Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Jan-2020

ماذا بعد «بدء» التدخل العسكري التركي؟*محمد خروب

 الراي

بثقة وارتياح.. أعلن الرئيس التركي أردوغان بدء وحدات جيشه التحرّك صوب الأراضي الليبية لدعم حكومة الوفاق في طرابلس برئاسة فايز السرَّاج, التي تُوصَف بالحكومة المُعترَف بها دولياً.. ما يعني ضمن أمور أخرى أنَّ واقعاً جديداً ميدانياً وسياسياً نشأ على الهضبة الليبية, يصعب تجاهُل أبعاده وتداعياته, وبخاصة أن هناك مَن يقف إلى جانب قوات الجنرال حفتر, ويُقدّم دعماً مُعلناً له ولحكومة عبدالله الثني, التي يوآزرها البرلمان المُنتخَب منذ آب 2014 وما يزال هو الآخر يدّعي الشرعية، كون انتخابات جديدة لم تجرِ منذ ذلك الحين, ولا يلوح في الافق انها ستجري في وقت قريب أو متوسط..
 
ما كان قيد التكهنات نقصِد الغزو التركي لليبيا بات حقيقة, ولم تنجح الدعوات «الغربِية» الخجولة التي حاولت تحذيرأنقرة أو كبحها, وبدا «العرب» كعادتهم فاقدوا الهمّة والعزيمة في مواجهة غزو أجنبي جديد لأراضيهم, يزعم اردوغان انه قَدِمَ بدعوة من حكومة شرعية, ضارباً عرض الحائط بالتحذيرات الأُمميّة والأوروبية المنافِقة, التي لا تعني غالباً ما تقول بل تكتفي بمراقبة ما يحدث في انتظار «النتائج» المترتبة عن المواجهات المُحتملة أو حال التوتر المُتدحرِجة.
 
وإذا كانت أنقرة زجّت بمئات من مرتزقتها من فصائل الإرهاب السورية التي استخدمتها للتوغل في الشمال السوري عبر غزواتها الثلاث المعروفة، وأبقت جحافل جيشها الغازي في مؤخرة الجبهات, فإنها ليبِيَّاً ستكرر السيناريو نفسه ولن يسمح أردوغان بسقوط أي جندي من جنوده, وهو ما أكّدته تصريحاته التلفزيونية بالقول حرفياً: «إن فِرَقا أُخرى ليست الجيش التركي، ستكون مهمتها القِتال المُباشر» مضيفا.. «إن مهمة جنرالاته فستكون التنسيق وقيادة العمليات بأعداد محدودة, وليس قوات قتال مباشر», وها هو المرصد السوري لحقوق الإنسان «يكشِف» عن مقتل «أول سوري» في المعارك الدائرة داخل طرابلس ومحيطها، والقتيل هو من ضمن ألف ويزيد من المُرتزقة الموالين لأنقرة, الذين أُرسلوا لـ«الجهاد» إلى جانب حكومة فايز السراج.
 
لافت أن الغزو التركي الجديد لأراضي عربية أخرى, تزامن مع سقوط مدينة سرت ذات الموقع الاستراتيجي (في الطريق الى طرابلس) بيد قوات حفتر, الأمر الذي يمنح الأخير مزيداً من «الأوراق» المُرشّحة للاستخدام في مؤتمر برلين, الذي تستعد حكومة ميركل عقده بمشاركة دولية وإقليمية واسعة, في حال تم الاتفاق على جدول أعماله ولم يقاطِعه أحد من طرفي الصراع في ليبيا, إذا ما وعندما تشعر بعض الأطراف الداعمة لأحدهما أو كليهما, بأنها ستخسر نفوذها أو تُجبَر على تقديم تنازلات. وبخاصة أن هجمة دبلوماسية تركية مُنسقة مع حكومة السراج بدأها أردوغان بزيارة تونس ولاحقاً وزير خارجيته تشاويش أوغلو (تزامُنا ًمع وصول السرَّاج ووزير خارجيته) في اتجاه الجزائر, التي عارَضت أي تدخل خارجي في الأزمة, واعتبرت في الوقت ذاته أن اجتياح طرابلس «خط أحمر» محظور تجاوزه.
 
إنها رائحة النفط والغاز التي تجذب التدخّل العسكري التركي, المحمول على نزعة توسعية وأوهام مُتجدِّدة باستعادة «الودائع» العُثمانية..المزعومة.