Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Apr-2018

التوازن المثالي والاختلال التعليمي - د. فيصل غرايبة

 الراي - يبرز التعليم كأكثر النظم الاجتماعية تأثرا بمسألة التوازن داخل المجتمع، فكلما ابتعد المجتمع عن حالة التوازن المثالى أصاب منظومة التعليم كثير من الخلل والتأكل، وهو الأمر الذي ينعكس في النهاية على موقف المتعلم من المجتمع،وعلى أدائه المجتمعي بشكل عام. ولعل من أبرز الظواهر التي تتجلى في حالة عدم التوازن المشار اليه، هي ظاهرة هجرة العقول التي تعبر عن النزيف الدماغي الاجتماعي وهدر الكفاءات، وذلك بتأثير الاختلالات العديدة التي قد يتعرض لها المجتمع – أي مجتمع–ابتداء من الحريات وفرص العمل، وانتهاء بالديمقراطية والثقافة والفنون.

لذا فان قطاع التعليم يتطلب الاهتمام من خلال برامج التعليم بالفنون الفردية والجماعية، وكذلك الاهتمام بالعمل الجماعي وبتغيير الطبيعة والجغرافيا، مما يستدعي وضع النشاطات اللامنهجية اللازمة في هذا الأتجاه. الا انه من الملاحظ أن معظم الأقطار العربية أغفلت ضرورة احداث تغييرات في الجغرافيا بشكل يخفف من وطأة مفرداتها، وذلك عن طريق وضع مناهج تفكير أو انشاء مدارس هندسية وتكنولوجية جديدة ومتخصصة، وكذلك من خلال تطوير مفاهيم الهندسة المعمارية والهندسة البيئية على حد سواء، مع بذل الجهود لانشاء كليات وتخصصات الهندسة الجغرافية وهندسة الصحراء، وبخاصة في الجامعات المحلية التي تقع أماكنها قرب حد الصحراء، وخير مثال اردني بهذا الصدد هما جامعة الحسين بن طلال في محافظة معان وجامعة آل البيت في محافظة المفرق، يستتبع ذلك تطوير وتخطيط المدن وانظمة الري ومقاومة التصحر والهيدرولوجيا،والتوسع في انشاء المسطحات المائية والقنوات وتغيير الجغرافيا، وأرى أن جامعة البلقاء التطبيقية وما يتبعها من كليات منتشرة في مختلف المناطق ومتنوعة التخصصات ومختلفة البيئات خير من يترجم مثل هذه التوجهات.
أضيف الى ذلك أيضا الدعوة الى التوسع في تطوير السلالات النباتية والحيوانية المقاومة للحرارة والجفاف، وهو ما تفاجأت به العديد من المناطق الأردنية في مواسم مختلفة وفي سنوات متكررة، وكليات الزراعة في جامعات العلوم والتكنولوجيا والجامعة الأردنية وجامعة جرش وكليات العلوم في هذه الجامعات وغيرها كجامعتي اليرموك ومؤتة والجامعة الهاشمية،مهيأة بامكاناتها البشرية والمادية لترود ذلك العمل وتقتحم ذلك الميدان، مستفيدة من التجارب العالمية في تطوير المواد والتكنولوجيا اللازمة في المعدات والآلات والماكنات والمصانع، وأنظمة الانتاج الأكثر تعقيدا والمتطورة صنعا، ومضيفة اليها ومعدلة لها بناء على بحوث ودراسات دقيقة وصارمة، بما يتواءم مع البيئة المحلية والثقافة الوطنية، لتعطي مردودا أفضل وتجني فائدة اكبر في مضمار التنمية بشقيها المادي والمعنوي، وفي اطار اقتصاد المعرفة ومعطيات الاتصالات الحديثة.
وما دام التعليم هو كنه بناء العقول ونسغ صقل الشخصيات، وروح تهذيب النفوس ومفتاح الانفتاح على الفضاءين الانساني العالمي والطبيعي غير المحدود، وان ثمة خارج الصندوق الفكري والثقافي والمعرفي التقليدي للمجتمع أهم محركات الأنطلاق والتغيير، لذا فقد غدا التعلم مدى الحياة عملية موصولة مستمرة متنامية، تتابع المستجدات على مستوى العالم أجمع، وهي حتما لدى المجتمع الصناعي المتطور بشقيه الغربي والشرقي، وكذلك للحاق بقطار المعرفة الذي يعبر المجتمعات والحضارات والثقافات دون استئذان، وبترحاب وارتياح من جميعها وفي رحابها، ولا يتبقى لدى الفرد المواطن المتفاعل هو التعليم القابل للاستثمار، والذي يتطلب أن يكون المتعلم فاعلا في المجتمع، الذي تسوده المرونة والاستجابة للتغيير، مما ينبغي أن تتوفر لدى جميع الأطراف ومختلف القطاعات.
استشاري اجتماعي- باحث بقضايا المواطنة عضو المكتب التنفيذي لحزب الاصلاح
dfaisal77@hotmail.com