Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Nov-2017

حتّى يكون الوطن جميلاً وآمناً - د. صلاح جرّار

 الراي - كنت أتابع برنامجاً على قناة الأولى المغربية عن صناعات الصوف في مدينة وجدة، وكانت سيّدة عجوز تعمل بجدّ في صناعة السجّاد وتنظيفه وزخرفته وتزيينه، حين سألها الصحفيّ الذي كان يعدّ تقريراً عن تلك الصناعة: لماذا تقومين بكلّ هذا الجهد؟ فأجابت بتلقائية وسعادة: حتّى يأتي عملي جميلاً ويكون الوطن جميلاً أيضاً.

أدهشتني إجابة هذه السيّدة العجوز الكادحة المخلصة في عملها، لأنّ إجابتها كانت تعبّر عن عمق
انتمائها لوطنها وتنطوي على فكرة جميلة عميقة مفادها أنّ الإخلاص في العمل يؤدي إلى إتقانه، وأنّ إتقانه يعني جودته، وأنّ جودته تعني جماله، وأنّ جمال الإنتاج يعكس جمال الوطن. لكنّ هذه السيّدة المنتمية لوطنها بصدقٍ وعفويّة عبّرت عن هذه الفكرة باختصار شديد وكلمات قليلة وسهلة.
 
إنّ الصدق في العمل والتفاني فيه والإخلاص له والسعي إلى إتقانه إلى أقصى درجات الإتقان من المؤكد أنه يجعل من المنتج الوطني أيّاً كان مجاله، موضعاً للثقة والاحترام ويزداد عليه الطلب في الداخل والخارج، وأمّا عدم الإخلاص في العمل وعدم السعي إلى إتقانه وتجويده والارتقاء به، فإنّه يؤدّي إلى منتج وطني يتّسم بالرداءة و الضعف وعدم الرواج، ويعطي عن المجتمع صورة سلبيّة عنوانها الغشّ والتقصير وضعف الهمّة وغياب الوفاء والإخلاص، وتظهر صورة الوطن بشعة ومشوّهة ومنفّرة وطاردة.
 
إنّ تفشّي الغشّ في أيّ مجتمع هو مؤشّر على عدم الانتماء، وهو ليس إساءة للمواطنين الذين يتعامل معهم الشخص الغشّاش فقط، بل هو أيضاً إساءة إلى الوطن وصورته وتقصير في حقّه وتشويه لصورته في الداخل والخارج، وعاملٌ من عوامل فقدان الثقة بين الناس وإشاعة روح التذمّر والشكوى والتبرّم والعنف.
 
إنّ أقصر طريق لتحسين صورة الوطن والمجتمع في الخارج هي الإخلاص في العمل وإتقانه عملاً بالحديث النبوي الشريف: إنّ االله يحبّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه، والابتعاد عن التقصير في العمل أو الإهمال فيه.
 
كما أن أقصر طريق لضمان الأمن الاجتماعي ونشر المحبة والألفة والطمأنينة بين الناس هي الابتعاد عن الغشّ بكل صوره وأشكاله وإتقان العمل وإجادته والسعي إلى الارتقاء به إلى أقصى درجة من الكمال والدقة.
 
salahjarrar@hotmail.com