Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Feb-2019

المحافظون عائدون بعد الرزاز* ماهر أبو طير

 الغد

الهجمة الكبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي ضد رئيس الوزراء بسبب التعيينات الأخيرة، ليست غريبة، أبدا، لأن السبب فيها يعود الى ان الغالبية العظمى من المواطنين الذين راهنوا سابقا على الرئيس الرزاز باعتباره مختلفا، تم خذلانهم فعليا. 
كل الأردن يعرف ان التعيينات في الأردن تجري بذات الطريقة، أساسا، وكل رؤساء الحكومات لا يعرفون الشفافية، ولا معايير لديهم في اغلب الحالات، من طريقة تعيين الوزراء عبر التوصيات والعلاقات والواسطات ، مرورا بتسهيل الطريق لهذا المرشح او ذاك ليصبح نائبا، وصولا الى تعيين السفراء، او المدراء، وغيرهم.
ما من كرسي في الأردن، الا تحته واسطة، وفي حالات محددة إذا تنافس شخصان يمتلكان نفس المؤهلات، والخبرات، فإن الحسم يكون للعلاقات الشخصية، او التدخلات، والتوصيات.
الأردنيون يعرفون القصة، بل اننا نمارسها أيضا، في حياتنا، وما من واحد فينا الا وتورط في حالة شبيهة، وان اقل قدرا، فأنت إذا اردت نقل شقيقك من مدرسة تبحث عن متنفذ ليساعدك، واذا اردت تخفيض تقديرات ضريبة الدخل، تبحث عن واسطة، واذا اردت ان يخرج احدهم من السجن بعفو خاص، تبحث عن نائب يحرج الوزير المختص، واذا اردت ان تصبح رئيسا لجامعة عليك مع كفاءتك ان تبحث عن رافعة لرفعك وإنزالك على موقعك.
هذا يعني ان الكل يمارس ذات الطريقة، بمن فيهم كل رؤساء الحكومات في الأردن، الذين أتحدى أغلبهم ان يثبتوا ان كل تعييناتهم كانت فقط على أساس الكفاءة.
بما ان الكل يدرك ان الحسم ليس للكفاءة، ولا عدالة، ولا شفافية، وان كل هذه شعارات للاستهلاك اليومي، فلماذا غضبوا اذا، بطريقة مختلفة، إزاء تورط الحكومة الحالية بممارسات تورطت فيها حكومات سابقة، ويتورط فيها الافراد، أيضا؟
السبب كما اشرت سابقا يعود الى الشعور بالخذلان، لان كثرة راهنت على رئيس الحكومة، واعتقدت انه سوف يكون مختلفا امام ما يقوله ويتبناه، وامام ارشيفه السابق قبل ان يصبح رئيسا للحكومة، وانه لن يقبل ان يوقع على تعيينات بهذه الطريقة، مع الإقرار هنا، ان بعض الذين تم تعيينهم هم كفاءات مهمة، لكن صلتهم بالنواب، جلبت شبهة القربى لهذه التعيينات.
رسم رئيس الحكومة صورته في البدايات وفقا لطريقة محددة بنى فيها شعبيته تدريجيا، وكان النموذج الأكثر حساسية، كون عمان لا تريد العودة الى وصفة الرؤساء المحافظين، ولا تريد من جديد وصفة الرؤساء الليبراليين، ووجدت في الرزاز شخصية وسطى تمزج المدرستين معا، وهذا ما ظهر به الرزاز مرارا، من حيث انحيازاته في صناعة الصورة للناس وللفقراء وغيرهم، ومن حيث فهمه أيضا لأهمية التطوير والعصرنة، وصاغ طريقا بين كل هذه الاتجاهات، مركزا في صورته على نزاهته الشخصية، ونظافة يده.
لكن لسبب او آخر، سرعان ما لحقت الحكومة بسابقاتها، سواء بسبب أخطاء الرئيس، او خضوعه للضغوطات، او حتى اضطراره للتسويات السياسية داخل البرلمان او خارجه، او غيرها من الأمور، فظهر كغيره، وكل العوامل السابقة، مع الأخطاء الكبرى، أدت الى هذه الحالة، التي يمكن وصفها بالخذلان العام.
انا لا ادافع عن رئيس الحكومة، ولا ابرر له، لكنني أقول بصراحة، ان حكومته وبسبب تعيين اشقاء نواب، حتى لو كانوا كفاءات، دخلت المرحلة الأصعب هذه الأيام، اذ فقدت الغطاء الشعبي، فيما الحماية العليا باتت مشروطة وليس ادل على ذلك من التوجيهات التي تمت بشأن التعيينات الأخيرة.
قد يخسر الرزاز شعبيته، وقد يخرج يوما ما من موقعه، لكن الضرر الأكبر لم يكن شخصيا، بل تنزل على النموذج، بحيث لا يكون بعده أي حل الا العودة للمحافظين فقط، وهذا ما تحاول الدولة تجنبه حتى الآن، وتحاول قوى أخرى جعله الحل الوحيد، مع اقرارنا هنا ان سجل المحافظين لا يختلف كثيرا عن غيرهم، لكنها ترسيمات القوى في الأردن وصراعها الذي لا ينتهي.