Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Nov-2017

رفقا بالأطفال في حافلات المدارس - د. فيصل غرايبة

الراي -  يلاحظ عموما تزايد حوادث السير التي تكون حافلات المدارس طرفا فيها، ويكون الأطفال من تلامذة تلك المدارس الضحية الأولى لها، ليس في العاصمة المزدحمة المترامية الأطراف وحدها ولا في المدن الرئيسية فحسب، بل عبر حدود المدن الصغيرة والبلدات التي نتجت عن تطور واتساع العديد من القرى المحيطة بمراكز المحافظات. كما أن تلك الحوادث تتصف بالفظاعة والضرر الفادح بهؤلاء التلاميذ، اذ ينجم عنها عدد من القتلى والجرحى باصابات بليغة، تفضي الى الموت لاحقا او تسبب عاهة دائمة او بتر لأعضاء، كما تلحق الضرر بتلك المركبات كانشطارها او تعطلها بشكل يؤدي لشطبها، وعدم قابليتها للتصليح والاستخدام فيما بعد.

 
يتبين بعد وقوع الحادث عادة – وللأسف–أن اي حادث من تلك الحوادث لحافلات المدارس ترد الى دواع متكررة واسباب متواترة، وكأن ما سبق من حوادث لم يتعظ به السائقون، ولم يعدل من تصرفاتهم الخاطئة في قيادة المركبة، ولم يحسن من خبرتهم في اداء النقل الآمن للتلاميذ الأطفال. فقد تكررت الأسباب الفادحة والخطيرة مثل: العبور عند سطوع الضوء الاحمر لاشارة المرور، أو التجاوز عن رتل من السيارات الأخرى بسرعة كبيرة، أو فقد السيطرة على المركبة لفرط السرعة أو تعطل الكوابح او تلفها فجأة، او عدم القدرة على تلافي خطر داهم من مركبة أخرى معترضة بصورة خاطئة.
 
ان جميع تلك الأسباب الواردة والتي يعترف بها السائق،أو يحددها رجال شرطة السير، تنم عن جهل بقواعد السير السليم من قبل بعض السائقين، او استهتار بالحركة المرورية عبر الطرقات والشوارع، او جهل بأسس القيادة الصحيحة والسليمة، بما فيها حداثة الخبرة والترخيص بالسياقة، او عدم تفقد المركبة بصورة دورية ومستمرة، بما فيها المراوغة في ترخيص المركبة او تجديد هذا الترخيص.
 
أشير هنا بانه من خلال استقصائي لظاهرة الحوادث وبالاتصالات الشخصية مع أطراف المعادلة، تبين لي أن كثيرا من حافلات المدارس المخصصة لنقل تلاميذها يلحقها الخلل الميكانيكي، ولا يقوم أصحابها باصلاحها، ويتريثون كثيرا في تغيير دواليبها المهترئة، وان المالكين والمديرين كثيرا ما يؤجلون اجراء الصيانة وتغيير القطع المعطوبة، توفيرا للمال او حتى لا تتعطل المركبة عن الخدمة يوما او يومين، كما تبين أن ادارات المدارس او أصحابها يفضلون تعيين سائقين من قليلي الخبرة في هذه المهنة، لما يترتب على ذلك من تقليص الرواتب وتوفير المال، وبالتالي زيادة حجم الربح. كما تبين ان تلك المركبات تقل اكبر عدد من الأطفال ولا تتقيد بالعدد المقرر والمسموح به باستغلال صغر حجم اجسام الأطفال في سبيل توفير عدد النقلات، وبالتالي توفير الجهد والوقود، كما ان سائقيها وتحت ضغط الوصول المبكر يعمدون الى السرعة الزائدة والتهور الفاضح والتجاوز الجائر والطرق الممنوعة والدوران الخاطئ.
 
ناهيك عن عدم الوقوف التام لاتاحة الفرصة للأطفال بصعود آمن هادئ الى الحافلة أو الهبوط منها. وكثيرا ما يحدث ان يلقى بهؤلاء الأطفال الى خارج الحافلة وسط الشارع او على الطرف الآخر المعاكس لجهة بيت اهله، وبدون الانتباه الى طبيعة السير على الشارع وخاصة تلك السيارات المارة من الجهة المقابلة، وتفاجأ بمرور طفل يركض مسرعا وبدون انتباه أو تركيز.
 
ان هذا الأمر المهم وتجنبا لتكرار مثل هذه الحوادث المفجعة المؤلمة يتطلب: وعيا زائدا لقواعد المرور وصيانة المركبات، وتمسكا باخلاقيات المهنة، وحملا لرسالة التربية والتعليم وتقديمها على مسألة الربح والخسارة والتقتير، وتجاوبا مع رقباء السير، واحتراما لحق المشاة بالعبور الآمن للشارع، والأهم من ذلك زرع البسمات على وجوه الأطفال البريئة والمحافظة على سلامتهم وتجنيبهم أي مكروه.
dfaisal77@hotmail.com