Monday 6th of January 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Jan-2025

مستقبل غزة، والسلطة الفلسطينية العاجزة

 الغد

كزافييه غينيار* - (أوريان 21) 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024
 
أمام حجم الدمار البشري والمادي الذي لحق بغزة، التي أصبحت عمليًا غير صالحة للسكن، تشتد الحاجة إلى حلول سياسية تلوّح بها العديد من الدول مع تورط إسرائيل في حرب لا نهاية لها. ومن بين الحلول المطروحة، بالإضافة إلى إعادة إطلاق عملية التفاوض، كثيراً ما تُطرح فكرة عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة بعد أن ظل القطاع خارجاً عن سيطرتها منذ 2007. لكن هذا الحل غير عملي على الإطلاق.
 
 
أُنشئت السلطة الفلسطينية في أيار (مايو) 1994 بموجب ما يسمى باتفاق "غزة-أريحا"، أو "أوسلو 1"، الذي حدد صلاحيات "السلطة" بتحقيق مفهوم الحكم الذاتي والمؤقت. وتم في الاتفاق تحديد فترة خمس سنوات -أي حتى 4 أيار (مايو) 1999- لتمكين الأطراف من إحراز تقدم في المفاوضات والتقرير بشأن الوضع النهائي للسلطة الفلسطينية. لكن جميع القضايا الحساسة (إقامة الدولة، وضع القدس، ترسيم الحدود، حق العودة للاجئين، المستوطنات، وتقاسم الموارد الطبيعية وما إلى ذلك) تم تأجيلها عمداً. وفي غياب التوصل إلى الاتفاق النهائي، أصبحت حكومة الحكم الذاتي المؤقتة هذه دائمة، من دون أن يؤدي وجودها مع ذلك إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة التي أنشئت من أجلها.
خمس سنوات أصبحت ثلاثين سنة لسلطة بلا سيادة؛ وأربع سنوات ستصبح قريبًا عشرين سنة لرئيس للسلطة بلا شرعية. كان قد تم انتخاب محمود عباس، الذي كان رئيس الوزراء سابقًا لياسر عرفات وعضو حركة "فتح" في كانون الثاني (يناير) 2005، لولاية مدتها أربع سنوات، وتم تمديدها إلى أجل غير مسمى إلى أن يتم تنظيم انتخابات جديدة تم تأجيلها باستمرار. وقبل هجمات "حماس" في 7 تشرين الأول  (أكتوبر) 2023 بوقت طويل، كان الفلسطينيون في الأراضي المحتلة يعانون من سلسلة من الأزمات السياسية المتلاحقة: الانقسام الفلسطيني منذ العام 2007؛ إلغاء الانتخابات؛ تفاقم النزعة التسلطية؛ استمرار وتعزيز الاستعمار وحصار غزة؛ وأخيراً التهميش الإقليمي للقضية الفلسطينية. كيف يمكننا إذن تصور أن إحدى المشاكل الرئيسية في الحياة السياسية في الأراضي الفلسطينية -ديمومة السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي- يمكن أن تجسد الحل المناسب عندما سيتوقف أخيراً تدمير غزة؟
عن أي سلطة نتحدث؟
يشكل ما نسميه عادة "اتفاق أوسلو"، في الواقع، سلسلة من الاتفاقيات التي لم تسمح أبدًا بإنشاء دولة فلسطينية. وبدلًا من أن تحل محل الإدارة العسكرية الإسرائيلية للأراضي المحتلة، أصبحت السلطة الفلسطينية مضافة إليها في الواقع.
عملياً، لا يشكل الحكم الذاتي غرفة انتظار للسيادة، بل هو بديلها الأسوأ. من ناحية، حصلت السلطة الفلسطينية على الحق في إنشاء هيئات من الموظفين وممارسة نفوذها على سكان الأراضي المحتلة. ومن ناحية أخرى، تسهم إسرائيل منذ ثلاثة عقود في الإبقاء على وجود إدارة فلسطينية غير قادرة على إحباط طموحاتها الاستعمارية.
 
 
بعيدًا عن تقسيم الأراضي، وضعت اتفاقيات أوسلو أسس العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والتي ما تزال مستمرة حتى يومنا هذا. وهي علاقة تقوم أساسًا على ركيزتين: التعاون الأمني؛ والتبعية الاقتصادية. منذ احتلال الأراضي الفلسطينية في العام 1967، تسيطر إسرائيل على النشاط الاقتصادي الفلسطيني. ويتم الإبقاء على الأراضي المحتلة في دور المناول، وهي تمتص فائض الإنتاج الإسرائيلي.
ما يزال "التعاون الأمني" تعبيرًا يحتل مكانة مهمة في النقاش العام، لدرجة أن السلطة الفلسطينية تهدد بانتظام بتعليقه عندما تريد التعبير عن رفضها للسياسة الإسرائيلية، من دون أن يكون لذلك تأثير يذكر. ومن المؤكد أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي تضاعفت صفوفها بعد الانقسام بين غزة والضفة الغربية، كثيرة، ولكنها في الضفة الغربية رهينة للإرادة الإسرائيلية. في الواقع، تحظر "أوسلو" على السلطة الفلسطينية تشكيل جيش، لكنها تتيح تشكيل قوة شرطة تتمتع بصلاحيات وسلطات واسعة.
وظفت قوات الأمن الفلسطينية، التي تستحوذ على ثلث ميزانية السلطة الفلسطينية، أكثر من 85 ألف شخص عند نهاية العام 2010 (هناك عنصر أمن واحد لكل 48 فلسطينيًا مقارنةً بعنصر واحد لكل 384 أميركيًا). ولم يقتصر هذا النمو على توظيف المحاربين الفلسطينيين القدامى فحسب، بل سمح أيضًا بمماسة مراقبة وثيقة على السكان والمعارضين. وهكذا تستفيد إسرائيل من حماية توفرها لها قوة فلسطينية مساعدة بتكلفة أقل، بينما تعزز السلطة الفلسطينية سلطتها من خلال الاعتماد على المعلومات الاستخبارية التي تقدمها لها إسرائيل.
نحو دفعة احتجاجية
بعد أزمة 2006-2007 التي أدت إلى التقسيم المؤسساتي للمناطق الفلسطينية، بوجود حكومة تهيمن عليها "حماس" في قطاع غزة وأخرى تسيطر عليها "فتح" في رام الله، كانت أزمة العام 2021 هي الأخطر التي عاشتها السلطة منذ وجودها. ففي بداية العام 2021، كانت الأراضي المحتلة تستعد لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، علماً أن الانتخابات الوحيدة التي أمكن إجراؤها في تلك الأثناء هي الانتخابات البلدية (2012، 2017، 2019 و2021) التي كانت بمثابة إخفاق ديمقراطي ذريع، حيث انخفاض نسبة المشاركة، والتزوير الانتخابي، والمناورات في عرض النتائج: كان الهدف هو التغطية على تراجع شعبية حركة "فتح" في الضفة الغربية.
لطالما كانت المصالحة الوطنية الفلسطينية، وإجراء انتخابات لتنشيط الحياة السياسية والتمتع بطبقة حاكمة شرعية، في قلب المطالب الشعبية. وعندما أعلن محمود عباس في أيار (مايو) 2021 تأجيل الانتخابات (وهي طريقة ملتوية للإعلان عن إلغائها)، اجتاحت موجة من الاحتجاجات شوارع الضفة الغربية وقطاع غزة. واشتد القمع ضد المتظاهرين، واعتقل العديد من المعارضين، وتوفي بعضهم، مثل نزار بنات، في ظروف تركت غامضة عمداً.
في الوقت نفسه، شنت الحكومة الإسرائيلية هجومًا كبيرًا في القدس سعيًا إلى إخلاء السكان من أحياء فلسطينية عدة في القدس الشرقية (سلوان، الشيخ جراح)، وصعدت الاستفزازات والهجمات على باحات المسجد الأقصى. وبإلغاء الانتخابات، زاد عباس من حدة الاحتجاجات في الضفة الغربية، وهو ما انعكس بشكل خاص على عودة النشاط المسلح؛ أولاً في الشمال (نابلس وجنين)، ثم في الضفة الغربية بأكملها تقريبًا. وفي الوقت نفسه، أطلقت حماس عملية "سيف القدس"، وطرحت نفسها كنموذج مضاد للسلطة الفلسطينية في رام الله. ويعكس ظهور احتجاج مدني أو مسلح ضد هذه السلطة الفلسطينية رغبة مشتركة في إعادة مسألة مكافحة الاحتلال والاستيطان إلى قلب اللعبة السياسية، بدلاً من السعي إلى دولة بلا سيادة.
أسطورة الحد الأدنى من "الحل السياسي"
هذا هو الإطار السياسي الذي يجب أن يتم فيه تقييم جدوى اقتراح السلطة الفلسطينية كحل سياسي للمأساة في غزة. بعد هجمات "حماس" على القواعد العسكرية والكيبوتسات في إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، ثم قصف الجيش الإسرائيلي لغزة، ظل الرئيس الفلسطيني صامتًا تقريبًا. ويؤكد غيابه أن غزة، التي لم يزرها منذ العام 2006، أصبحت بمثابة أرض أجنبية بالنسبة له.
وفي لفتة، بالكاد تم التعليق عليها في الضفة الغربية لأنها بدت مثيرة للسخرية، أعلن محمود عباس عن تعديل حكومي في نهاية آذار (مارس) 2024، مدعياً أنه يقدم بذلك استجابة، وإن كانت متأخرة وخجولة، لمطالب العام 2021، من دون المرور بصناديق الاقتراع ومن دون استيعاب حجم المأساة الجارية منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2023. صحيح أن حكومة التكنوقراط تحاول منح مكانة مميزة لشخصيات غزية، إلا أنها لا تمثل كل التيارات الفلسطينية. وقد أوكلت حكومة محمد مصطفى إلى نفسها مهمة العمل من أجل وقف إطلاق النار في غزة، على الرغم من أنه لا حيلة لها بهذا الشأن؛ والتفكير في إعادة إعمار القطاع الذي لم يتحدد بعد حجم الدمار الذي لحق به.
 
 
في الضفة الغربية، لا تمتلك هذه الحكومة الجديدة، شأنها شأن الحكومة السابقة، الوسائل اللازمة لمواجهة الاحتجاجات المتصاعدة والزيادة الهائلة في أعمال العنف التي ينفذها المستوطنون والجيش الإسرائيلي. ويقتصر عملها بخصوص غزة على دور المراقب للمحادثات التي تجري برعاية قطر ومصر. وبغض النظر عن حسن نية وزرائها، فإن هذه الحكومة العاجزة هي موضوع انتقادات شديدة، حيث يرى معارضوها في الخطط المتتالية لترسيخ وجودها في غزة وسيلة لحركة "فتح" للانتقام من "حماس" التي طردتها منها في العام 2007 -خاصة أن قادتها يتظاهرون بأنهم لا يدركون أن الحل السياسي الذي يأملون في تحقيقه يتطلب التخلي عن منطق "أوسلو" الذي استُبدل مطلب الاستقلال بحكم ذاتي مقيد للغاية.
تحديات الانقسام الفلسطيني
في 18 تموز (يوليو) 2024، صوت البرلمان الإسرائيلي بأغلبية ساحقة (68 صوتًا مقابل 9) على معارضة إقامة دولة فلسطينية، حتى من خلال حل تفاوضي. ويعكس هذا التصويت إجماعاً إسرائيلياً عابراً للأحزاب، ولا يبشر بخير بالنسبة للطموحات المنسوبة إلى السلطة الفلسطينية. كان العائق الأول أمام تأسيس سلطة على الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة في واقع الأمر هو رغبة إسرائيل في تبديد أي أمل في أن يكون الاستقلال الفلسطيني حلاً قابلاً للتطبيق. ويقترن هذا التصويت الإسرائيلي بحملة يدعمها بعض الوزراء وحركات المستوطنين لإعادة الاستيطان في غزة. وتتمثل فكرتهم في تضخيم التهجير القسري للسكان الفلسطينيين الجاري بالفعل لضم أراضٍ جديدة.
أبعد من ذلك، يترتب على السلطة أن تنجح في معارضة خلق وضع استثنائي لقطاع غزة. فبعد الانسحاب أحادي الجانب من المستوطنات في العام 2005 (وفي سياق الاحتلال غير المباشر، من خلال السيطرة الكاملة على منافذ الوصول إلى القطاع)، ثم الانقسام الداخلي الفلسطيني في العام 2007، عززت إسرائيل رؤية أمنية حصرية للقطاع. وعلى الرغم من أن السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 سلط الضوء على جميع الثغرات التي تنطوي عليها هذه المقاربة، إلا أن هذه العقيدة نفسها ما تزال في قلب الطموحات الإسرائيلية: تقسيم قطاع غزة من خلال إنشاء منطقة عسكرية على حوالي ثلث الأراضي تقريبًا؛ والإبقاء على قوة غير فلسطينية لضمان أمن الثلثين المتبقيين، بالتعاون مع بعض الحلفاء الإقليميين.
في هذا السياق يُذكر اسم محمد دحلان، على الرغم أنه لا يتحدث باسمه عن الموضوع. ودحلان هو المدير السابق للأمن الوقائي في غزة، وكان قد قاد معركة شرسة ضد حماس. وبعد اتهامات بالفساد، طردته حركة "فتح" وأُجبر على العيش في المنفى في العام 2011. وبعد أن أصبح مستشارا لمحمد بن زايد؛ رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبح يقيم علاقات جيدة مع السلطات الإسرائيلية والمصرية والأميركية، وهو ما يبرر -في رأي البعض- أن يكون الرجل القوي الجديد في قطاع غزة، الذي أصبح يُختزل في بعده الأمني. ومن شأن خطة كهذه أن تفاقم الانقسام الفلسطيني الذي كان، إلى جانب التعاون الأمني مع إسرائيل، الأساس الآخر للاحتجاج الفلسطيني منذ نحو عقدين من الزمن.
وهناك أيضاً مسألة تمويل إعادة إعمار القطاع، التي تقول بعض تقديرات الأمم المتحدة إنها تتطلب 100 مليار دولار على مدى عقدين. وعلى الرغم من اهتمام السلطة الفلسطينية بقيادة هذه العملية، إلا أنها لا تملك الموارد اللازمة، ما سيضطرها إلى الاعتماد على المانحين الخارجيين.
تقوم خطط إعادة إعمار غزة بشكل منهجي على فكرة أن دول الخليج، بقيادة المملكة العربية السعودية، ستوافق على المساهمة فيها بشكل كبير. غير أن هذه الدول ظلت تكرر أن عهد التمويل من دون مقابل (في لبنان كما في فلسطين) قد انتهى. وما لم تكن عملية إعادة الإعمار جزءاً من عملية سياسية تهدف إلى إنشاء دولة فلسطين المستقلة، فإن هذه الدول أعلنت بالفعل عن فك ارتباطها به.
الحكم، التمثيل، والمقاومة
أخيراً، على مدى عقود، اتسم المشهد السياسي الفلسطيني في الأراضي المحتلة وفي المنفى بتباين الاهتمامات، وهو ما تم التعبير عنه بشكل أكثر وضوحاً بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر). وتتعايش هنا ثلاثة شعارات يشكل اندماجها ضرورة لأي مشروع فلسطيني: الحكم، والتمثيل، والمقاومة. وترتبط مسألة الحكومة ارتباطاً جوهرياً بشرعيتها، سواء كانت تعبيراً عن توافق وطني حول شخصيات سياسية توافقية أو ناتجة عن صناديق الاقتراع. وقد تجسدت مسألة التمثيل على مدى عقدين تقريبًا في المصالحة بين الحزبين المتعاديين -"فتح" و"حماس"- وانضمام حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" الفلسطينيتين إلى "منظمة التحرير الفلسطينية".
حتى الآن، لم تُكلل المناقشات بين الفلسطينيين التي تمت في موسكو وبكين في العام 2024 حول مستقبل "منظمة التحرير الفلسطينية" بالنجاح. ومن دون إحراز تقدم ملموس في هذا المجال، يمكن أن تتشكل مبادرات متنافسة لتجسيد صوت فلسطيني متجدد، على غرار الطموح الذي يحمله النائب الإسرائيلي/ الفلسطيني السابق، عزمي بشارة، لتشكيل بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية يجمع بضع مئات من الشخصيات الفلسطينية الجديدة من الأراضي المحتلة والشتات لحمل القضية الفلسطينية خارج الحدود ومن دون الخضوع لإرادة السلطة في رام الله.
 
 
تجري هذه المناقشات حول مستقبل السلطة كما لو أن مسألة خلافة محمود عباس (الذي سيبلغ من العمر قريباً 89 عاماً، ليكون ثاني أكبر رئيس دولة سنًا بعد بول بيا) لم تعد مطروحة. لكنها مسألة تقع في صلب رهان الانتخابات وإعادة صياغة السلطة في رام الله، ما دام عباس يجمع بين قبعات زعيم "فتح" ومنظمة التحرير، ورئاسة السلطة. وقد أصدر عباس إعلاناً دستورياً بتولي رئيس المجلس الوطني مهام رئيس السلطة الفلسطينية في حال شغور المركز، وبالتالي يكون قد اختار روحي فتوح خليفة له. لكن خلافة سيئة الإعداد، فضلاً عن تحرك قطاعات "فتح" المستبعدة حتى الآن (خاصة حول مروان البرغوثي ومحمد دحلان)، قد تؤدي إلى نشوء تنافس بينها، وهو ما من شأنه أن يضعف السلطة من الداخل، في وقت يتم الرهان فيه على توطيدها.
تبقى هناك القضية الشائكة المتمثلة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والتحدي المستمر للسلطة. كان التحول الذي شهدته "حماس" في السنوات الأخيرة والخيارات التي اتخذت في 7 تشرين الأول (أكتوبر) هي النقيض التام للسياسة القمعية التي تنتهجها السلطة. كما أن الاستجابة لمطلب إنهاء الاحتلال، وحماية مواطنيها، وتلبية مطالبهم بالإصلاح، واحترام التزاماتها الدولية، تشكل تحديًا لا يمكن التغلب عليه.
للقيام بذلك، من الضروري التوصل إلى اتفاق مع "حماس" والفصائل المسلحة في قطاع غزة. وحتى لو لم تشارك "حماس" في الحكومة المقبلة، فإنه لا يمكن استبعادها تمامًا من المفاوضات المتعلقة بتشكيلتها وتفويضها. بعد مرور عام على بدء الحرب، ما تزال "حماس" تفرض نفسها على الساحة السياسية الفلسطينية كقوة أساسية لأي مشروع مرتبط بغزة. ويهدد استبعادها بإثارة شبح المواجهة الفلسطينية الداخلية في العام 2007.
بعيداً عن التنافس بين الأحزاب السياسية المختلفة، ينبغي من الناحية المثالية عدم استبعاد الإرادة الشعبية الفلسطينية، التي نادراً ما تتم مناقشتها. ولا ينبغي النظر إلى مشروع إنشاء سلطة فلسطينية في غزة كحل سياسي بعد وقف إطلاق النار فحسب، بل ينبغي أن يُنظر إليه في المقام الأول كمشروع وطني معاد الصياغة، قادر على الاستجابة لتطلعات الفلسطينيين.
 
*كزافييه غينيار: عالم سياسي متخصص في شؤون فلسطين. عمل بالتدريس في جامعة القدس (فلسطين)، و"معهد العلوم السياسية في باريس" Sciences Po Paris، و"جامعة باريس 1 بانتيون سوربون". وهو باحث مشارك في "مجلس الشرق الأوسط" ومدير "برنامج شمال إفريقيا - الشرق الأوسط" في "مركز أبحاث نوريا" Noria Research. ترجم المقال من الفرنسية حميد العربي.