Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Jul-2018

دفن الثورة السورية - ايال زيسر
 
إسرائيل هيوم
 
الغد- في مدينة درعا في جنوب سورية، حيث نشبت الثورة السورية قبل أكثر من سبع سنوات، أعلن في نهاية الاسبوع الماضي عن دفنها. فالثوار الذين سيطروا في المدينة وفي محيطها رفعوا علما أبيض واستسلموا لقوات بشار الأسد. منذ البداية لم يكن لهم أي أمل، في ضوء الهجمات الجوية للنظام السوري، بالاساس لحلفائه الروس.
 
ليس اقل حسما بالنسبة للثوار كانت ما وصفوه "خيانة" الولايات المتحدة. فقد تعهدت هذه في اتفاق قبل نحو نصف سنة، بضمان الامان للثوار وحمايتهم؛ اما في لحظة الحقيقة فقد فضل الأميركيون عقد صفقة مع بوتين، وترك الجيش السوري يسيطر على جنوب سورية وهضبة الجولان.
 
لقد قبلت إسرائيل بعودة الأسد إلى جدار الحدود في الجولان. فعلى أي حال ليس لديها القدرة على وقفه، الا بالتدخل العسكري، الذي امتنعت عنه حتى الآن، وعن حق. فضلا عن ذلك، فعلى مدى العقود الاربعة الاخيرة، حرص بشار وقبله أبوه، على حفظ الهدوء على الحدود. هكذا فعل أيضا عندما نشبت الحرب، وإسرائيل هاجمت في اراضيه اهدافا لإيران وحزب الله.
 
لقد انتصر الأسد في الحرب في سورية، غير ان انتصاره ناقص. فسيحتاج سنوات عديدة لاعادة تأهيل الدولة ولا سيما جيشه. ففي هذه الاثناء، يوجد مصيره في ايدي حلفائه الذين هو مدين لهم بانتصاره – روسيا وبوتين، وليس اقل من ذلك، إيران وحزب الله. يخيل أن هنا يكمن الشرك من ناحية إسرائيل: ليس الأسد قط سيعود إلى الجدار الحدودي؛ هذه المرة يوجد خلفه أيضا فروع إيران.
 
صحيح أن إسرائيل تطالب بإبعادهم عن الحدود في المرحلة الأولى، في الطريق إلى ابعادهم من سورية، ولكن مطالباتها يرد عليها في موسكو وفي واشنطن بهز الرأس وبالعطف، وليس بالتوافق وبالالتزام. العكس هو الصحيح. على كل تصريح في مثل هذا الاتجاه يأتي تصريح مضاد؛ فمثلا، تصريح وزارة الخارجية الروسية، الذي قال إن التواجد الإيراني في سورية شرعي، وليس واقعيا توقع اخلاء قواتها. يبدو إذن ان احدا لا يريد أو لا يستطيع طرد الإيرانيين – لا من الحدود ولا من سورية بشكل عام. فهم لم يستثمروا عشرات المليارات وآلاف الضحايا في سورية، فقط كي ينصرفوا منها هكذا، بناء على طلب إسرائيل.
 
ويتعاظم التحدي لإسرائيل في ضوء الميل المتبلور في أن وجهة إيران نحو مواجهة شاملة، وعلى الاقل لليْ الأيدي بالقوة والعنف مع دونالد ترامب. فقد سبق للإيرانيين أن حذروا من أنه اذا حاول الرئيس الأميركي خنقهم ومنع تصدير النفط، فإنه سيردون بالقوة وسيشلون تصدير النفط من دول الخليج العربية نحو الغرب. تهديد فظ وغير مسبوق كهذا لم يأت على لسان مسؤول صغير في الحرس الثوري، بل على لسان الرئيس روحاني، الذي يفترض أن يمثل التيار المعتدل في الدولة. غير أن الضغط الفظيع الذي يعيشه الإيرانيون، والخوف من اجراءات ترامب، ترك في ايديهم سلاح التهديدات.
 
مشكوك أن تسعى إيران حقا إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة في الخليج؛ هذا سيناريو خطير وباهظ الثمن جدا بالنسبة لها. وبالمقابل، فإن مواجهة محدودة في الجولان مع إسرائيل بمشاركة غير مباشرة من إيران، كفيلة بان تبث الرسائل الرادعة لترامب وحلفائه، والتسهيل على الإيرانيين لعقد صفقة يضمن فيها الهدوء في الجولان، إلى جانب ازالة العقوبات الاليمة التي فرضها عليهم الأميركيون.
 
ان عودة الأسد إلى الجولان لا يبشر إذن بالضرورة بعودة الهدوء إلى المنطقة. فمن شأن الإيرانيين ان يحولوا المنطقة إلى ملعب لهم، ليس فقط مع إسرائيل بل ومع أميركا أيضا، رغم ان إسرائيل تقف حاليا وحدها في جبهة المواجهة، وعليها ستلقى المهمة لوقف إيران.