Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Oct-2018

ثقافة تقليل الشأن.. - سامر محمد العبادي

 الراي - لطالما يراودك سؤال عدم النجاح بقطاعات عدة في وطننا، أو يكون السؤال بشكل آخر، هو لماذا الإنطباعات في وطننا دوماً مسكونةً بالسلبية والنقد؟، بالرغم من وجود عددٍ من النجاحات فيها.

فمثلاً في القطاع الأكاديمي أو الإعلامي أو حتى الثقافي والسياسي، ترى وتيرة النقد مرتفعة بين العاملين فيها نتيجة التنافس، بل هو نتيجة الصراع أحياناً، بما يشي بأن المثالب باتت تتمدد في مجتمعنا وأبرزها الأنانية المفرطة التي باتت جليةً لدى كثيرين منا.
إذ بات من الصعب علينا أن نرى»زملاء»وأحياناً أصدقاء يمدحون بعضهم، أو يشيد أي منهم بعمل الآخر، وبتنا نشعر بثقافة»الأنا»السلبية تحاصر كثيراً من القطاعات والحقول، وكل بات يتمثل فيه بيت الشعر القائل:»دع عنك غير صوتي فإنني..أنا الطائر المحكي والآخر الصدى».
وسط زحام هذه الظاهرة، التي من الممكن قراءتها بدقة في تعليقات المجالس، وخاصة بين زملاء المهنة والمؤسسة والقطاع، ترى الجميع يقلل من شأن الجميع، وكلٌ يريد أن يبرهن على أن أي نجاحٍ لأي انسانٍ ما هو إلا شيء عادي بهذه الحوارات وتلك الأحاديث باتت كثير من الحقول والقطاعات في وطننا تتآكل أو تبعث بانطباعات للمتابع أو المتفاعل معها بأن السلبية هي السمة المتسيدة، وأجيال مقبلة شاب مخيالها إما الخوف أو ثبوط العزيمة نتيجة لهذه العقلية.
والسؤال هنا: هو لماذا تمددت هذه الظاهرة وغاب المديح، أو»كلمة الحق» لكل مثابر وحل محلها»تقليل الشأن»؟ خاصة وأن هذه السلوكيات معبرة عن خللٍ بنظامٍ القيم المجتمعية السائد والذي تنتجه نظم التربية كالأسرة والمدرسة والجامعة !
فهل نحن بحاجة إلى ثقافة إنسانية جديدة أو منظومة قيمية، أم نحن بحاجة إلى استعادة قيمٍ تغيب بيننا، خاصة وسط تضخم الذات للبعض الذي لم يمكنهم من رؤية الآخر، وكيف نعزز الروح الجمعية الإيجابية التي تنضب شيئاً فشيئاً من اركان مجتمعنا.
إذ كثيراً ما تمنيت أن ألقى زميلاً يمدح زميله، وينزله منزلته نتيجة لجهدٍ قام به أو انجاز حققه، فلعل أكثر ما يحتاج إليه البعض هو كلمة تشجعهم على المواصلة. هذا الركام من السلبية هو الذي يجيب عن شيء من سؤال لماذا لا ننجح؟، ولماذا بتنا نتفنن في نصب الشراك لبعضنا، سواء في مكان العمل أو حتى أحياناً في الأسرة والمنزل.
ترى، كيف تغيرنا إلى هذا الحد؟ ولماذا باتت كثيرون في المهنة او الوظيفة أو حتى العائلة يأكلون بعضهم بضعاً.. وهل غلبتنا قيم المادة و»الأنا»المتضخمة وأتت علينا.
إنها مسألة بحاجة إلى تأمل لا إلى عقد المفارقات بين زمانٍ مضى، وجيل أسس وأثنى على بعضه وآخر حالي يقدح بعضه بعضاً، فالنجاح بحاجة إلى»معاضدة»لا إلى»مناكفة»، وذلك لننجح، ولنكف عن تقليل شأن نجاح كثيرين بيننا !
samer.yunis@live.com