Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Mar-2018

لـجان ومـعايـير - د. صلاح جرّار

الراي -  تستطيع أيّ لجنة في أي مجال من مجالات العمل أن تضع المعايير التي تريد لاختيار من تريد أو ما تريد، لكنّ الذي يحدّد مجال المعايير هو الهدف المطلوب، فتكون المعايير، على سبيل المثال، بدنية أو جسمية إذا كان المطلوب تعيين مدرّب رياضي، وتكون هندسيّة وماليّة إذا كان المطلوب تنفيذ مشروع إنشائي مثل شارع أو بناية، وتكون صحيّة إذا كان المطلوب له علاقة بالصحّة، وتكون زراعيّة إذا كان الهدف المطلوب له علاقة بالزراعة، وتكون علميّة إذا كان المطلوب تعليميّاً، وتكون إدارية إذا كان المطلوب تعيين مدير، إلى غير ذلك.

أمّا أن تكون معايير زراعية لاختيار مدرّب رياضي، أو سياسيّة لاختيار محاسب، أو تربويّة لاختيار مزارع، فذلك ممّا لا يصحّ في قوانين المفاضلة والاختيار، لأنّه إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على نيّة مبيّتة لاختيار شخص بعينه، أو يدلّ على فساد في المعايير أو ضعف في الخبرة والتجربة.
وليس من الصعب على أيّ واضع للمعايير أن يحدّد المعايير التي تستبعد هذا الرمز أو ذاك من الرموز والقامات العلميّة والفكريّة عن طريق إضافة شرط خارجٍ عن مجال تخصصاتهم، فتظهرهم أمام العالم أنهم «لا يساوون شيئاً».
إنّ الأصل في عمل لجان المفاضلة والاختيار أن تلتزم بالمعايير والشروط التي تعلن عنها، لا أن تعلن عن بعض الأسس والمعايير بينما تضمر معايير أخرى تحقيقاً لأهدافٍ خاصّة أو انصياعاً لرغبة هذا المسؤول أو ذاك أو هذه الجهة أو تلك.
إنّ تطبيق معايير مختلفة عن المعايير المعلن عنها وإفراز نتائج غير متوقّعة ومخالفة للشروط والمعايير المعلنة له تبعات سلبيّة وخطيرة على المجتمع والوطن، ومن هنا فإنّه يدخل في باب الإساءة للوطن، فمتى أدرك الأشخاص الذين تنطبق عليهم الشروط أنّهم سوف يجري استبعادهم – من خلال وضع معايير إضافية- لصالح أشخاص أقلّ تحقيقاً للشروط والمعايير، فإنّهم في المرّات القادمة لن يرشحوا أنفسهم للدخول في المفاضلة، حفاظاً على كراماتهم وسمعتهم وقيمة إنجازاتهم وخبراتهم، وبالتالي لا يبقى في الساحة إلاّ من هو أقلّ استحقاقاً وتأهيلاً وخبرة، وفي ذلك إضرار بالغ في المصالح الوطنية.
ومن جهة ثانية، فإنّ المتميّزين الذي قضوْا أعمارهم في الإبداع والإنتاج والعطاء إذا شعروا أن جهودهم أصبحت مهمّشة ومستبعدة وغير معترف بها وأن أصحابها «لا يساوون شيئاً» في ضوء المعايير المفصلة، فإنّ ذلك يمثّل عاملاً كبيراً لإحباطهم ووقف دافعيتهم لمزيد من الإبداع والعطاء، وفي ذلك اغتيال للإبداع وإضرار بالغ بالوطن.