Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Aug-2018

مكتباتنا العامة.. بين العمل التقليدي ولمعة الإدارة الإلكترونية
الرأي - سائدة السيد -
 
أمام التطور السريع لوسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي التي غزت العالم ، تراجعت عادات كثيرة ظل الناس يعكفون عليها لسنوات عديدة ، وكان تراجع الدور الكبير الذي كانت تقوم به المكتبات العامة شيئا حتميا في ظل هذا التطور ، لتحل مكانها المكتبات الإلكترونية.
 
فهل تغني المكتبات الإلكترونية عن التقليدية ؟.. للمكتبات سحرها الذي يجذب محبي القراءة والمعرفة ، حيث يأسرهم البحث بين كنوزها ، والجلوس في إحدى زواياها ، والاختلاء بكتبها.
 
إلا أن عدداً من الخبراء والأكاديميين أرجع ضعف الإقبال على المكتبات العامة ، وتراجع نسبة القراءة في الأردن والوطن العربي ككل، إلى أنّ المكتبات بشكلها التقليدي الحالي لا تستطيع المنافسة على جذب قراء جدد ، خاصة في ظل ثورة التكنولوجيا ، وسرعة إيقاع الحياة ، وصعوبة إيجاد الوقت للذهاب اليها.
 
إن تراجع المكتبات التي نعرفها ، وتناسي أهمية وجودها ، من شأنه أن يؤثرعليها ككيان مهم للحصول على المعلومة ، وتبادل التراث الثقافي والعلمي لخلق المعرفة ، ويلغي دورها كمؤسسة ثقافية أنشأتها الدولة ، فهي صورة مصغرة من ثقافتنا الفكرية ، وبالتالي نحن بحاجة الى كل المكتبات التقليدية والرقمية على حد سواء.
 
في ولاية كاليفورنيا الأميركية ، تم بناء أحدث جامعة فيها قبل سنوات ، بدون بناية خاصة بالمكتبة ، إلا أنها لم تستطع الاستمرار لأنها لم تجد كل ما تحتاجه على الإنترنت ، ولأن امتلاك كل شيء في صورة "مرقمنة" يحتاج إلى تكلفة عالية ، إضافة إلى أن الناس يرغبون بالتحرك مع كتاب جيد وليس مع حاسوب محمول ، وكان الحل لذلك هو 42 مليون دولار للمكتبة التقليدية مع أداة الكترونية قوية. ولتمكين المكتبات من الاستمرار في الوجود ، فهي تحتاج إلى الاهتمام بها بشكل أكبر ، فكلما كان اهتمام الفرد والمجتمع بالثقافة أكثر ، كانت المكتبات أكثر ارتياداً من الأماكن الأخرى ، وينبغي أن تتبني ذلك المؤسسات المختصة لازدهارها ، وتوفير كل المواد والمساحات المادية ، وكذلك أحدث الخدمات الرقمية. وقد بذلت كثير من الدول جهوداً كبيرة ، لإعادة تصميم المكتبات ضمن خطط إبداعية ، واتخذت العديد من الخطوات الجريئة ، للحفاظ على الثقافة المحلية في ظل التوسع الرقمي ، فأعادت مثلا المكتبة العامة في بوسطن في تصميمها ، بحيث أصبحت المنشورات الشعبية ، والمواد الإعلامية المادية الشكل ، تنتشر بسرعة أكبر من المساحات البارزة على مقربة من داخل المبنى.
 
إن بعض مكتباتنا اليوم شبه مهجورة ، بسبب عدم ملائمة المباني التي تفتقر لأبسط الخدمات ، حيث نجد المدى الكبير من الإهمال بموجوداتها ، وأثاثها المتهالك ، الذي ينفر ولا يجذب ، ولا يرقى إلى عشر المكتبات الأوروبية والاميركية.
 
وبالتالي على القائمين على أمر المكتبات مواكبة العصر ، وإحياء دورها كمؤسسة تعليمية تثقيفية ، وتوفير المباني الجميلة وتزيين حوائطها بشكل جاذب ونابض بالحياة ، وتوفير الكتب وعرضها بالشكل الذي يساهم على تحفيز الأجيال الجديدة على القراءة ، وتأهيلها وإنشاء مكتبة في كل حي ، وتطويرها بحيث تشمل الكتب المنسوخة والرقمية ، ليتمكن أي شخص من أن يجد ما يريد.
 
تطوير المكتبات من المشاريع التي تأخذ وقتاً لتأتي بثمارها ، وعلى الحكومة أن تعمل جنباً إلى جنب لتطويرها أسوة بالبلدان المتقدمة ، وأن تهتم بالابتكار ، وتكون أكثر تركيزاً في تقديم الدعم لها ، والتي يمكن أن تزدهر في السنوات القادمة.
 
نحن بحاجة الى إعادة النظر في الدور الذي تلعبه المكتبات في مجتمعاتنا ، حيث أن الإحصاءات والدراسات التي أجريت مؤخراً بينت أن واقع القراءة والاهتمام بالكتاب في الوطن العربي في تراجع ، فضلاً عن قلة عدد المكتبات المؤهلة.
 
ولعلنا نذكر أخيراً المقولة المهمة " إذا أردت أن ترى منزلة أمة من الحضارة ، وتقيس حظها من الثقافة ، فانظر إلى منزلة القراءة فيها ، وموضوعها من سلم اهتماماتها " .