Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Oct-2019

الثورة الثانية*رشيد حسن

 الدستور-بعبارة مختصرة نستطيع أن نجزم ان الانتخابات الرئاسية التونسية بنتائجها الزلزالية المفاجئة, شكلت ما يمكن وصفه بالثورة الثانية.

فهذه الانتخابات اعادت الحياة لثورة  الياسمين, التي فجرها البوعزيزي بحرق جسده الطاهر, ليصل وهج هذا الحريق إلى المحرومين في العالمين العربي والإسلامي, وكل العالم,  فتنتفض الجماهير فيما أطلق عليه (الربيع العربي), قبل أن تقوم اميركا, بمخابراتها,  (السي.اي.ايه) باجهاض هذا الحلم الجميل, وتحويله إلى صقيع وزمهرير قتل كل ما بشر به هذا الربيع, من امال واحلام جميلة, وسنابل تملء الحقول ورود.
أسقطت هذه الانتخابات  الطبقة السياسية الحاكمة بفوز الاستاذ الجامعي قيس بن المنصف بن سعيد وهو من خارج هذه الطبقة ولا ينتمي إليها, هذا الفوز المؤزر حوالي 70 بالمائة, هو رسالة للطبقة السياسية بان الشعب التونسي لم يعد يثق بها, وان بضاعته كاسدة, فقدت صلاحيتها كما يفقد الدواء صلاحيته ويصبح تناوله مضرا للجسم.
ابن سعيد أكد خلال حملته الانتخابية, وبتصريحاته  الثورية  الرائعة بعد فوزه, والتي تذكرنا  بزمان المد القومي العربي الجميل  (التطبيع خيانة ويجب محاسبة المطبعين ), و (إسرائيل هي العدو الأول للامة) وتذكرنا بان الشعب التونسي لم يكفر بامته, ولم يكفر بقضاياها, وبالأخص القضية الفلسطينية, فهي بالنسبة له قضية كرامة..قضية مصيرية, وان هتافات الجماهير التونسية في شارع بورقيبة ( فلسطين حرة.. حرة.. والصهاينة بره..بره), رسالة بان الأمة كلها لم ولن تنسى قضية فلسطين وعذابات شعبها الشقيق, ومذابح العدو الصهيوني, واستباحته اليومية للقدس, ونهجه العنصري وحرب التطهير العرقي التي يشنها لتهويد القدس, وتغير وجهها العربي--الإسلامي بوجه صهيوني قبيح.
ابن سعيد خاض الانتخابات بجهد ذاتي, يؤازره عدد كبير من المتطوعين, من طلاب الجامعات الذي قام بتدريسهم, ورفض أن يستلم المبلغ الذي تقدمه  الدولة للمترشحين (لانه مال الشعب), وهذا يعني حرصه على تطبيق مبدأ النزاهة  الشفافية,  وهي رسالة للشعب التونسي بأنه سيحارب الفساد والمفسدين, الذين ملؤوا الأرض جورا وظلما, وركبوا ظهر ثورة الياسمين, وتاجروا بدم البوعزيزي وعرق الفقراء, ليصبحوا من أثرى الأثرياء,  يملكون محطات تلفزة وفنادق واستراحات فخمة وطائرات خاصة, فيما الغالبية العظمى من شعب البوعزيزي من الفقراء.
لقد وجدنا أن أفضل اسم وافضل وصف لهذا الحدث التاريخي, هو ثورة (الصناديق), فهي رسالة للشعوب العربية بان تصر على الديمقراطية الحقيقية, لا تيأس ولا تحبط, من الانتفاضات  السلمية لتحقيق التغيير عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة وليست المزورة,  فصناديق الاقتراع  هي من تملك القرار, والقول الفصل, القول الحاسم, فالشعب العربي هو صاحب الولاية,وهو صاحب الحق في اختيار من يشاء..ورفض من يشاء ..ليعيش عزيزا حرا في وطن حر.
لقد ارسل شعبنا التونسي رساله من أبلغ الرسائل لأمته..بانه لم يكفر بثورة الياسمين.. لم يتنكر لدماء البوعزيزي..ولعذابات المقهورين..واصر هى مواصلة المشوار وتصحيح الثورة..وها هو يقوم بثورته الثانية المباركة
مبروك لتونس الخضراء..
مبروك لثورة الياسمين..
وهي تعيد الثقة للامة بقدرتها على التغيير..
وقدرتها على الانتصار..
وقدرتها على
كتابة التاريخ من جديد..