Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Dec-2019

مجتمع الكراهية*حمادة فراعنة

 الدستور

قبل أن يعودوا من تونس إلى فلسطين، كان ثمة أوهام لدى قادة منظمة التحرير أن المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي سوبرمان، وبعد أن نجح الرئيس الراحل ياسر عرفات، على نقل الموضوع الفلسطيني من المنفى إلى الوطن، وكان هذا آخر إنجازاته، وتعبيراً عن هذا الفهم، خاطب سميح عبد الفتاح أبو هشام- له العافية والشفاء، مستشار الأمن الوطني للرئيس الفلسطيني محمود عباس خاطب محدثيه من الطرف الآخر خلال أحد الاجتماعات الرسمية بقوله:
« حينما كنا في الخارج كنا نتوهم أنكم عباقرة وأفرادكم سوبرمان، ولكن حينما عدنا للبلاد والتقينا معكم، تبين لنا أنكم مثلنا تحملون من الإيجابيات ما نسعى للتعلم منها، ومن السلبيات تفوق انحدارنا مما يفرض علينا التخلص منها».
ثمة اعتقاد سائد مفاده أن العداء للآخر من قبل الصهيونية وثقافة الأغلبية لدى المجتمع الإسرائيلي تقتصر على كرههم للفلسطينيين والعرب، للمسلمين وللمسيحيين فقط، ولكن تبين للفلسطينيين القادمين بعد أن تعلموا من أشقائهم الفلسطينيين المقيمين بشكل خاص أبناء مناطق 48 الأكثر احتكاكاً ومعرفة والتصاقاً بالإسرائيليين، تبين لهم أن الإسرائيليين مثل كل المجتمعات المتخلفة، ولديهم مظاهر المجتمعات المتفوقة العنصرية يكرهون الآخر، فالعداء للشرقيين من قبل الاشكناز صفة عميقة كامنة، وعداء المتدينين لغيرهم من اليهود لا يقل عن عداء داعش والقاعدة لعامة المسلمين، وعداء المحافظين نحو الليبراليين لا يحتاج لقوة التدقيق، ففي أيام احتجاجات الأثيوبيين في شهر تموز 2019 ضد السياسات الحكومية العنصرية تم معاملتهم بقسوة وقمع شديدين وكأنهم غير يهود، واليوم تظهر مظاهر الاحتجاجات المؤيدة والمعارضة لنتنياهو في ميادين تل أبيب أنها تتجاوز المعايير الديمقراطية وتعكس التعارض الشديد بين المصالح، فالمعسكر الثلاثي: اليميني واليميني المتطرف مع المتدينين اليهود والمتشددين يشعرون أن خسارتهم في نتنياهو خسارة لوحدة معسكرهم وتفوقهم واستمرارية تماسك تحالفهم ولذلك يحرصون على الحفاظ على تحالفهم وأن يبقوا الأغلبية مع نتنياهو حتى ولو كان فاسداً.
المجتمع الإسرائيلي رغم قوته وتفوقه مازال في طور التكوين، لم يصل بعد إلى حالة الاستقرار والثبات، ومثلما هي حدودهم الجغرافية السياسية غير ثابتة متحركة وفق موازين القوى وتدفق المستوطنين ومظاهر التوسع الاستعماري، فالبنى الاجتماعية أيضاً غير ثابتة ومتحركة، سواء باتجاه المزيد من القادمين الجدد، أو من الراحلين الذين حصلوا على جواز السفر الذي يؤهلهم لدخول أوروبا وأميركا بيسر وسهولة.
إبراهيم صرصور الرئيس السابق للحركة الإسلامية في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، ابن مدينة كفر قاسم يقول في مقالة قارئة للوضع الإسرائيلي المأزوم:
« ما من شك أن إسرائيل تعيش مرحلة انحطاط داخلي على المستوى القيمي والسياسي والتنظيمي، وقد يشكل ذلك خطوة متقدمة على طريق انهيارها، وما بقي إلا أن تهب ريح من مكان ما تفوقها تماماً «. 
المجتمع الإسرائيلي يحمل مظاهر انهياره، لأنه متوتر، غير متجانس، يقوم على كراهية الآخر والبطش به، ويحمل بذور هزيمته.