Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Jun-2018

صِهر «ترمب» في هذيانِه.. أو «كوشنر» مُرّوِّجاً لبضاعته الفاسدة - محمد خروب

 الراي - لا ادري إن كان الاستاذ وليد أبو الزلف، رئيس تحرير صحيفة القدس المقدسية، توفّرَ على حجة مقنعة او امتلك نفوذاً في اوساط الادارة الاميركية الحالية، كي ينجح في «استدراج» كبير مستشاري الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، لإجراء مقابلة صحافية هي «الاولى على الإطلاق» التي يُجريها صهر ترمب (زوج

ابنته ايفانيكا) مع صحيفة في العالم أجمع؟، ام ان توقيت المقابلة واختيار الصحيفة الفلسطينية واسعة الانتشار
والأقدَم, كان مقصودا لذاته وبذاته كونها (صحيفة القدس) تُشكِّل جسراً لمخاطبة الشعب الفلسطيني وقيادة السلطة.
حيث الاخيرة ما تزال حتى اللحظة على قرارها مقاطَعة الإدارة الاميركية وعدم الحوار معها او القبول بها وسيطا وحيداً, على الطريقة التي تكرست طوال ربع القرن الماضي. ما لم تتراجَع(وهي لن تتراجَع) عن قرارها الإعتراف بالقدس عاصمة للعدو الصهيوني.
وبصرف النظر عن ملابسات إجراء مقابلة مغسولة كهذه, فان القراءة المعمّقة «والنقدية ايضا» لإجابات اليهودي الصهيوني المتعصّب وداعم المشروع الاستيطاني الاحلالي اليهودي في الضفة الغربية المحتلة، تكشف بوضوح حجم المؤامرة التي تنطوي عليها صفقة القرن، والجريمة التي سيرتكبها كل مَن يتساوق ويتماشى ويتواطأ ويروِّج ويضغط على الشعب الفلسطيني للقبول بهذا المشروع الاكثر خطورة والهادفِ تصفية قضية الشعب الفلسطيني المقدَّسة وحقوقه المشروعه في وطنه. وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره، واقامة دولته المستقلة التي لا قيمة لها ولا معنى تحرُّريا او سيادياً لها بدون القدس عاصمة لها.
القدس بكل احيائها وليس تلك التي يجري الحديث عنها وتجد من بعض العرب – مِن أسف وغضب – مَن يؤيدها ويدعو للقبول بها, والتي في جوهرها ليست سوى غطاء لتهويد القدس وزيادة نسبة الديموغرافيااليهودية فيها, بعد ان يتم نقل ثلاثة الى خمسة احياء من القدس ذات كثافة سكانية فلسطينية عالية, كي تُعلَن عاصمة لدولة فلسطينية «مَسخ» على «مقياس ترمب» وعصابة اليهود الاميركيين الاكثر تعصّبا والمُمسِكة ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وعلى رأسهم كوشنر وغرينبلات ومندوب المستوطنين ديفيد فريدمان, الذي طلبَ من ادارته ووزارة الخارجية التي يتبع لها رسميا – واستجابت بسرعة–ان تُزيلا «عبارة الاراضي المحتلّة» من قاموسهما, عندما تشيران الى الضفة الغربية, فضلاً عن فتواه الأبشع بانه في حال إجبار حكومة اسرائيل على اخلاء المستوطنات اليهودية في الضفة المحتلة, فان «حرباً اهلية» ستندلع في كيان العدو.
تصريحات صهر ترمب لصحيفة القدس الفلسطينية, الوقِحة وغير الدبلوماسية التي كشف فيها بلا ارتباك او مجامَلة طبيعة صفقة القرن التي لقيت ترحيباً وحماسة من بعض العرب, ورفضا وحذرا من بعضهم الآخر، تُظهِر حجم المؤامرة الصهيوأميركية التي يبدو انها الآن في «شوطها الاخير», بعد ان ضمن حاخامات البيت الابيض تمويلاً عربياً وضعوه عنوانا اساسيا لتمرير المخطط/الجريمة التي تعكف اطراف عديدة وخصوصا اميركية صهيونية وعربية على وضعه موضع التنفيذ, ولكن من «بوابة غزة» حيث عاد شعار «غزة أولاً» الى صدارة اهتمامات هذا الثالوث الخطير, مختزِلاً أماني وتطلعات الشعب الفلسطيني المظلوم والمُهجّر والمطارَد, الذي تُمارِس بحقه آلة القتل الاسرائيلية/الاميركية عملية تطهير عرقي لم تتوقّف طوال سبعة  عقود, تحت طائلة التلويح الدائم بشن المزيد من الحروب, إذا لم يرضخ ويقبل بما هو «معروض» بعد ان تخلّى بعض العرب عن ما صدعوا رؤوسنا به طوال سبعة عشر عاماً، والتي أسميت «مبادرة السلام العربية» دون أن تعيرها حكومات العدو الصهيوني ادنى اهتمام.
يقول صهر الرئيس في هذياناته للصحيفة المقدسية: «...في نهاية المطاف.. اعتقد ان الشعب الفلسطيني
أقل اكتراثاً في نقاط الحوار بين السياسيين, واكثر اهتماماً (انتبِهوا ودِّقوا جيداً هنا) ليرى كيف ستوفِّر هذه
الصفقة وللأجيال المقبلة.. فرصاً جديدة والمزيد من الوظائف ذات الأجور الافضل, وآفاق الوصول الى حياة
أفضل».. أي صفاقة واستهتار يمكن لِـ»مُدّع» انه يسعى لحل اقدم قضية احتلال والوحيدة في العالم التي يقع
فيها شعب تحت استعمار احلالي استيطاني كولونيالي, يمكن ان تفوق صفاقة هذا اليهودي المنافِق
والصهيوني المتعصب؟.
ثمّة «دُرّر» أخرى اوردها كوشنر, مع حرص واضح على عدم ارتكاب اي زلة لسان, يمكن ان تُسجّل ضده, كذِكر
مصطلحات وعبارات تتحدث عن حقوق الانسان وحق تقرير المصير واقامة الدولة المستقلة وازالة
المستوطنات من الضفة المحتلة وغيرها, مما كانت تُشكّل «رطانة لفظية» لمن سبقوه في ادارة ملف الصراع
في الادارات الاميركية المتعاقبة. وإن كان اجاب على سؤال بعبارة اكثر غموضا وعمومية بالقول: «...على
الجانب الفلسطيني والاسرائيلي تقديم تنازلات متبادَلة لصنع السلام ومستقبل مشرق للشعبين». كلمات
مُرسلَة لا معنى محددا لها ولا تلزِم ادارته بأي شيء وتمنح حاخامات البيت الابيض رِياح إسناد كي يَمنحوا
حكومة اسرائيل الفاشِية, فرصة إضافِية لممارسة الفيتو على اي «بند» في صفقة التصفية.
وصلت الوقاحة والصلافة ذروتهما في مقابَلة هذا الصهيوني المتعجرف مع الصحيفة الفلسطينية, عندما
تحدّث نيابة عن الشعب الفلسطيني بقوله بعد اختزال القضية في «تحسين شروط عيش اهالي غزة»: «
سيُعجَبُ الشعب الفلسطيني بهذه الخطة, لانها ستؤدي الى فرص جديدة لحياة افضل بكثير».
ليس ثمة «دعوة» ولو كلامية عن الحق بالاستقلال والخصوصية الثقافية والوطنية للشعب الفلسطيني, ولا
حتى اشارة خجولة الى «حل الدولتين» الذي مات ميدانيا منذ زمن طويل. لكن الاكثر غرابة في كل ما جرى
ويجري, هو هذا الصمت المريب الذي يلوذ به بعض العرب وخصوصا اولئك الذي يُشير الحلف الصهيواميركي انهم «منخرِطون» في مشروع تصفية القضية الفلسطينية.. المسمى «صفقة القرن».
kharroub@jpf.com.jo