Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Feb-2019

من عمان إلى الكويت .. بمناسبة!*محمد كعوش

 الراي

لم أكتب عن الكويت منذ غادرتها في بداية العام 1984، ولكن اليوم اكتب عنها ولها بعقلانية واقعية، فرضتها المتغيرات والمستجدات، في وقت ينهار فيه عالمنا الحاضر قبل ان يتشكل عالم المستقبل. ولأن الذكريات الصغيرة تهزم النسيان، كما اثبتت الدولة الشقيقة أنها غير عالقة في الماضي تتحرك الى الامام، ربما التجربة الصعبة انضجتها أكثر.
 
اليوم اشعر أنني أخرج من حالة الجمود بانفتاح الكلمات على الوعي والواقع المتغيّر، كما اكتب لاجيب على تساؤلات الكثيرين حول سر الموقف الكويتي المرحلي المعتدل، كما اعرفه، في زمن تداهمنا فيه فوضى التكوين ، وفي عالم يحيطنا بحزام ناري وينصب فخاخه بدهاء في بلاد العرب.
 
تتزامن الكلمات مع زيارة رئيس الحكومة الكويتية الشيخ جابر المبارك الصباح للاردن، ومشاركته في اجتماع اللجنة العليا الاردنية – الكويتية في عمان، وتوقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم، وتفعيل تعزيز العلاقات بين البلدين، وهي الزيارة التي عكست رغبة دولة الكويت بدعم ومساندة الاردن في هذه المرحلة الصعبة التي فرضتها اجواء الصراع في المنطقة وتداعيات المرحلة، وهي خطوة صحيحة على طريق اعادة احياء العمل العربي المشترك.
 
بداية أقول أن في هذه المرحلة الحساسة الحاسمة، نجحت دولة الكويت في الحفاظ على اعتدالها خصوصا في تعاملها مع التطورات داخل البيت الخليجي الخاص، كذلك في البيت العربي العام. الثابت انها لم تكن طرفا في الخلافات والازمات التي طالت بعض دول الخليج، بل سعت القيادة الكويتية جاهدة للتوصل الى حل سياسي للأزمة القائمة داخل دول مجلس التعاون الخليجي، كما لم تشارك في الحروب المشتعلة في المنطقة، كما انها حاولت ايجاد حلول لازمة اليمن منذ عام 1979في اجتماع عقد في الكويت.
 
ما يميز دولة الكويت أنها دولة برلمانية، فيها من الحياة الديمقراطية ما يكفي لبناء مؤسسات حقيقية، كما التزمت بمبدأ الفصل بين السلطات، تجنبا لتغول السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، اضافة الى وجود تعددية سياسية بوجود تيارات قومية ودينية وفعاليات سياسية مستقلة، وهي المعادلة التي فرضت حالة من التصالح والاعتدال غير متوفرة في كثير من الدول العربية.
 
اما بالنسبة لموقفها من الازمات العربية والحروب المدمرة التخريبية الدائرة، وفي مقدمتها الحرب في سوريا وعليها، لم تشارك الكويت في اي نشاط سلبي ضد الدولة السورية، كما لم تشارك في دعم وتمويل وتسليح المنظمات المتطرفة الارهابية، وانا ارى ان امام الكويت فرصة لدعم الحل السياسي، وللعب دور داعم لسوريا الدولة والشعب من باب العرفان فحسب.
 
وبمناسبة الحديث عن مواقف الكويت الخارجية، أو الأصح المواقف العربية، لا انسى جرأة رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم، ودوره في أكثر من مناسبة، في التصدي ودحض الكاذيب الصهيونية، وطرد المندوب الاسرائيلي واخراجه من القاعة خلال انعقاد مؤتمر دولي في العام الماضي.
 
والأهم أن للكويت قناعاتها وثوابتها والتزاماتها المانعة لأي خطوة تطبيعية مع الاسرائيليين، والتمسك بدعمها المطلق لقضية الشعب الفلسطيني، كذلك موقفها الرافض لصفقة القرن الساعية الى تصفية القضية الفلسطينية. هذا النهج المعتدل خليجيا وعربيا، والرافض للتطبيع، في هذه المرحلة بالذات، حيث العالم يتغير، يحتاج الى جرأة وشجاعة غير عادية، لأن العالم من حولنا يموج ويضج بالحراكات والفوضى والعنف، واصطناع الإعداء من اجل استقرار و أمن اسرائيل ، وتصفية قضية الشعب الفلسطيني.
 
في النهاية اقول أن توطيد العلاقات بين الاردن والكويت وتفعيل التعاون بين البلدين خطوة ايجابية مهمة في زمن عربي سيء، هو زمن جفاف عاطفة الاخوة وروابط الدم الخالي من الرحمة، حيث يستل الاشقاء الخناجر والحناجر من أجل الانتحار الجماعي والتدمير الذاتي المجاني.