Friday 13th of June 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jun-2025

لماذا أوقفت إسرائيل سفينة المساعدات إلى غزة؟

  الغد

هآرتس
بقلم: يوعنا غونين
10/6/2025
 
أي عملية جريئة هذه( مقاتلونا الأبطال نجحوا خلافا لكل التوقعات في السيطرة على السفينة التي تحمل حفنة من نشطاء السلام الأوروبيين وعدد من أكياس الطحين. "أنا أهنئ الجيش الإسرائيلي على السيطرة السريعة والواثقة"، كتب أمس وزير الدفاع ومنبع الكاريكاتير الإنساني، يسرائيل كاتس أمس. "الأمر كان يشبه عملية عنتيبة على أقل تقدير". في وسط سيل الشعارات الوطنية والنكات المبتذلة التي اطلقت أمس حول هذا الامر، كان يصعب إيجاد تفسير منطقي لقرار وقف سفينة المساعدات. ما الذي كان سيحدث لو أنه سمح لسفينة مادلين بالوصول إلى غزة؟. في نهاية المطاف كانت السفينة تحمل كمية قليلة من طعام الأطفال والطحين والأرز والحفاضات ("اقل من حمولة شاحنة مساعدات"، هكذا سخروا في وزارة الخارجية وكأن غريتا تونبيرغ وشركاءها هم المسؤولون عن تجويع القطاع). إسرائيل كانت تعرف ما الذي تحمله السفينة. ولهذا السبب بالذات منعت وصولها. هذا هو الخطر الحقيقي، ليس خرق الحصار، بل تشويه الرواية.
 
 
   ما تم إرسال الجيش لاحباطه في البحر المتوسط لا يعد اختراقا لوجستيا، بل تسللا فكريا: الإمكانية الصادمة هي أن أي أحد في أي مكان يعد الفلسطينيين بشرا يعانون، وليس وحوشا أسطورية. الحكومة اعتبرت القافلة إلى غزة " بأنها تحريض إعلامي"، وهو بحق كان محاولة يائسة ينتظرها الفشل، لإثارة الاهتمام الدولي حول المذبحة التي تحدث في غزة. وإذا قلنا إن هذا عمل رمزي فقط فهذا صحيح، هو عمل رمزي مثل نشاطات كثيرة للمقاومة، مثل الوقوف امام الدبابات في ميدان تياننمين، ومثل القبضة المرفوعة في احتفال منح الميداليات الأولمبية، ومثل رفع صور الأطفال القتلى خارج القواعد العسكرية.
إزاء التهديد الاستراتيجي لارسالية حفاضات للأطفال الفلسطينيين فإن دولة إسرائيل استلت كل المدافع الدعائية. وزارة الخارجية الصقت بسفينة المساعدات لقب "قارب السيلفي" في محاولة مثيرة للشفقة لعرض النشطاء المصممين فيها كمجموعة مؤثرين مدللين وهواة جذب الانتباه. الوزير كاتس في المقابل قرر تبني المقاربة التعليمية المجربة للبرتقالة الآلية، وأمر الجيش الإسرائيلي بعرض على النشطاء "فيلم الفظائع" لـ 7 أكتوبر. ولحسن حظه فإنه لا أحد يجبره على مشاهدة أفلام الرعب التي ترتكبها إسرائيل في غزة، ولكن ربما حان الوقت لذلك.
  سينما كابوس كاتس ترتكز إلى وهم أن النشطاء الذين عرضوا انفسهم للخطر في قافلة غزة لا يعرفون بما فيه الكفاية عن جرائم حماس. واذا فقط قمنا بحقنهم قليلا في الوريد فهم سيصبحون صهاينة يتفاخرون بصهيونيتهم. ولكن هؤلاء الأشخاص شاهدوا 7 أكتوبر، و8 أكتوبر أيضا، والـ 244 والـ 612 من أكتوبر. هم شاهدوا الجثث التي تم قصفها وهي تتناثر في الهواء، وأشخاص يحترقون في خيام النازحين، ومدن كاملة أصبحت انقاضا، وشاهدوا أطفال يموتون بسبب الجوع والمرض. خلافا للرؤية المشوهة السائدة عندنا، هم ببساطة لا يعتقدون أن قتل مئات المدنيين سيعطينا شيكا مفتوحا للقيام بالتطهير العرقي وارتكاب جرائم حرب وتدمير منفلت العقال. 
إسرائيل قامت بوقف السفينة لنفس السبب الذي ترفض فيه السماح للمراسلين الأجانب بالدخول إلى غزة، لأنها تعرف ما الذي تفعله هناك، وهي تفضل عدم تحدث العالم عن ذلك. هذه السفينة الصغيرة أصبحت خطرا على سلامة الجمهور، ليس بسبب الصناديق الصغيرة التي تحملها، بل بسبب القيم السامية التي تمثلها بروحها: الشفقة، الإنسانية، التضامن، رفض غض النظر عن الشر. الدولة التي تتمرغ في وحل ادعاء الحق وادعاء أنها الضحية، فإن هذه الأفكار هي التهديد الوجودي الحقيقي لها.