Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Aug-2017

«ثقافة العيب» متى تفارق شبابنا؟ - يوسف عبدالله محمود
 
الراي - «لئن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره ويبيعها خير له من أن يسأل الناس أعطوه او منعوه»
 
حديث نبوي شريف
 
ما زالت «ثقافة العيب» تسيطر على الكثير من شبابنا، حتى من اصابوا حظاً من الثقافة والعلم. يأنفون أن يمارسوا عملاً يدوياً لا يحقق لهم «البرستيج» الذي يحلمون به! ينسى هؤلاء أن عظماء عالميين شهدت طفولتهم عذابات كثيرة. لكنهم تجاوزوها بإصرارهم على تحدّي ظروفهم المعيشية الصعبة.
 
سأمر على بعض الأسماء العربية التي لم يلد اصحابها وفي افواههم ملاعق من ذهب، ومع ذلك قهروا المستحيل وحلّقوا في سماء العلم والمال والثقافة.
 
أبدأ بالرجل «الاسطورة» طلال ابو غزالة الذي أنشأ امبراطورية من الشركات العملاقة وصلت الى العالمية. يقول عن طفولته بعد ان هُجرّت أُسرته من مدينته الفلسطينية السليبة يافا، في طفولتي كنت اجول الشوارع في بيروت أبيع «الآيس كريم» أنادي بأعلى صوتي: بوظة ستيك بوظة ستيك وذلك حتى انفق على أسرتي.
 
أما علي القرم فيعترف انه لم يكمل سوى المرحلة الابتدائية رغم تفوقه ونبوغه وذلك بسبب فقر أُسرته. ومع ذلك فقد تغرّب ونحت في الصخر حتى جمع ثروة طائلة أقام بفضلها مشاريع علمية واقتصادية يُشار لها بالبنان.
 
وأما طبيب الأعصاب المعروف د. ابراهيم آدم فيعترف لي ان والده الذي كان يعمل موظفاً بسيطاً في أمانة عمان كان يعطيه يومياً بضعة قروش ليصل الى جامعته، وكان يوفر بعضها ليشتري دفتراً أو قلماً.
 
وهناك مفكر لبناني كبير أصبح الآن في ذمة الله هو محمد دكروب لم يكمل سوى المرحلة الابتدائية وتفرغ – كما يقول في حوار أجريته معه–لمساعدة والده في اصلاح «بوابير الكاز». لكنه بجده ونبوغه علم نفسه بنفسه متقناً اللغتين العربية والانجليزية. ومؤلفاته ودراساته التي تركها وراءه تدل على مكانته الرفيعة في عالم الأدب والفكر.
 
هؤلاء الذين مررت على أسمائهم في عجالة وغيرهم كثير، تحدّوا «ثقافة العيب» بالعزيمة والاصرار إلى أن سجلوا بصمة واضحة، كل في مجاله.
 
ما اوحى اليّ بكتابة هذا المقال ما سمعته من صديق يمتلك هنا شركة لتنقية المياه. له ولد أنهى دراسته الجامعية، فطلب اليه والده ان يساعده في العمل، فقال له: هل علمتني في الجامعة لأعمل «موسرجياً». بالطبع رد عليه والده قائلاً: يا ولدي دعك من ثقافة العيب كن واقعياً في الحياة.
 
العمل –اي عمل شريف- ليس عيباً.
 
في أوروبا وأمريكا لا يعرفون «ثقافة العيب». عظماء ومشاهير في السياسة والاقتصاد كانوا باعة متجولين في طفولتهم لم تستفزهم «ثقافة العيب» كما تستفز اليوم شبابنا.
 
إنني انحني بإجلال لكل اصحاب القامات الذين تحدوا ثقافة العين فانجزوا ما انجزوه من سمعة شهيرة بجدهم واجتهادهم.
 
«ثقافة العيب» ينبغي ان تنتهي. لا يجوز ان تظل مهيمنة على شبابنا، «مركب النقص» هذا يجب ان يفارقهم. عليهم الا ينسحبوا من الحياة اذا لم تستجب الحياة لمطالبهم.
 
«ثقافة العيب» لا تتم ممارستها الا في المجتمعات المتأخرة. دعونا نحارب هذه الثقافة.