Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Apr-2018

الحسن بن طلال و«ثقافة العيش المشترك» - يوسف عبداالله محمود

الراي -  «ما لم نسد العجز في ميزان الكرامة الإنسانية سنواجه المزيد من صناعة الكراهية» الحسن بن طلال لسمو الأمير الحسن بن طلال رؤية حكيمة في أسباب الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بعالمنا من أقصاه الى أقصاه. يرجع سموه هذه الأسباب الى تهميش «ثقافة العيش المشترك واحترام الاختلاف» هذه الثقافة هي «القاعدة الإنسانية الصلبة التي نستند اليها جميعاً من اجل الوصول الى المواطنة الحاضنة للتنوع الديني والثقافي». (الحسن بن طلال: خطاب الكراهية وازمة الصالح العام، مجلة «المنتدى» عدد 266 -2016.( الحسن بن طلال يقرأ «تحديات الهويات» التي يعيشها عالم اليوم قراءة مستبصرة فهي وراء استحداث «المنابر الصارخة الاقليمية أو الطائفية أو الأممية الدينية»، فهي – وفي رأيه- تعكس أزمة فكر وهوية من أهم معالمها العجز عن تجاوز الخلافات الايديولوجية. إن الخلافات الايديولوجية إن لم توضع في إطارها العقلاني الصحيح الذي

يؤمن بالتعدد والتنوع الثقافي، فإنها ستفتعل ازمات سياسية واقتصادية وإنسانية تدفع ثمنها البشرية في كل مكان. تعيدها الى عصور الغاب! ومما يفاقم من هذه الازمات «غياب الرؤية الواضحة المشتركة» التي تستجيب لمتطلبات المجتمع.
وفيما يتعلق بالعالم العربي يرى سموه ضرورة تحفيز التجديد والابداع، ولن يتم ذلك دون «اصلاح منظومة التعليم والتواصل في العالم العربي»، منظومة التعليم بحاجة الى نقلة نوعية تواكب حداثة العصر، تنمي الابداع والابتكار.
في كتابه المترجم للعربية يقول آرمان ماتلار من جامعة باريس: «اننا بحاجة الى شمولية إنسانية قائمة على احترام الشعوب والثقافات». (آرمان ماتلار: «التنوع الثقافي والعولمة»، ترجمة: د.أ. خليل احمد خليل، ص 102.( إن هذه الشمولية الإنسانية «التي دعا اليها البروفيسور الفرنسي آرمان ماتلار لن تتم في ظل عولمة متوحشة تقوم على الفرز بين البشر! هذه الشمولية الإنسانية بحاجة – وكما يقول الحسن بن طلال- الى النهوض بدور موضوعي ومحايد في ادارة التنوع الديني والثقافي بعيداً عن التعصب والانغلاق.
القدرة على ادارة هذا التنوع هي التي «تجتث خطاب الكراهية والتعصب»، هذا الخطاب الذي تؤجج ناره اليوم الامبريالية الثقافية ضاربة عرض الحائط بالهويات الوطنية للشعوب.
وفي هذا السياق يضيف سموه قائلاً: «ومالم نسدّ العجز في ميزان الكرامة الإنسانية ووقار الإنسان سنواجه المزيد من صناعة الكراهية», وهنا أتساءل: متى يسدّ هذا العجز ونحن نرى هذا السباق المحموم على صناعة الأسلحة الفتاكة واستعراض فاعليتها على أرض المجتمعات النامية ومنها مجتمعاتنا العربية؟
الحسن بن طلال في مقاله السابق يركز على ضرورة احترام «الصالح العام» وجعل القانون يعمل من اجل الجميع لا من اجل اصحاب المصالح الخاصة.
يتحدث سموه عن «سيطرة ظاهرة السياسة كبازار للولاءات المؤقتة التي اصبحت متكاملة على الصعيد الإقليمي وتحظى بالتمويل». ما أخسّ تمويل الولاءات المؤقتة!
وهنا اقول حين تصبح ظاهرة السياسة بازاراً للولاءات المؤقتة لا تحدّثني عن «الصالح العام» او عن «المواطنة». فعمليات «المساومة» هي الرائجة في «بازار الولاءات المؤقتة».
وحتى يتراجع هذا البازار المقيت يؤكد الحسن بن طلال على ترسيخ «دولة القانون والمؤسسات»، وللأسف فهاهي دولة القانون المأمولة باتت تتداعى في بلدان عربية كثيرة. دولة القانون في الكثير من بلداننا العربية أراها تتقهقر. تقهقرها يعود بها الى الخلف. يجعلها دولاً هشة، الدول الهشة سهلة الانقياد، مؤسساتها صورية!.
في عالمنا العربي اليوم تطغى «الطائفية» و»المذهبية» و»القبلية» و»العشائرية» على مفهوم «المواطنة». مسيرة الحاضر والمستقبل باتت مهددة عربياً وإسلامياً. «مكونات الأوطان الإنسانية والمكانية» تم اختراقها لصالح المنافع الطائفية والمذهبية والشخصية.
«الإعلام المعرفي» تم تغييبه للتضليل واستغباء وعي الجماهير والفرز بين البشر!
لم تعد «الكرامة الإنسانية ووقار الإنسان» تشغل بال الكثيرين من القادة والسياسيين العرب. ما يشغلهم هو «تأبيد» المنصب ليس إلاّ. «لا أولوية للخدمة العامة بل للمصالح الشخصية وتحقيق الربح».
هذا واقع تعيشه مجتمعات عربية كثيرة. واقع بائس يمتهن الكرامة الانسانية.
«الرؤية الإنمائية التي تعظم الصالح العام وتجعل القانون يعمل من اجل الجميع» لا وجود لها. الصراعات السياسية «والولاءات المؤقتة» باتت تستقطب الكثيرين! «الولاءات المؤقتة» انتهازية بامتياز، هي «فهلوة» رخيصة مبتذلة.