Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Nov-2017

صندوق أسود لمركباتنا - د. عبير الرحباني

 الراي - صديقي.. بحثت عنه فوجدته ينتظرني على مكتبي بين أوراقي المبعثرة فأجبرني أن أكتب اليوم عن أمور كتبت وما زالت تكتب بالوان مختلفة. فيا قلمي العزيز من اين ابدأ الكتابة، بحوادث السير التي تزداد يوما بعد يوم؟ ، ام اتسأل اين اين الخلل! بالجسور؟ بالشوارع؟ ام بالسائقين فقط ؟ ام بقوانين ادارة السير؟ ام المشاه والمارة انفسهم ؟ ومتى ستوضع تشريعات تتعلق بسلوكيات المشاة ؟ لتكون هناك معادلة متوازنة بين كلا الطرفين السائقين والمشاة ؟

ان ثمن ما يبحث عنه خبراء تحليل اسباب سقوط طائرة ما هو ذلك الجهاز الصغير الذي يعبر عن الغموض الذي يكتنف اسباب سقوطها عادة والتي لا يفصح عنها الا ذلك الجهاز المسمى بالصندوق الاسود.. فلا يوجد في الجو ما يسمى ( كروكا) المعروفة على الارض ولا يوجد رقيب سير جوي ليحلل الحادث ولا ادارة سير يوجد فقط الصندوق الاسود الذي يعتمد عليه خبراء التحليل وشركات التأمين لمعرفة المسبب والمتسبب..
 
وقد تستغربون أن اقوم بربط هذا الموضوع بما اود قوله عن حوادث السير المتعلقة بالمشاة وما تسببه هذه الظاهرة من مآسٍ اجتماعية تعود بوابلها على الافراد والاسر ليس فقط التي فقدت احد افرادها، بل على الاسر التي تبتلي بمثل تلك المصائب من وفاة او التسبب باعاقة احد المشاة او المارة ويكون السائق مظلوما وبريئا منها. فلماذا يوضع اللوم دائماً وابدأ على السائق سواء اكان سائقا لمركبة عمومية او خصوصية ولا يوضع اللوم على المشاة والمارة في الشوارع ؟ لماذا يوضع اللوم على السائق اذا تسبب بوفاة احد الاشخاص دهسا ولا يوضع اللوم على المرأة ( الام ) التي تترك اطفالها في شارعٍ تعلم انه مخصص للسيارات والمركبات وليس للعب واللهو؟ او يوضع اللوم على الاشخاص المارة اللامبالين بخطورة الشوارع ؟
 
فأنا مع ان يطالب السائق بالتقيد بتعليمات مديرية الامن العام والقوانين ولكن على ان لا يتهم دائماً بغياب ثقافة الامن والسلامة المرورية بخاصة عند وقوع حادث هو منه بريء، ولا يوجه ذلك اللوم للمشاة والمارة الذين يفتقدون الثقافة المرورية؟ فما ذنب السائق عندما يندفع طفل من امام سيارته بقطع الشارع بصورة فجائية ؟ وما ذنب السائق حين يُبتلى وبخاصة مع تلك الشريحة من المجتمع التي باتت تتعامل بالطرق الكيدية والابتزازية بهدف كسب المال؟ فهناك الكثير من القصص المؤلمة حين يبتلى احد السائقين بمصائب كهذه ويطالب بدفع اموال باهظة تكون فوق طاقته وفوق كرامته تصل الى حد الذل وضياع مستقبله ومستقبل اسرته ويبقى مديونا طوال العمر نتيجة تسببه في حادث سير ادى لاعاقة او وفاة احدهم وهو لا ذنب له وتأتيه المصائب من حيث لا يدري..
 
بحيث اصبح معظم المشاة والمارة في الشوارع غير مبالين بأهمية الشارات المرورية وبأهمية التعليمات والانظمة، يقطعون الشوارع والشارات خضراء يتسولون بين السيارات غير مبالين بخطورة الامر، يقطعون الشارع من بين الاشجار المزروعة على الارصفة بخاصة في اوقات المساء في وقت يدركون مدى سرعة السيارات القادمة اليهم، يقطعون الشوارع في الوقت الذي بإمكانهم ان يصعدوا جسر المشاة الذي لا يبعد عنهم سوى امتار قليلة.
 
فعلى الرغم من الجهود المباركة التي تقوم بها مديرية الامن العام وادارة السير في الوصول الى طرق لمعالجة الاختلالات بفضل القيادة الهاشمية الا ان هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتقها ومن الضروري ان يكون لها دور في مجال التحذير والتوعية المرورية ليس فقط للسائقين فحسب بل وللمشاة ايضاً. كما من الضروري ان يكون للاعلام دور كبير في مجال التوعية والتحذير وتقديم النصح والارشاد للمشاة. واعتقد باننا بحاجة ماسة الان ان يكون هناك منظومات قيمية جديدة ليست فقط للسائقين حول التوعية المرورية وسلوكيات القيادة واخلاقياتها، بل ان يكون هناك توعية مرورية لجميع افراد المجتمع كبارا وصغارا تبدأها الاسرة اولا ثم المدارس والجامعات والتي تستدعي في ظل هذا الواقع المؤلم ادراج موضوع السلامة المرورية في مناهجها حتى يشعر الطالب باهمية هذه القضية وبانه شريك رئيس للحد من هذه الظاهرة التي باتت مصدر قلق للجميع..
 
وفي هذا الاطار ونتيجة للحوادث المرورية التي نشهدها كل يوم من دهس وحالات خطيرة نتيجة إما جهل المشاة او استهتارهم بالطرق وكيفية التعامل مع الشارع ، او نتيجة التجاهل عن قصد غير مكترثين لاشارات المرور ولا للمركبات والسيارات المسرعة.. الامر الذي يستدعي وضع تشريعات وقوانين خاصة بالمشاة والمارة وتشريعات تتعلق بالسلوكيات الاخلاقية التي يسلكها الافراد في الشوارع..
واعتقد ان القضاء له دور كبير في وضع مشروع قانون يحمي لا يحمي المشاة فحسب، بل السائق ايضا وبخاصة حمايتهم من تلك الشريحة التي تعمل على كيدهم وابتزازهم والشريحة التي تستهين بالشارع والشارات المرورية خاصة ان كان السائق (انثى) لتكون المعادلة متوازنة في تشريعاتها بين كلا الطرفين.. فكم كنت اتمنى وجود صندوق اسود يوضع في كل مركبة وسيارة لعله يكشف لنا الحقائق الغامضة لكل حادث مروري خاصة عندما يكون السائق مظلوما وبريئا.. فهل سيأتي يوم نجد صندوقا اسود داخل كل مركبة وسيارة يقوم بكشف وتحليل اللحظات الاولى والاخيرة قبل وقوع أي حادث مروري ؟