Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Feb-2020

بورين بين فكّي كمّاشة والاحتلال «يَكْرَه» زيتونها

 الدستور - رام الله - محمـد الرنتيسي

 
تتربع قرية بورين جنوب مدينة نابلس في الضفة الغربية، على امتداد السفوح الجنوبية لجبل الطور، بين فكّي كمّاشة استيطانية، تتمثل في مستوطنتي «يتسهار» التي تضم لجنة المتطرفين اليهود، و»براخا» الجاثمة على إحدى قمم جبل الطور.
لم تقتصر حرب المستوطنين على القرية بمصادرة الأراضي، بل امتدت لتشوش الحياة اليومية، ولتطال طلاب المدارس، فتثير بينهم رعب الخطف والقتل من فترة لأخرى.
في القرية «تزاوج» بين أكثر من نمط معماري، ويلمس الزائر إليها بساطة عيش أهلها، ففي حياتها اليومية ترى طفلة تعبىء زجاجات الماء من نبع القرية، وصبية تُطعم سرباً من الدجاج، وغيرها من المشاهد التي تؤشر بوضوح على اعتماد الأهالي بشكل كبير على الثروة الزراعية وتربية المواشي، كمصدر دخل أساس، غير أن موسم الزيتون يبقى الرافد الإقتصادي الأهم، والركيزة الأساسية لمزارعي القرية.
هناك حالة من العداء يكنّها المستوطنون لزيتون بورين، ففي كل عام يوغلون فيه تقطيعاً وحرقاً وتدميراً، لدرجة أن أصبحت حقول القرية هدفاً لهؤلاء المستوطنين، الذين لا يكلّون عن اقتحام القرية، ومهاجمة سكانها، بينما تحاول قوات الاحتلال أرضاؤهم، تارة من خلال قمع الأهالي، وتارة أخرى بإطلاق أيديهم للخراب.
على جبال سلمان في قرية بورين، يكتوي مقام الصحابي سلمان الفارسي بنار الإستيطان، إذ أصبح مخنوقاً بالمستوطنات من كل الجهات، وحتى زوّاره الذين يتوسّمون به الخير، ويلتمسون جلب «البركة» لأطفالهم، لا يسلمون من الغاز المسيل للدموع.
في ساعات الفجر الأولى، يجدد أهالي بورين حبهم لشجرة الزيتون، يندلقون إلى الأرض، فتمتلىء الطرقات الجبلية الوعرة بقاطفي الزيتون ودوابهم، ويُسمع من هنا وهناك صوت أحدهم يغنّي: «بالله إن مُتت يما اقبروني.. بأرض بلدنا بفيّ الزيتونا».
يقول الحاج محمـد النجار (72) عاماً: «الزيتونة تعني أصلنا وأصل بلادنا، أرضي قرب مستوطنة بيننا وبينها شيك، وزيت الزيتون مصدر دخل بالنسبة لي ولعائلتي.. شجرة الزيتون هي جذورنا ورمز ثباتنا، وسندافع عنها بأرواحنا، فهي توفر لنا دخلاً رئيسياً حتى لو كان مؤقتاً، الزيتون بترول أخضر لا نستطيع التخلي عنه، والإنسان بلا أرض مالوش عرض».
أضاف لـ»الدستور»:  الموسم الزراعي فيه نكهة الفرح، ولقاء الأسرة تحت شجرة الزيتون من أجمل اللحظات، لكن الموسم يمتزج بالخوف من اعتداءات المستوطنين، الذين ينغّصون علينا الفرحة، المستوطنون يكرهون الزيتون وزارعيه، وأشجارنا تعرضت للحرق أكثر من مرة، نتيجة لقنابل الغاز والصوت التي يطلقها جنود الاحتلال على المزارعين، لكننا سنظل نهتم بشجرة الزيتون كما نهتم بأولادنا.
مدرسة بورين أصبحت هدفاً للمستوطنين، يستبيحون ساحتها ويرعبون تلاميذها وفق مزاجهم، بينما مئذنة مسجد سلمان الفارسي المنتصبة في وسط القرية، أصبحت بلا إضاءة، إذ تمنع قوات الاحتلال بقرار صارم إنارتها، ومراراً هددت بهدم المسجد، ومنعت رفع الآذان فيه عبر مكبرات الصوت، بذريعة «إزعاج» المستوطنين!.
تحيط المستعمرات الاستيطانية بقرية بورين، إحاطة السوار بالمعصم، بينما تسيطر قوات الاحتلال على أكثر من 65% من أراضيها، ولا يكاد يخلو يوم من اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال على سكانها، فلا الشجر يسلم ولا البشر ولا الحجر، فحتى منازل القرية، يهاجمها المستوطنون بالحجارة، بعد أن يخطوا عباراتهم العنصرية على جدرانها.