Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Feb-2018

عن القمة (الثلاثية).. المُرتَقَبة! - محمد خروب

 الراي - هي قمة اضطرارية كما هي مفاجِئة, اضطر الضامنون الثلاثة للإتفاق على عقدِها (إن عُقِدت.. رغم ان الاعلان عنها قد تم, وبخاصة بعد إسقاط طائرة F16 الصهيونية من قبل الدفاع الجوي السوري) بعد ان وصلت الخلافات بينهم (المُعلَنة وغير المُعلَنة) الى مرحلة لم يعد السكوت عليها ممكناً, وإلاّ فإن الثمن سيكون باهظاً، في ظل مضيّ تركيا تنفيذ خطوات عسكرية تتجاوز ما هو متّفق عليه, باعتبار محافظة ادلب منطقة خفض تصعيد، استغلّته انقرة لفرض اجندتها الاستعمارية الرامية إبقاء الشمال السوري تحت سيطرة جيشها, الذي اندفع عبر غزوة «غصن الزيتون» لإحياء المخططات التركية السابقة الرامية إنشاء حزام امني في الشمال السوري, وفرض «ولاة» اتراك عليه يأتمرون بأمر القصر الرئاسي في انقرة, بعد الفشل الذريع لمخطط انشاء «ولاية حلب» في شرقي الشهباء, التي حرّرها الجيش السوري وحلفاؤه قبل عام, موجِّهاً ضربة قاصمة الى مخطط اسقاط الدولة السورية, الذي انخرط فيه اردوغان بحماسة عثمانية حاقِدة.

 
طهران.. التي دعت الى إنهاء اجتياح «غصن الزيتون» على الفور، لم تخفِ عتبها على حليفتها الاقرب موسكو، بعد (شكوكها) بأن الاخيرة منحت ضوءاً اخضر للطيران التركي كي يُعربد في سماء عفرين، الأمر الذي اثار غضب دمشق ودفعها لتحريك بطاريات دفاعها الجوي وإعلان عزمها إسقاط اي طائرة «تركية» تعبر اجواءها الشمالية، ما كبح المقاتلات التركية وإن استمرّت صواريخها ومدافعها دك الاهداف المدنية في عفرين واريافها, ما أوقع المزيد من الضحايا, ولكن في الوقت نفسه عكس حجم الفشل التركي في إنجاز اهداف العدوان، الأمر الذي تجلّى بوضوح في تصريحات الرئيس التركي أمام انصاره بِزعمِه: أن ما يقوم به جيشه طوال الثلاثة اسابيع هي عملية«إحماء» (...) وأن التحركات «الأساسية» لم تبدأ بعد.
 
غابت تهديدات اجتياح منبج وأخفقت عربدات الذهاب الى الحدود العراقية السورية, وحضرت الان... ادلب (بعد عفرين) وتقدمت مسألة إعادة اللاجئين, ولم يغب عن ذهن الناطق الرئاسي التركي رمي قفاز «التحدّي» في وجه طهران التي طالبت بوقف عملية غصن الزيتون عندما قال: ان بلاده عازِمة على إتمام عملية غصن الزيتون.. مهما كان الثمن (...).
 
ليس ثمة شكوك بأن القمة الاضطرارية المرتقَبة في اسطنبول (على الارجح) ستكون حاسمة واكثر أهمية, مما حققته تفاهمات «القمّتان» اللتين عُقِدتا في استانا وبعدها خصوصاً في سوتشي تشرين ثاني الماضي, لأن ثمة متغيرات ميدانية واخرى سياسية ذات طابع اقليمي (إسقاط طائرة العدو الصهيوني) بدأت تفرض نفسها على ساحات الأزمة السورية, إن لجهة تداعيات الفشل التركي في إحراز اي تقدم يذكر على صعيد عدوان غصن الزيتون بعد ثلاثة اسابيع على بدئها, أم لجهة عودة بعض الدِفء الى علاقات انقرة بواشنطن, وما قد تسفِر عنه مباحثات وزير الخارجية الاميركية ريكس تيلرسون ومستشار الأمن القومي هربرت مكماستر مع المسؤولين الاتراك, وإن حاول الاميركيون الايحاء تضليلاً بأنها ستكون محادثات «صعبة»، إلاّ ان ما يرشح من واشنطن وبخاصة عزم ادارة ترمب على تعيين مبعوث «رئاسي خاص» للشؤون السورية, كنتاج لاستراتيجية اميركية جديدة للأزمة السورية تقوم على «بقاء عسكري اميركي مفتوح» شرق الفرات, لتحقيق عدة اهداف من بينها تعزيز الموقف الاميركي «التفاوضي» مع روسيا، وطبعاً كذلك تقليص النفوذ الايراني، يشي بأن المرحلة المقبِلة ستشهد تطورات دراماتيكية على صعيد معادلة التحالفات والاصطفافات الجاري العمل عليها بتسارع لافت, ما يستدعي من عواصم عديدة ونحسب موسكو في مقدمتها, إعادة النظر في تفاهمات قمتي سوتشي (وقبلها قمة استانا الثلاثية) التي أرسَت معادلة «الضمانات الثلاثية»، حيث تبدو انقرة وعلى نحو يزداد وضوحاً، «متفلّتة» من التزاماتها, تفضحها في ذلك تصرفات مشبوهة تنهض بها, اولها التلكؤ الذي تبديه في مسألة إقامة نقاط المراقبة العسكرية الـ»12 «التي تعهدت اقامتها, فإذا بها وبعد شهرين ونيف لم تُقِم إلاّ اربع نقاط فحسب، ناهيك عمّا كشفته صحيفة اندبندت البريطانية من ان تركيا «بدأت استيعاب الهاربين اليها من تنظيم داعش وزجّهم (بعد اعادة تأهيلهم) في صفوف مرتزقتها الذين يحملون اسم «الجيش الحر», ما يعكس ضمن امور اخرى, حجم الإحتضان التركي لهذا التنظيم الارهابي الخطير, تشارِكها في تلك «الرعاية» حليفتها الاطلسية «العظمى» التي ترجمت تحالفها مع ارهابيي داعش في «مدينة الرقة» وعموم مناطق شرقي الفرات, وبخاصة في حقول نفط وغاز كونيكو والعُمَر.
 
القمة الثلاثية المرتقَبة ستكون مِفصلية, بعد ان لم يعد بمقدور موسكو وخصوصاً طهران, إبداء المزيد من الصمت على خطوات التنكّر التركي للتفاهمات الثلاثية السابقة, ومواصَلة اردوغان تذاكيه المكشوف, لتضليل شريكتيه حتى بعد إسقاط المقاتلة الروسية سو25 الاخيرة في ريف ادلب, وبروز إتهامات موجّهة لانقرة (كما لواشنطن وبعض العواصم العربية) من ان لها يدٌ فيه, حتى وإن أعلنَتا (واشنطن وانقرة) تنصّلهما من تزويد الجماعات الارهابية بصواريخ ارض – جو المحمولة على الكتف، عندما جزمت موسكو انها لن تتهاون في وجودها بيد هؤلاء, ولن تسمح باستدراجها على النحو الذي استُدرِجَت فيه موسكو «السوفياتية».. في افغانستان.
 
معرِفة نتائج القمة الثلاثية (إن عُقدَت) لن تطول، وما تزال لأنقرة مصلحة (حتى الان) في التهدِئة مع الضامنتين (موسكو وطهران) اللهمّ إلاّ إذا نجح تيلرسون في جذب اردوغان الى صف واشنطن.. وهذا ليس مُستبعَداً، عندها سيتم «التأريخ» لمرحلة جديدة قد تكون اكثر خطورة, مما حفلت به السنوات السبع التي انقضت على الأزمة السورية, ومخطط التآمر التركي/الصهيوأميركي/وبعض العربي.. على المنطقة العربية وشعوبها.
kharroub@jpf.com.jo