يتبارون بالسير عليها بالمقلوب- عكس اتجاهها- والأهل عن ذلك لاهين مثرثرين، او مراقبين المارّة لإصدار الانتقادات منشغلين بعيوب الغير.. تاركين أبناءهم يرتعون بمرابع الخطر..
لنسمع المزيد عن حوادث وقعت لأطفال أبرياء فوق هذهّ هذه السلالم وغيرها.. والحديث يتشعب ويطول.. فهل التفكير مغضوب عليه او مرفوض حتى في ابسط أمور حياتنا!
 
عذرا.. فالتفكير لا يقتصر على النظريات العلمية ولا الأفكار الفلسفية فهو معجون بكل صغيرة وكبيرة ، ولعلّ ما جمّد تفكيرنا وجعله يتقوقع بمسار واحد رافضا الإرتباط بما حوله وقبله وبعده هو أسلوب التدريس الذي يطالب بالتركيز على المادة المدروسة دون ربْطها بما قبلها وبعدها وما حولها..
بالمناسبة: أفتوني باالله عليكم كيف يمكن ان يتواجد محوّل كهربائي–حرامي- بأكبر المؤسسات متموضعا على الأرض بمحاذاة «الكوولر» عرضة لأية نقطة ماء تصله لتُحدث تماسّاً كهربائيا يصيب المكان والإنسان وحتى الزمان بضرر كبير! وكم حذّرتُ بمناسبات مختلفة من مغبّة تواجد الموزّع الكهربائي بأسلاكه المتشابكة الملقاة على الأرض بمحاذاة قاعدة « الكوولر»..
لأتلقى ابتسامات تتهمني بطريقة غير مباشرة بأنني احمِّل الأمور أكثر مما تحتمل وتستحق فتنصحني «المسؤولة: بالتوكّل على االله..
حتى جاء ذلك اليوم الذي حضرت فيه الى مكتبها لأجدها مستلقية على مقعدها ممتقعة الوجه.. والمؤسسة كلها معتمة لانقطاع التيار الكهربائي.. وحالة من الجلبة غير المعتادة تدور بالأرجاء، بل بالمؤسسة بأكملها نتيجة وقوع تماسّ كهربائي مصدره «الكوولر» والمحولّ الكهربائي الذي تسرّب له الماء.. وطبعا ماء وكهرباء لا يلتقيان وإن التقيا فحتما كارثة حقيقية ستحصل، مما أصاب السيدة الجليلة المسؤولة عن تدريب الشباب بصعقة كهربائية نجتْ منها بأعجوبة.. هنّأتُها بالسلامة دون ان أشير الى تحذيراتي السابقة لتتهمني بأنني السبب لأنني «فوّلت « عليها – من الفأل-!
 
الغريب ان الجميع يدركون الحقائق العلمية و البديهية لكنهم لا يأخذون احتياطاتهم، دون ان يربطوا العلم بالعمل والتنظير بالتطبيق،ودرهم وقاية خير من قنطار علاج!
 
هنأتها بالسلامة ولم أُضفْ اكثر.. ولسان حالي يحدّثني بصوت مكتوم: التوكّل على االله مطلوب ولكن بعد ان نعقِلَ ونُعْمِلَ عقْلنا مكرّرين قول الفاروق عمر رضي االله عنه: إِعْقِلْ وتوكلّْ..
hashem.nadia@gmail