Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Jan-2020

أمسية قصصية للأديبة نهلة الجمزاوي في رابطة الكتاب

 الدستور - نضال برقان

أقامت لجنة القصة والرواية في رابطة الكتاب، مساء الأحد الماضي، أمسية قصصية، قرأت فيها القاصة د. نهلة الجمزاوي عددا من قصصها القصيرة المنشورة في مجموعتها (يدفنون النهر) حملت العناوين التالية: الآن كبرت، مسرحية، ملامح القصيدة، سريالية، يد الكلمات، ظلام.
ثم قدم القاص محمد عارف مشه مقرر اللجنة الدكتورة أسماء سالم حيث قرأت دراستها النقدية والتي قالت فيها: (تقفُ هذه المجموعة) الصّادرةُ عن دار (فضاءات)، في تسعٍ وأربعينَ قصّةً قصيرة وقصيرةً جدّا، على هُموم الوطن والإنسان والإنسانيّة، وتدهورِ الأحوال السّياسيّة والاجتماعيّة، والتّسلُّطِ على معاني الحياة وقيمها من حبّ وجمال وخير وسلام، مُنفتحةً على الواقع وما فوقَه، بتشكيلٍ مائزٍ بينَ الواقعيّةِ والغرائبيّة، يفيضُ برؤًى عميقةٍ فلسفيّة: «خرجتُ من شرنقة أمّي ومضيتُ»، و»يقطُرُ المطرُ أسودَ في عين السّماء، يُغرِق وجهَ الأرض الشّاحبَ بالنّحيب»، و»لم ترضَ يومًا لجبينِها متكأً غيرَ ذراع السّماء»؛ حافرةً في أعماق القارئ، في متخيَّلٍ عالٍ يسمو بذائقته على البساطة والنّقل والتّسجيل، ذي أسلوبٍ رمزيٍّ فائقٍ ومُكتنِزٍ بالدّلالات المتّصلة بالذّات والمجتمع والسّلطة، من منطلَقِ رؤيةٍ خاصّة للعالَم والحياةِ والوجود والإنسان، وما يكتنفُها من مشاعرَ مختلطة، يعصف بها القلقُ والتَّوجُّسُ والحرمان والخذلان والتّيه واللاجدوى، مصوّرةً فجوةَ التّناقُضِ بينَ الواقعِ والمأمول، الّتي أعقبتْ شيئًا من هشاشةِ النّفس، بـ «شبابٍ وشيوخٍ وأطفالٍ يركضون في الطّريقِ ذاتِه، يستجدون الحياةَ بعيونٍ مفتوحةٍ نحوَ السّماء، وصراخٍ يزدحمُ في صدورِهِم، وشفاهُهُم مُكبّلةٌ بالصَّمت»، وبهذه الفكرةِ الواردةِ في قصّة (دائرة القلق) تعبّرُ المجموعةُ عن هواجس النّفسِ تجاهَ الحياة وطبيعتِها، على وتيرةٍ واحدةٍ منَ القلَق والعَجْز والضّياع والقمْع، مُمثِّلةً موقفًا من الحياة، والإنسان، والفعل؛ فهاجسُها التَّحرُّرُ، والإبداع، ونبْذُ السُّلطة، والنّهرُ -كما ترى- يتدفّق عارمًا، وثائرًا، متجاوزًا الحدودَ الزّمانيّةَ والمكانيّة، بما يستدعي الوقوفَ على الذّاتِ والذّاكرةِ والمرآةِ والحُلم. كلُّ ذلكَ في محاولةٍ تجريبيّةٍ جادّة، تَسيرُ في منظومةٍ فنّيّةٍ مُمنهجَة، ذاتِ أبعادٍ نفسيّةٍ ذاتيّة، وفلسفيّة، وإنسانيّة شُموليّة، تتمحورُ حولَ الحاجةِ إلى الثّورة والجُرأة، بموقفٍ منحازٍ للإرادةِ والعَمَل، وتحقيقِ الذّات ومواجهةِ التّحدّيّات، والتّمرُّدِ على الواقعِ والإمبرياليّة المتسلّطةِ على الأفراد والجماعات، مُستغرِقةً في غير قضيّة إنسانيّة قبل أن تكونَ اجتماعيّةً أو سياسيّة، لاسيّما القضيّةَ الفلسطينيّة؛)
أما الناقد محمد المشايخ فقال: (تتخذ الدكتورة نهلة الجمزاوي من فن القصة القصيرة وسيلة من وسائل الوعي والتنوير في مواجهة قوى الاستبداد والظلام، فهي تـُسيّس فن القصة، وتضخّ فيه حمولة فكرية ووطنية تحريضية، وهي تكتب من برج القصة العاجي، لادانة الذين يتطاولون على المعذبين في الأرض وعلى حقوقهم المهدورة، دون أن تتجاوز جماليات فن القصة، ودون أن تدفع تلك الجماليات  خطوات سريعة ومتقدمة إلى الأمام.
وأضاف: تلتقي د.نهلة الجمزاوي في قصتها(مارد الحكاية ) مع الفلسفة التي وردت في إحدى الأساطير اليونانية القديمة، والتي اتكأ عليها كل من المصري توفيق الحكيم، والإيرلندي برناردشو، في مسرحية كل منهما، والتي حملت عنوان»بجماليون»، دون أن تتأثر د.نهلة بتلك الفلسفة أو بما جرى في تلك المسرحية، ولأن الخـَلق والابتكار من أهم مواصفات قصة ما بعد الحداثة، فقد ابتكرت القاصة د.نهلة الجمزاوي، في قصتها التي حملت عنوان المجموعة، مهنة دفن الأنهار، فتـُخرج شخصيات قصتها على شكل جوقات ليحفروا في ليلة واحدة قبرا ليدفنوا به نهرا طويلا وضخما. أما القصص القصيرة جدا، المنشورة في هذه المجموعة، فتمتاز بنجاح مبدعتها في تشكيل الكلمات والصور الحسية، لا يهمها إن كان ما تكتبه للنخبة أو للعامة، طالما أن الحمولة الفكرية التي تتضمنها قصصها ملتزمة بالهم العام، ولديها تقنيات أخرى كالتلوين الأسلوبي، والتشخيص والتجسيد والرمز، والإيماء، والتلميح، والإيهام، الذي لا يحجب الهدف الانساني السامي الذي تتضمنه كل قصة. كما أن حركة القص لديها، كانت تجمع بين المادي والمعنوي، وتـُصاغ بأسلوب يتأنسن معه المجرد، ويتجرد المـُشخص، لا سيما حين كانت التداعيات والمونولوجات الداخلية تُصرّح بما في أعماق الشخصية الحكائية، وتضع أمامنا مكنوناتها الداخلية، وتصف علاقاتها مع الواقع الخارجي المحيط بها، سواء في بداية القصة، أو عند حبكتها، او نهايتها، فعناصر الدهشة تتلاحق منذ البداية وحتى النهاية).
وقد اختتمت الأمسية التي حضرها رئيس الرابطة سعد الدين شاهين، وجمهور غفير من أعضاء الرابطة وأصدقائهم،بحوار شارك فيه عدد من المبدعين المثقفين الحاضرين تقدمهم الروائي بكر السباتين والناقد فوزي الخطبا.